( العبودية اسم جامع لمراتب أربع من قول اللسان والقلب وعمل القلب والجوارح.
فقول القلب هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته على لسان رسله عليهم السلام.
وقول اللسان الإخبار عن قول القلب بما فيه من الاعتقاد والدعوة إليه والذب عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة والقيام بذكره وتبليغ أوامره.وعمل القلب كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له وإخلاص الدين له والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والمعاداة فيه والخضوع والذل له وغير ذلك من أعمال القلب.
وأعمال الجوارح كالصلاة والحج والجهاد وغيرها )
بهذا الكلام المختصر المفيد يوجز ابن القيم رحمه الله واحدا من أهم مفاهيم الدين الإسلامي الجميل ، حيث أطلق الرحمن جل جلاله سراح كل عباده من أسر الكفر و الفسوق و العصيان ، نحو ساحات الطاعة والبر والامتنان ، فالعبودية الحقة لله تعد بحق أعلى درجات الحرية ، فمن يعمل لنيل رضى وجه واحد يكفيه كل الوجوهفَالسُّجُودُ الذي تَجْتويهِ فيه مِنْ أُلُوف السُّجُودِ نَجَاةُ
والذكي الأريب من يحاول أولا إرضاء الملك قبل أن يرضي الحاشية وطبعا قبل أن يرضي العبيد
ثم إن من أهم فضائل العبودية لله وحده ، هي أنها ترفع رأسك بين الناس طيلة النهار ، طالما أنك تخفض رأسك أمام الله طيلة الليل
وفي كل العبوديات يستفيد السيد من العبد ، أما في عبودية المؤمن لله فالعبد هو من المستفيد ، لأن الله جل جلاله في غنى كل كل المخلوقين
العبودية الحقة عهد منك لربك العظيم أن لاتقدس سواه ولا تأتمر إلا بأمره ولا تنتهي إلا عما نهاك عنه .خوفك الأوحد من القوي جل جلاله ، يضمن لك عدم خوفك أبدا من أي مخلوق ( إذا كبر الرب في القلب صغر الخلق في العين )
العبودية لله وحده تشعرك بسعادة ما بعدها سعادة طالما أنك متاكد من أن ولادتك ورزقك ووفاتك بيد جهة واحدة رحمانية رحيمة ، حيث يشعرك هذا أنك في حضن الرأفة ، فلا خوف من المستقبل ولا حزن على الماضي (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة 112
وللتلذذ بفضائل العبودية لابد من سلوك نهج العباد الحقيقيين فبعد:
1 - الاقتداء بسيد العباد صلى الله عليه وسلم صبرا وعدلا وكرما ورحمة وشجاعة وبرا ووفاء وإخلاصا وتقوى .2 - تجب دراسة سير العبّاد الزهّاد الذين آثروا التذلل لمولاهم دون سواه ، فأكرمهم جل جلاله بخصوصية المعية ، فكان
( الله مع الصابرين ) البقرة 153
وكان ( الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون ) النحل 1283 – ثم يجب اختيار الصحبة لأن ( الصاحب ساحب )
و ( من جالس جانس ) ، ف ( لا تصحب إلا من ينهضك حاله ويدلك على الله مقاله ) كما قال الإمام السكندري ، ليأخذ بك هذا الصاحب الصالح نحو تحقيق عبوديتك الخالصة لله وحده ، لتأخذ بك هذه العبودية الخالصة نحو سعادة الدارين
فضائل العبودية لله عز وجل
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة