هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه - 246هـ-328هـ/860م-940م - مولى بني أمية، وكان شاعر بلاط صرف، مدح نفراً من أمراء هذا البيت آخرهم عبد الرحمن الناصر، ولم يكن ذا شاعرية ممتازة سواء في قصائده الطوال التي تحدث فيها عن الحملات السنوية التي قام بها الناصر، أو في مقطعاته التي قالها في مدح بني أمية.
اشتهر ابن عبدربه بكتابه "العقد الفريد"، الذي يضم خمسة وعشرين كتابا ينقسم كل منها إلى قسمين، وقد جعل كل باب من أبواب كتابه اسم جوهرة مما تنظم منه العقود.عرض الكتاب:
وهكذا يبدأ كتابه بكتاب "اللؤلؤة" في السلطان، ويريد به السياسة، فيتحدث فيه عن السلطان وعلاقته برعيته، وعن الحكومة وما إلى ذلك، ثم يعقب ذلك الكتاب الثاني ويسميه كتاب "الفريدة" في الحرب ومدار أمرها، ثم يلي ذلك كتاب "الزبرجدة عن الأجواد والأصفاد"، ويسهب في الحديث عن الكرم والترغيب في حسن الثناء واصطناع المعروف، والعطبة قبل السؤال واستنجاز المواعيد، وما إلى ذلك، ثم يفيض في الكلام عن أجواد العرب في الجاهلية والإسلام، وينتقل من ذلك إلى كتاب "الجمانة" فيتكلم عن الوفود ويريد بها السفارات. ويلم بذكر المشهور من سفارات العرب، ويستدرج إلى كتاب "المرجانة" في مخاطبة الملوك، ثم ينتقل إلى كتاب "الياقوتة" في العلم والأدب، لأنهما "القطبان اللذان عليهما مدار الدين والدنيا".
وبعد أن يطنب في فضائل العلم ينتقل إلى الحديث عن فنونه وشرائطه، ويتخلل ذلك طائفة من أخبار العلماء وطبقاتهم، وما يروى عنهم من حكايات تدل على ذكاء وبراعة، ويتكلم عن طائفة من حميد الصفات كالحلم ودفع السيئة بالحسنة والسؤدد، ويعقب ذلك بالكلام عن الفأل والطيرة وعما ينبغي للصداقة والود من واجبات.وفي كتاب "الجوهرة" يتحدث عن الأمثال والحكم، ويختص المواعظ والزهد بكتاب "الزمردة"، ويفرد جانباً كبيراً من كتاب "اليتيمة" للكلام عن الشعوبية.
ويتحدث في جزء كبير من كتاب "الياقوتة" الذي مر ذكره عن تأديب الصغير، ويستطرد من ذلك إلى الكلام- في نفس الباب- عن طائفة من الخصال الحميدة، وعن أساليب الكناية والتعريض والتلطف في قول مالا يمكن المواجهة به، ويحكي طائفة من النوادر، ويتكلم عن اللغة وعيوبها وفصائلها وغرائب النحو ونوادر الكلام، وعن فضائل المال وأوجه إنفاقه، وعن الشيب والشيخوخة، ويبدأ كتاب "الجوهرة" بالحديث على أمثال رسول الله (ص) ثم يسرد طائفة من أحاديثه والمأثور من حكم بعض العلماء، وعما يضرب به المثل من أحوال الرجال والنساء والحيوان مع مجموعة من الأمثال مرتبة حسب موضوعاتها، ثم يتكلم عن القرآن والعبادات والصلوات، ويفرد للخطب بابا خاصا يورد فيه طائفة كبيرة منها في شتى المناسبات.
أما كتاب "المجنبة الثانية" فيفرده للتوقيعات والفصول والصدور وأخبار الكتبة، ويدور كله عن الكتاب وما ينبغي لهم وما يجوز في الكتاب ومالا يجوز، مع بعض ما قيل في القلم من الأمثال وأوصاف المحبرة والحبر والكتب والرسائل وما إلى ذلك.ويختص كتاب "العسجدة الثانية" بالخلفاء وتواريخهم وأخبارهم، ويوجز أخبار الخلفاء الراشدين والأمويين في الشرق والأندلس إلى أيام عبد الرحمن الناصر.
ويعقد كتابا خاصا تحت عنوان " الياقوتة الثانية" للغناء واختلاف الناس فيه، ويتحدث عن الأصوات والمغنين، ويلي ذلك كتاب "المرجانة الثانية" عن النساء وصفاتهن المختلفة والطلاق ومكر النساء وغدرهن وما إلى ذلك.
ويلي ذلك كتاب "الجمانة الثانية" في المتنبئين والممرورين والبخلاء والطفيليين، وفي كتاب "الزبرجدة الثانية" يتحدث عن طبائع الإنسان وسائر الحيوان وتفاضل البلدان، وفيه يتحدث عن الدور والملابس وعن علاقة الإنسان بالعجماوات وعن الجغرافية والطب والتمائم.ويعقد بعد ذلك كتابا خاصا تحت عنوان: "الفريدة الثانية" للكلام عن الطعام والشراب وما ينفع الصحة وما يؤكل، وعن النبيذ وما تخمر من الشراب، ثم يختم الكتاب بكتاب "اللؤلؤة الثانية" عن الفكاهات والملح مع طائفة من الحكايات والنوادر والألغاز والأحاجي.
ذلك هو بعض ما يضمه هذا الكتاب من متنوعات ومتفرقات، وقيمته وفائدته في التعريف ببعض مظاهر الحضارة الإسلامية في عصره أعظم من أن تقدر، لأنه يعرض ما كان ينبغي أن يحيط به المتحضر المتعلم في ذلك العصر من معارف.
العقد الفريد -لابن عبد ربه.. 25 جوهرة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة