تأملات في ادارة الوقت

تنمية بشرية
طبوغرافي

د. خالد كمال
محاضر دولي وخبير التنمية البشرية

خالد جوهر

ما هو الوقت؟ هو عمر الحياة هو ميدان وجود الإنسان وساحة ظله وبقائه ونفعه.. إنه سر من أسرار الله يحتوينا ونحتويه منذ بدء الخليقة، وهو يمر بسرعة محددة وثابتة فكل ثانية وكل دقيقة أو ساعة تشبه الأخرى، والوقت يسير للأمام بشكل متتابع إنه يتحرك في ديمومة وفق نظام محكم لا يمكن إيقافه أو تغييره أو زيادته أو إعادة تنظيمه لا يمكن تجميعه أو إلغاءه انه مورد محدد يملكه الجميع بالتساوي إنه نموذج العدالة الإلهية الأمثل من حيث التوزيع علي البشر رغم أن الناس لم تولد بقدرات وفرص متساوية إلا إنهم جميعًا يملكون أربعًا وعشرين ساعة في اليوم سواءً كانوا من الفقراء أم الأغنياء من البسطاء أو علية القوم.

إذن المشكلة ليست في مقدار الوقت المتوافر لكل هؤلاء ولكن في كيفية إدارة الوقت واستخدامه وتوظيفه بشكل جيد ومفيد في تحقيق مزيد من الإنجاز الشخصي والجماعي.

إن الوقت أنفس وأثمن ما يملك الإنسان فهو المحتوى لكل عمل وكل إنتاج هو رأس المال الحقيقي للإنسان لذلك فهو أساس الحياة الذي تقوم عليه الحضارة.

وللأسف لا يمكن شراؤه أو بيعه أو تأجيره أو استعارته أو حتى تصنيعه.
فأولئك الذين توافر لديهم الوقت لإنجاز أعمالهم والتمتع بحياتهم من خلال أنشطة أخرى هؤلاء هم من أدركوا الفرق بين الكم والكيف بالنسبة للوقت فالكم واحد عند كل الناس لكن كيفية استثمار الوقت بشكل فعال هو الفيصل في مقدار ما يحرزه أي إنسان من تقدم ونجاح على المستوى الشخصي والاجتماعي.
ولأنه ثروة عظيمة كما أوضحنا فإن إدارة الوقت تختلف عن إدارة أي موارد اخري.

وقد ذكر بيتر دراكر هذا الاختلاف بقوله: "إن إدارة الوقت تعني إدارة الذات فمن لا يستطيع إدارة ذاته لا يمكن أن يدير أي شيء آخر".
ونحن كمجتمع -الحق يقال - ليست لأغلبنا ثقافة الاهتمام بالوقت وإدارته رغم أن لدينا حديثًا للرسول صـلى الله عليه وسلم الذى يعطينا توجيهًا مباشرًا للاهتمام بالوقت لأننا سنحاسب على ذلك فقال صلي الله عليه وسلم: "اغتنم خمسًا قبل خمس؛ شبابك قبل هَرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
ويقول أيضًا صلي الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به" .
وهذه الأحاديث تبين لنا أن الوقت من منظور الإسلام وحدة متكاملة لا تتجزأ فالوقت امانة عند المسلم وهبها له الله سبحانه وتعالي.
فإذا كان وقت عمل يجب أن يخلص أشد الإخلاص وإذا كان غير ذلك يجب أن يبغي فيه وجه الله لأنه أمانة في كل الأحوال. ولقد قال سبحانه وتعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
وإذا تساءلنا عن أنواع الوقت فهي كالتالي:
1-وقت الفرد وهو الوقت الذي يشبع فيه الفرد حاجاته الخاصة من مأكل ومشرب ونوم وعبادة وهكذا.
2-وقت الجماعة الرسمي وهو وقت العمل الرسمي سواء حكومي او غيره والذي يحدد خلال فترة زمنية معينة يناط فيها الفرد بأداء واجبات محددة.
3-وقت الجماعة غير الرسمي وهي الأنشطة التي تتطلب مشاركة الآخرين من حولك مثل الأفراح والزيارات الاجتماعية والنشطة الرياضية وهكذا.
4-وقت المجتمع وهو مجموعات الأنشطة التي تشمل المجتمع كله مثل الأعياد الرسمية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر وشهر رمضان وهكذا.