البر والإحسان في حياة حارثة بن النعمان

روائع الفتح
طبوغرافي

 

بقلم فضيلة الكتور / أحمد عبده عوض

العالم والمفكر الاسلامى

نحتاج لبعض الوقفات مع بر وإحسان حارثة بن النعمان الخزرجي، حتى نتعلم من جيل الصحابة كيف كانوا يسارعون

إلى اغتنام الأوقات في الخيرات، وإفناء الأعمار في رضا الله ورسوله.

قال الواقدي : كانت له منازل قرب منازل النبي صلى الله عليه وسلم، فكان كلما أحدث رسول الله صلى الله عليه

وسلم أهلا تحول له حارثة رضي الله عنه عن منزل، حتى قال: ((لقد استحييت من حارثة، مما يتحول لنا عن منازله)).

وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نمت فرأيتني في الجنة فسمعت

صوت قارئ يقرأ، فقلت : من هذا؟ قالوا : هذا حارثة بن النعمان،  فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((

كذاك البر، كذاك البر))، وكان أبر الناس بأمه .

وقالت رضي الله عنها مبينة كيف كان حارثة يبر أمه : ((وأما حارثة فكان يطعمها بيده، ولم يستفهمها كلاما قط تأمر

به، حتى يسأل مَن عندها بعد أن يخرج: ماذا قالت أمي؟

وعن حارثة رضي الله عنه أنه قال: ((رأيت جبريل من الدهر مرتين :يوم الصورتين (موضع بالمدينة) حين خرج رسول

الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، مر بنا في صورة دحية، فأمرنا بلبس السلاح، ويوم موضح الجنائز حين

رجعنا من حنين، مررت وهو يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسلم.

فقال جبريل: من هذا يا محمد؟

قال: ((حارثة بن النعمان)).

فقال: أما إنه من المائة الصابرة يوم حنين الذين تكفل الله بأرزاقهم في الجنة، ولو سلم لرددنا عليه.

وفي رواية عن حارثة رضي الله عنه قال: ((مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام

جالس في المقاعد يعني في صورة رجل فسلمت عليه ثم أجزت، فلما رجعت وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم

قال: ((هل رأيت الذي كان معي؟))

قلت : نعم.

قال: ((فإنه جبريل وقد رد عليك السلام)).

وعند البيهقي عن حارثة بن النعمان:  ((حزرت من بقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فقلت:

مائة واحدة،  ويقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انكشف الناس، قال لحارثة بن النعمان: ((يا حارثة

كم ترى الذين ثبتوا؟ قال: فلم ألتفت ورائي تحرجا، فنظرت عن يميني وشمالي فحزرتهم مائة، فقلت يا رسول الله

هم مائة! حتى كان يوم مررت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يناجي جبريل عليه السلام عند باب

المسجد، فقال جبريل - عليه السلام- : من هذا يا محمد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: حارثة بن

النعمان، فقال جبريل -عليه السلام-: هذا أحد المائة الصابرة يوم حنين، لو سلم لرددت عليه السلام، فأخبره النبي

- صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما كنت أظنه إلا دحية الكلبي واقفا معك)).

ومن مواقفه النبيلة أنه لما علم أن عليا تزوج فاطمة رضي الله عنهما في منزل بعيد عن النبي صلى الله عليه

وسلم ترك منزله القريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما لتقر عين رسول الله

صلى الله عليه وسلم بقربهما.

وكذلك لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي رضي الله عنها أنزلها في منزل من منازل حارثة

رضي الله عنه بعد أن تحول حارثة رضي الله عنه عن منزله .

رضي الله عن حارثة ابن النعمان ومن اقتفى أثره في البر والإحسان.