أخلاق آخر الزمان كما يكشفها النبى العدنان

روائع الفتح
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

maxresdefault

أزمنة صعبة يكثر فيها القتل والجهل وتضيع الأمانات ويقل الرجال وتكثر النساء 

لقد كان الناس يمرون على قوله تعالى: (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) [المؤمنون: 69]. فظن المفسرون أن معرفة الرسول-كما كنت أعتقد أنا خطأ- هى معرفة السيرة النبوية ومعرفة أفضال الرسول صلوات ربى وسلامه عليه، لكن المعنى-والله أعلم- أكبر من هذا.

والمعنى الذى أظنه الآن: أم لم يعرفوا قيمة الكلام الذى قاله الرسول؟! أم لم يعرفوا قيمة البناء الحضارى الذى بناه النبى العظيم لهذه الأمة؟! أم لم يعرفوا قيمة الأسرار التى باح بها سيدنا صلوات ربى وسلامه عليه؟!
ذكرت فى المقال الماضى أنه صلى الله عليه وسلم-كما جاء فى الصحيح عند مسلم- صلى بالناس الفجر، وخطب على المنبر، ثم نزل عند صلاة الظهر، فصلى بهم الظهر ثم صعد وخطب، ثم نزل وصلى العصر، ثم صعد إلى المغرب.
لكن ماذا قال فى هذا اليوم؟! لم يستطع أحد أن يجمع هذا التراث العظيم لسيدنا صلوات ربى وسلامه عليه، إلا على فترات استطاع فيها بعض الصحابة أن ينقلوا ما قاله النبى صلوات ربى وسلامه عليه، والحقيقة التى لا تخفى عليك أننى رغم اجتهادى فى هذه الدروس.
ولكنى الآن أقدم لك بعض الدلالات على إعجاز كلامه صلى الله عليه وسلم، وأخبرك عن أشياء أخبر عنها النبى صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وهى تحدث الآن أمام أعيننا، ومن ذلك: عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنها ستأتى على الناس سنون خداعة، يُصدق فيها الكاذب، ويُكذب فيها الصادق، ويُؤتَمَن فيها الخائن، ويُخَوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة”. قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: “السفيه يتكلم فى أمر العامة” [أخرجه أحمد]. فقال صلوات ربى وسلامه عليه: “الرجل التافه”، فالذى ليس معروفا يتحكم فى أمر العامة، أى شخص ليس معه من العلم ما يؤهله أن يقود أمة، أو أن يقود قبيلة، فإذا به يأتى فجأة، ويتحكم فى أمر الناس. فالرويبضة، ربما لم يظهر جليًّا فى هذه الأمة حتى إلا الآن.
لكن فى مستقبل تاريخها يسود الرويبضة، حتى قال صلوات ربى وسلامه عليه: «لن تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها» [أخرجه الطبراني]. فتحليل لكلمة الرويبضة، أي: المنافقون، لا تقوم الساعة حتى يسود فى كل قبيلة (أي: فى كل أمة) منافقوها.
لنا المزيد من الأسرار التى ستأتى فى آخر الزمان، وكلها واقعة لا ريب فيها كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم، ورد عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع” [أخرجه أحمد]. وإنما أراد النبى صلوات ربى وسلامه عليه أن يقول: إن الساعة تقوم على أقل الناس إيمانا، على أضعف الناس دينا، على أقل الناس تمسكا بالله، على أقل الناس معرفة بالله، كما ذكرتُ لكم من قبل: أن الأمانة تنزع من قلوب الرجال حتى لا يبقى على الأرض أمين!
يا حبيب الله، لقد حدث كل هذا، ما مِن أيام إلا تقل فيها الأمانات، وعندى أدلة على ضياع الأمانات، وأصبح أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم.

القدوة 1
ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك قال صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويقل الرجال، وتكثر النساء، حتى يكون قيم خمسين امرأة رجل واحد” [أخرجه أحمد]. بعد أن قال سيدنا: “وتكثر النساء”، من علامات قرب الساعة أن تكثر النساء، وعدد النساء يكون أكثر من الرجال مرتين، أو ثلاثة، أو أربعة. والناس كلهم لاحظوا هذا بعد الحرب العالمية الثانية، وأباحوا فى ألمانيا أن يتزوج الرجل أكثر من امرأة، رغم أن هذا مخالف للتعاليم المسيحية. لكن هذا تصديق لقول النبى العظيم صلوات ربى وسلامه عليه. والإحصائيات التى اطلعت عليها قبل إلقاء الدرس، تؤكد أن هذا الكلام لا يقوله إلا سيدنا محمد.
إذن حاليًّا فى الإحصائيات الرجل يقابل خمسة من النساء، وسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم قال خمسين، فلا بد وأن تكون خمسين فى المستقبل. لكن لماذا خمسين؟ لأنه فى آخر الزمان يكثر المجاعات والزلازل والقتل، حتى أخبر سيدنا أن من علامات الساعة الاستخفاف بالدم، فعندما تسمع النشرة، أو تقرأ الجريدة، يذكر فيها أنه استشهد أو قتل خمسون فى تفجير أو فى دمشق أو فى حلب، وربما مائتين، وربما ثلاثمائة كل يوم، ولو جمعت أخبار الموتى من المسلمين، أو الشهداء من المسلمين فى اليوم فأقل أرواح تزهق فى اليوم ألف واحد، وكل هذا حادث وموجود ولا يخفى عليكم، بعيدًا عن الأحداث الخاصة بالطرق، والسيارات، وحوادث السيارات، وسقوط الطائرات، مع أواخر الزمان، هذه الأمور تصبح عادية عادية، كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم.
ثم قال سيدنا صلى الله عليه وسلم: “ويكثر القتل”، هذه تكلم فيها النبى كثيرًا جدًّا، حيث قال سيدنا صلوات ربى وسلامه عليه: لا تقوم الساعة حتى يشيع القتل والهرج، حتى لا يعرف القاتل لماذا قَتَل، ولا يدرى المقتول لماذا قتل. فالذى يقتل لا يعلم لماذا يقتل، والمقتول نفسه لا يعلم لماذا مات! وهذا واقع!

القدوة  2
فالأزمان الصعبة التى تحدث عنها النبى صلى الله عليه وسلم لا زلت أجليها لكم، وأنا لا أتكلم عن غيب، ولا أتكلم عن مستقبل، وإنما أتكلم عن أزمان صعبة ذكر سيدنا صلى الله عليه وسلم مواصفاتها، وأشكالها، وصورها، وهذا الدرس كشف لك أن أكثر من سبعين فى المائة من كلام سيدنا صلى الله عليه وسلم قد تحقق، وأن مَن لم يأتِ تحقيقه حتى الآن سيأتى فى المستقبل، ولا خلاف على هذا، لكن بوادر الأزمان الصعبة، وموجودة حتى الآن.
لم يكن هذا الدرس تشاؤميًّا، ولا جرعة كأبة، ولا جرعة أحزان، لا والله، وإنما كان درسا كشفيًّا لبيان مصداقية سيدنا صلوات ربى وسلامه عليه، لكن الجميل أن كثيرًا مما ذكرته الليلة من كلام سيدنا وجدت بعضًا منه فى التوراة والإنجيل، رغم أن سيدنا صلوات ربى وسلامه عليه لم يقرأ التوراة، ولم يقرأ الإنجيل، لكن التوراة والإنجيل تكلمتا عن مستقبل الكون وعن مستقبل الحياة، ولم يطلع النبى صلوات ربى وسلامه عليه عليهما، وإنى أطلع عليهما من باب البحث العلمي، فوجدت أن معلومات قيمة جاءت فى التوراة غير المحرفة، والإنجيل غير المحرف، ذكر تفاصيل مهمة مما قال سيدنا صلوات ربى وسلامه عليه.