القدوة الصالحة وآثارها الإيمانية

روائع الفتح
طبوغرافي

maxresdefault

الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

 

القدوة الصالحة تثير فى المتبيعين قدراً من الاستحسان وتحفز دوافع التقليد لصالح الأعمال بغية رضا الله

(ملحق المعية) لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الاسلامى

 

القدوة الصالحة أهم أسس التربية

القدوة 4

إن القدوة الصالحة تثير فى نفس العاقلين المتبعين قدرًا كبيرًا من الاستحسـان, فتحفز فيهم دوافع التقليد لصالح الأعمال بغية رضا رب العالمين، وتعطى الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة، وليست من قبيل المستحيلات، كما أن الأتباع ينظرون إلى القدوة الصالحة نظرة دقيقة دون أن يعلم صاحبها، فرب عمـل يقوم به لا يلقى له بالًا يكون فى حسابهم من الأمور العظيمة التى يهتدون بها ويسيرون على دربها.

فهذا أبو جعفر الأنبارى صاحب الإمام أحمد عندما أخبر بحمل الإمام أحمد للمأمون فى الأيام الأولى للفتنة عبر الفرات, فإذا الإمام أحمد رحمه الله جالس فى الخان فسلم عليه, وقال: يا هذا؛ أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فوالله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق من خلق الله، وإن أنت لم تجب ليمتنعنّ خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن المأمون، إن لم يقتلك فإنك تموت ولا بد من الموت؛ فاتّقِ الله ولا تجبهم إلى شيء, فجعل أحمد يبكي, ويقول: ما قلت؟ فأعاد عليه فجعل يقول: ما شاء الله، ما شاء الله.

ونقتطف هنا بعض الزهور من الروضة النبوية لنرى كيف استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة فى تربية أصحابه رضى الله عنهم كأسلوب متميز عن باقى الأساليب.

القدوة 3

فى صلح الحديبية، وبعد أن فرغ الرسول صلى الله عليه وسلم من قضية الكتاب قال للصحابة رضى الله عنهم : ((قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا )) قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؛ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِى مِنْ النَّاسِ؛ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِى اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُـوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُـمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كـَادَ بَعْضُهُـمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا [رواه البخارى والنسائى وأبو داود وابن ماجة وأحمد].

وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قِبَل الصوت؛ فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعًا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبى طلحة عُرْى فى عنقه السيف وهو يقول: ((لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا(( [أخرجه السبعة ماعدا النسائي], فهذه الدعوة الصادقة للشجاعة هى التى أخرجت أعمى كابن أم مكتوم يصر على الجهاد، ويحمل الراية ويقاتل حتى يقتل، وهى التى أخرجت أعرج كعمرو بن الجموح يبكى لأنه أعفى من الجهاد، ثم يطلب بإلحاح مشاركة المجاهدين، ويقول: إنى لأرجو أن أطأ بعرجتى هذه الجنة، ويقاتل حتى يقتل.

القدوة 1

هذه هى أعظم مجالات التربية حين يعطى العالم والقائد والمصلح من نفسه نموذجًا للعمل ولا يكتفى بالأقوال حينها ستجد من اقتدى به أسرع الناس إلى العمل الصالح كما فعل الصحابة مع نبى الله صلى الله عليه وسلم.