أنت تستطيع.. ما دمت تريد!

تنمية بشرية
طبوغرافي

د. عادل زيدان
محاضر دولي وخبير التنمية البشرية

عادل زيدان

إلى كل راغب في الشفاء من الأمراض والأوجاع أين ثقتك في "وإذا مرضت فهو يشقين" وأين بذلك لجهد التداوي والصبر على مر الدواء ؟

كثير من الناس يعلقون أمور حياتهم على أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان وإذا واجهتهم بتقصيرهم قالوا بفم مملوء قدر الله وما شاء فعل فهذا قضاء الله وقدره !

ونفس هؤلاء الكثرة من الناس إذا حققوا نجاحا نسبوه لاجتهادهم ودقة أدائهم وروعة أسلوبهم وكلا الأمرين عندي يحتاجان إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة ووضع النقاط أعلى الحروف ليصح النصق ويسلم الأمر من اللحن كما يقول علماء اللغة.

لقد خلق الله الإنسان ومنحه القدرة على إعمار الكون وتحقيق معنى العبودية الكاملة لله وحده ومن هنا أعطاه القوة الخارقة اللازمة لهذا الأمر العظيم ألا وهي قوة الإرادة والتي معها تتحقق الاستطاعة وزوده من أجل هذا بالعقل المميز لإرادته عن إرادة الحيوان والقادر على التفكير والتحليل والاستقراء وربط النتائج والاستفادة من الماضي والتخطيط للمستقبل.

ولذا فإرادة الإنسان سر من أسرار وجوده ينبغي على كل عاقل أن يمتلكها ويحسن توظيفها بما يحقق أهدافه ويرضي ربه ولهذا كان عدو الإنسان الأول وهو الشيطان ضد إحياء هذه الإرادة ويعمل جاهدا على إماتتها داخل الإنسان وإن عجز فلا يكل أن يعمل على إخمادها وإفشالها وإصابتها بالأمراض ليضعفها ويجعلها تفقد هويتها وتتبع الهوى بما فيه من لذة مؤقتة ومتعة بالكسل والخمول وعدم تحمل المسئولية لفقدان المعنى الحقيقي للحياة.

وما أروع المثال الراقي والدرس العميق الذي ذكره الله وعلمنا إياه في كتابه العزيز إذ يأمر مريم عليها السلام وهي في آلام حملها وضعفها الطبيعي أن تهز بجذع النخلة.... (( وهزي إليك بجذع النخلة... )) نعم إذا كنت ترغبين في الحياة...إذا كنت تملكين الرغبة في إكمال رسالتك في الحياة لابد أن تمتلكي الإرادة وبذل الجهد وأنت إذ تفعلين هذا تؤكدين على معنى عبوديتك ببذل الجهد وحسن الظن في الخالق سبحانه فلا يعجزه شيء

ونفس الدرس الراقي والرائع جدا حينما تريد أمة من الأمم أن تحيا بكرامة ويحكمهم ملك يحيي فيهم قوة الإرادة التي معها يتحقق المستحيل إنه درس الملك الواعي لكيفية بعث الأمم لتحيا بكرامة درس ذي النون في سورة الكهف إذ يقول لأمته إن الحياة الكريمة هي إرادة لكم وبذل جهد منكم ولابد أن تشمروا سواعد الجد وتبذروا حبوب القوة والعزة لتحصدوا ثمار الكرامة والحياة الطيبة كل هذا تجده ماثلا في قوله الموجز والرائع (( فأعينوني بقوة.... )) نعم أعينوني بإرادة قوية وبذل جهد حقيقي يتحقق لكم ما تريدون

فإلى كل راغب في رضا الله والفوز بجنته أين إرادتك في التصدي للهوى والشيطان ؟ أين إرادتك في حمل نفسك على طاعة ربك والبعد عن معصيته ؟

وإلى كل راغب في النجاح والتميز أين إرادتك في امتلاك الرؤية الواضحة لما تريد وحسن التخطيط وبذل الجهد كمقدمة طبيعية لانتظار النتائج الطيبة ؟ أم أنك ترغب في الوصول إلى النتائج دون بذل أي جهد في المعطيات 
وإلى كل راغب في الشفاء من الأمراض والأوجاع أين ثقتك في وإذا مرضت فهو يشقين وأين بذلك لجهد التداوي والصبر على مر الدواء ؟ هل تعلم أن كثيرا من الأطباء قد قرروا لكثير من المرضى أن لا شفاء ولكن مرضاهم كانوا أكثر إرادة في الحياة وأكثر قوة وأكثر ثقة وإيمانا بما عند الله فتحدوا المرض ولم يعيشوا واقع واهم أراده الناس وربطوا إرادتهم بخالقهم وعملوا جاهدين على التمسك بالحياة فهزموا أمراضهم وأكملوا حياتهم وسط تعجب المحيطين بهم !
يا كل الناس إرادتكم سر قوتكم فامتلكوها واجعلوها في طاعة ربكم يتحقق لكم ما يفوق توقعكم.