انتشرت فى السنوات الأخيرة ظاهرة بيع الشهادات المزورة ( الماستر والمينى ماستر والدكتوراه ) بشكل غير مسبوق وأصبح تجارة مربحة، لها أسواق وتجار وسماسرة وجمهور كبير من راغبى " الوجاهة الاجتماعية" والباحثين عن "البريستيج" وهذا بجوار من فاتهم قطار التعليم من حاملي الإعدادية والدبلومات،وساعد التطور التكنولوجي على انتشار هذا الظاهرة المخيفة، وانتشرت مواقع وهمية للجامعات الدولية على الإنترنت تبيع الشهادات ويؤكد القائمون على هذه المواقع أن شهاداتهم معتمدة من تلك الجامعات كما يمكن توثيقها من الجهات الرسمية ( وزارة الخارجية وبعض الجامعات المعروفة )،ونقرأ كل فترة القبض " نصابين " وبائعى الوهم للباحثين عن الشهادات حتى أن الشرطة الكويتية قبضت على أحد هؤلاء ولقبوه بـ " امبراطور الشهادات المزورة " واعترف أمام القضاء بقيامه بتزوير وبيع 600 شهادة وربح 3 مليون ريال كويتي،كان يبع الشهادة الواحدة بـ 4500 ريال وأيضا منذ فترة نشرت صحيفة أمريكية قائمة بأسماء ما يقارب من 10 آلاف شخص حصلوا على شهادات مزورة من الولايات المتحدة من بينهم 180 خليجيا، وانتشرت الآونة الأخيرة الألقاب والمسميات العلمية بشكل بشع،فتجد سائق التاكسى أو النقاش أو حاصل على دبلوم ويحمل عشرات الكارنيهات، مستشار تحكيم دولى ومحاضر دولى و ومدرب وخبير فى التنمية البشرية، قامت جريدة الفتح بالبحث والتنقيب عن حقيقة الشهادات المزعومة ومن يقف وراءها ومن الجمهور واسمعنا لرأى الدين والشرع والرأي القانوني وما عقوبة هذه الجريمة إذا ثبت تزوير الشهادات وسألنا بعض المتخصصين...
يؤكد الدكتور خالد الحارثي المستشار الاجتماعي أن السبب وراء الحصول على مثل هذه الشهادات هو ( مركب النقص ) لدى الفرد.. وهذا يعد مرض سلوكي قبل كل شيء.. يحاول الفرد المصاب به سد هذا النقص الذي تولد لديه نتيجة عجزه في الحصول على شهادات عليا بشكل رسمي وعبر دراسات تتطلب قدرة عقلية وعلمية وثقافية ومالية ما لا تجدها لديه.. لذا سيستمر هذا الأمر لأن المجتمع يتعامل مع ما يسبق الأسماء للأسف م مهندس د دكتور وهكذا... الخ وأكثر ما ساعد على ترويج هذا السلع الخطيرة واعني الشهادات المزورة هو سوق التدريب للأسف.. حيث يقاتل البعض للحصول على شهادات عليا تمنح اسمه قوة أكبر عند إعلان دورات تدريبية يقدمها.. أما حيث "البرستيج " في المجتمع فهو أمر حتمي ويصعب التصريح به أو الكشف عنه.. والعلاج لذلك كله يكمن في الفرد نفسه.. إذا غير ما بنفسه تغير حوله كل شيء للأفضل قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" شكرا لثقة الاختيار في مشاركتي معكم، وأسال الله أن أكون قد أفدتكم ولو بكلمة.
قوانين صارمة
والمدربة الدولية المغربية فاطمة قلوش ترى أن ظاهرة الشهادات المزورة أصبحت منتشرة بشكل غير عادي وبالأخص في مصر والسعودية وهذا أصبح يزعج مجموعة من المراكز التي تعتمد على التدريب فقط وكذلك من مبادئها عدم اعطاء شهادات الماجستير المصغر والدكتوراه الفخرية ونحمد الله بالمغرب لدينا قوانين صارمة بهذا الشأن كما إنه لا يمكننا اعطاء اي شهادة أكاديمية بدون موافقة وزارة التعليم العالي ومعادلتها قانونيا،لهذا فنحن بعيدين عن مشاكل السماسرة وكذلك الدولة لا تعترف بشيء اسمه الماجستير المصغر.وأيضا في مركزنا نحاول أن نبقى على خطى التدريب والمرافقة الاستشارية فقط وهذا المجال لديه شهادات معترف بها بالرغم من إنه لدينا الحق في منح الماجستير والدكتوراه ومرخص لنا بذلك ومعتمدين من كلية بريطانية المعتمدة من وزارة التعليم العالي البريطاني إلا أننا نحاول قدر الإمكان وضع ضوابط ومبادئ من أجل منحها.
بلد شهادات
يري الدكتور فارس يونس الطبيب في احدى مستشفيات المملكة العربية السعودية أن شهادات التيك اواي "، أصبحت الآن سهلة ومتاحة أونلاين ممكن تأخذ دبلومة في أربع ساعات أو ماجستير في يومين،هذه الشهادات غير معتمدة طبعا وصاحبها لا يدرس شيئا ولا يتعلم ولكن مجتمعاتنا أصبحت تنظر إلى الشهادات وضيق الوقت وعصر السرعة مثال واحد شغال في وظيفة حكومية ويعمل في القطاع الخاص بعد الظهر ومرتبه لا يكاد يكفى بيته وأولاده ومطلوب منه يحصل على شهادة لكى تتم ترقيته في العمل وأي دبلومة محترمة أو ماجستير مطلوب حضور في الجامعة لمدة على الأقل سنة يعني هل سيترك عمله سنة ويحضر في الجامعة،فيستطيع أن يدخل على النت ويسجل مع أي موقع ويرسله له الشهادة يضعها في أوراقه وفي بعض الأماكن بتعدي وهذا هو الواقع المؤلم للأسف الشديد.غياب الأمانة العلمية
وتؤكد المدربة ياسمين الأجدر لا توجد دكتوراه أو ماجستير في التنمية البشرية في مصر، لأنه قطاع كبير فى مصر لا يعترف بالتنمية البشرية لكن ممكن اخذ الشهادة معتمدة من مركز موثوق فيه أو من جامعة من الجامعات الكبيرة... جامعة عين شمس أو القاهرة أو الإسكندرية وللأسف فيه مراكز كتير ولكن لا توجد امانة علمية ولا بنعلم الناس صح ولا فيه تدريبات صح و يضحكوا على الناس بشهادات مزوره.
والمحاضر ومدرب التنمية البشرية الدكتور أحمد فرغلى يوضح أن مع انتشار سوق تدريب التنمية البشرية وظهور الآلاف من المدربين وأصبح السوق مصدر رزق لمسوقين وإداريين ومدربين وأصحاب أكاديميات،أصبح كل منهم يبحث عن لقب يضعه أمام اسمه كنوع من التسويق لنفسه ولمصدر رزقه هذه عينة،والعينة الثانية ممن لم يحصلوا على الشهادة الابتدائية ويرغبون في "البرستيج " والمنظر واللقب وهؤلاء ممكن يدفعوا الكثير من أجل اللقب.وهنا ظهر ثلاثة أنواع من الشهادات في أيام الثورة ظهرت بعض الجامعات العريقة والتي تمنح شهادات أكاديمية مقابل مبالغ خيالية وهذه الظاهرة انتهت ثم مجموعة من الجامعات الأجنبية الوهمية ثم بعض المؤسسات التي تمنحها معظم شهادات الدولية ستكون أما جامعة وهمية أو شهادة مزورة،أما المؤسسات فتمنح لقب،ورقة عليها ختم مجرد ورقة وخلاص ثم اخترعوا نوعين من الدراسة ليقنعوا الذين يشتروا أن استبدال الخبرة بالشهادة أو تقديم الأبحاث هذا كل ما اعرفه من واقع خبرتي في سوق التنمية البشرية.
والدكتور أمين سليمان محاضر الجامعي ومدرب المهارات يرى أن الشهادة المزورة دليل على أخلاق حاملها، ومن يغش يغش نفسه أولا
يضع خبير في الاتصالات المهندس / عبد الله قحيف حلولاً لوقف ههذه الظاهرة المنذرة بشؤم ضياع العلم والعمل:
1- مصدر إعطاء الترخيص للجهة أو الجامعة التي ستمنح الشهادة وهي الحكومة ومن يمثلها لإعطاء الترخيص.
2- مواقع الانترنت التي ينشر عليها هذا التهريج ويجب وضع رقابة صارمة على شركات تأجير مواقع الانترنت وألا يسمح لأي جهة بتأجير موقع إلا اذا كانت واثقة من مصداقيته وأن المؤسسة معتمدة، وهذا يعتمد على أوراق ثبوتية من الحكومة ومن يمثلها، فأين حقوق الملكية الفكرية؟ وأين الرقابة على جودة التعليم وجودة محتوياته وفاعلية استراتيجياته التعليمية، وينبغي ويلزم الموقع أن يبين بوضوح مواصفات بضاعته؟ يعني أن يتم توعية الناس وتعريفهم بالاعتماد الأكاديمي Accreditation وأنواعه والفرق بين الاعتراف Recognition والترخيص Licensing من ناحية، فليس كل منظمة تعليمية مرخصة معترف بها ومرخصة يعني مسجلة من قبل الحكومة ولها رخصة كأي محل تجاري؟ ولكن الاعتراف شيء آخر وهذا هو الفيصل في القضية كما أن هناك أنواع للاعتراف ما بين محلي ودولي National and Regional؟
سواء كانت المؤسسة خاصة أو حكومية فالمهم أن تكون معترف بها والأفضل دوليا لكي تتاح لك فرصة إكمال الدراسة بأي دولة أو العمل والتوظيف بأي دولة ومن ناحية أخرى لابد أن يوعى الدارس للفرق بين الدراسة للحصول على شهادة كدرجة علمية أكاديمية Academic أو شهادة غير أكاديمية وتسمى مهنية Non-Academic.. الموضوع شائك وخصوصا عندما انتشر نظام التعليم عن بعد Distance Learning كنوع من أنواع التعليم الالكتروني E-Learning..وهل الشهادة دليل على الكفاءة؟
والإجابة يرددها الواقع.. إذا كان الحاصل على شهادة من مؤسسة معتمدة من منظماتنا وجامعاتنا التعليمية مستواه العلمي والعملي غير مطابق للمواصفات وهذا ما نسميه الأيزو ISO لكن الأيزو الذي ننتهجه محلي خالص وهذا هو الفرق بين الاعتماد المحلي والدولي أو الإقليمي فجودة التعليم ليست كلمة وفقط بل هي وصف لمخرجات العملية التعليمية أقصد الطالب والدارس والباحث هل المنتح مطابق للمواصفات؟ أم شعبي ومحلك سر؟ بل محلك توقف؟ أظن وضحت عملية هل الشهادة دليل على الكفاءة أم لا؟ عندنا فى الغالب الشهادة لا تعبر عن الكفاءة ولكن بالخارج الوضع مختلف شكلاً ومضمونا إذ أن تصميم محتوى مناهجهم التعليمة يحاكي الواقع محليا وعالميا عملياً ونظريا ولذا كون راتب الخواجة لا يقارن بالباشا بتاعنا لم تأت من فراغ.تجارة في الحرام
وعن رأى الدين فى الشهادات المزورة سألنا فضيلة الدكتور محمد حموده من علماء الأزهر وأكد فضيلته أن هذا غير جائز وكل أمر خرج عن طبيعته فهو حرام حرام حرام، والمزور والبائع إذا كان شخصا أو مركز أو أكاديمية فى التنمية البشرية وغيرها، كلاهما يتاجر فى الحرام وكل كسب جاء من حرام فهو حرام وتجارتهم غير مشروعه وليتقوا الله فى الناس.الشيخ عمرو جبران الداعية الإسلامي يؤكد على جانب ما بعد وقوع الضرر: المشكلة إذا ضحك هؤلاء المزورون وخدعوا الناس بهذه الشهادات المزورة وترتب عليها ضررا يجب أن يسامحهم الناس أولا.
بائعو الوهم يرفعون شعار:"دبلومة فـى 4 ساعات وماجستير فـى يومين":
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة