الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
إن للإيمان دلائل وعلامات يعرف بها، وينتج عنها تذوق حلاوة الإيمان، وهو ما نفهمه من قوله صلى الله عليه وسلم " ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا"
ويجد المسلم شرحا في صدره دالا على رضوان عنه، وعلى صدق سيره إلى الله تعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ } [الأنعام: 125].. أي فمن يشأ الله أن يوفقه لقبول الحق يشرح صدره للتوحيد والإيمان، ومن يشأ أن يضله يجعل صدره في حال شديدة من الانقباض عن قبول الهدى { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [ الزمر:22 ].إذا ظلمك أحد الناس وآذاك فاتق الله فيه.. وإذا رأيت من يعصي الله فيك فأطع الله فيه
قال الله تعالى { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) } [ آل عمران].
أي لن تدركوا الجنة حتى تتصدقوا مما تحبون، وأي شيء تتصدقون به مهما كان قليلا أو كثيرا فإن الله تعالى به عليم، وسيجازي كل منفق بحسب عمله.
والطاعات لها تأثير إيماني كبير ولا خلاف عليه، وهناك تغيرات إيجابية إيمانية تحدث في حياتنا بفضل البر، أي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وإن العبد ليحرم الرزق من ذنب يذنبه ) ما المقابل إذا كانت هناك طاعة؟ فإنها تأتي بالرزق، وليس بالضرورة أن يكون هذا الرزق حسيا، أي إذا امتنع من الإنسان الرزق فيكون ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، أي اختبار، ويمكن أن يكون الرزق في شيء واحد وهو استبقاء النعم، وأن الله تعالى لن ينتقص منك شيئا فأنت كما أنت هذا في حد ذاته نعمة، فبقاء لسان الإنسان ليظل قادرا على الدعاء نعمة، وكذلك العين ترى والقلب والعقل.. إلخ، فكل ذلك من النعم التي أبقاها الله عز وجل للمؤمن..
ولكن كيف ينمو الإيمان؟ إن الإيمان له غراث، وإن الذي يزرع زرعا ويغرس غرسا لا ينام عنه.. وعلى هذا فالإيمان هو الآخر يحتاج إلى من يرعاه، وأن الحالة الإيمانية التي يحياها المسلم الآن وقد ملأ الإيمان قلبه بهذه الزهورالمتفتحة.
ولكن كيف نعلم أن عبادتنا قبلها رب العالمين؟ وهل لها إشارات؟ هل لها دلائل ؟ كيف نحافظ عليها؟
إن قبول العبادة يتوقف على اليقين والإيمان الذي يتغلغل داخل القلب إذا رغب المسلم في قبولها فلسان حاله: إنما يتقبل الله من المتقين، وإنما هنا لا يخفى على الذين يقرءون اللغة العربية، أنها أسلوب قصر وحصر( حصر قبول العمل على المتقين ). وقبول الطاعة لها دلالات إيمانية، فإن كانت الطاعة تأتي وراءها طاعة.. أي تأتي بأختها.. وهكذا.. هذا دليل على قبولها، قال تعالى { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) } [ المائدة ]. أي واقصص أيها الرسول الكريم على بني إسرائيل خير ابني آدم: قابيل وهابيل، وهو خبر حق: حين قدم كل منهما قربانا- وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى – فتقبل الله قربان هابيل، لأنه كان تقيا، ولم يتقبل قربان قابيل؛ لأنه لم يكن تقيا، فحسد قابيل أخاه وقال: لأقتلنك، فرد هابيل : إنما يتقبل الله ممن يخشونه.
والقرآن الكريم سرد لنا بعضا من الآيات التي تتكلم عمن يتقبل الله عز وجل منهم؛ فإن عباد الله لهم سمات خاصمة لتقبل منهم أعمالهم.. فعلى سبيل المثال
- يتقبل الله تعالى من العبد التائب، ففي قوله تعالى { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) } [ التوبة ]، ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد وغيرهم أن الله تعالى وحده هو الذي يقبل توبة عباده، ويأخذ الصدقات ويثيب عليها، وأن الله هو التواب لعباده إذا رجعوا إلى طاعته، الرحيم بهم إذا أنابوا إلى رضاه.
- تكون قلوبهم وجلة أي خائفة من عدم قبول العبادة ولأنهم رجاعون إلى الله تعالى ففي قوله تعالى { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) } [ المؤمنون] والذين يجتهدون في أعمال الخير والبر، وقلوبهم خائفة ألا تقبل أعمالهم، وألا تنجيهم من عذاب ربهم إذا رجعوا إليه الحساب. ولنا أن نتعلم أن الله تبارك وتعالى لن يتقبل العبادة من القوم الفاسقين، ففي قوله تعالى { قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) } [ التوبة].
والمسلم يكون في عبادته وجلا خائفا، وهذه مسألة هي أساس قبول العمل.. وقد كان الأمام حسن البصري إماما زاهدا ورعا.. فكان يقوم الليل يتهجد فإذا ما قام لقيام الليل فإنه يأتي بالمرآة وينظر فيها، ما القصة؟ رجل عظيم وهو معجب بنفسه؟ إنه يخشى أن يكون الله أبدل وجهه لشدة ما آتى من المعاصي.
وهجر العلائق منزلة عالية جدا، وهي هجر كل شيء يحول بين الإنسان وتصفية الإيمان كأن تقول: يارب أنا أدخل إليك وأنا خاشع بقلبي، يارب أنا أدخل إليك وأنت تعلم أنك تراني، وأعلم أن ما كل ما يرد على قلبي فإنك تراه، ولذلك فإنني أهجر كل شيء يعلق بيني وبينك حتى يكون قلبي كله خالصا لك.
وهذه منزلة الحبيب صلى الله عليه وسلم، القائل " إنه ليغان على قلبي وإني أستغفر الله تعالى في اليوم أكثر من مائة مرة " ليغان على قلبي: إنني يأتي على قلبي غيم أو سحابة، وهذا لا يليق به صلوات الله تعالى عليه، وعندئذ فإنني أدفع هذه السحابة بكثرة الاستغفار، إنه ليغان على قلبي، أي من كثرة أنوار الخشية التي تأتي على قلبي، وأنا لا أستدفع هذه الأنوار، وإنما أجلب هذه الأنوار وإنما أجلب هذه الأنوار وكي أجلبها وكي أستحضرها فإنني أستعين على هذا بكثرة الاستغفار، وهذا معنى هجر العلائق، وهي التي بلغها الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما يتزايد الأنوار على قلبه فصار قلبه فيه غيم يعني إشراقات الإيمان التي قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم ووصف بها الحبيب صلى الله عليه وسلم فكانت تنام عيناه ولا ينام قلبه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب واستغفر صقل قلبه.. وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلكم الران الذي ذكر الله تعالى: { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) } [ المطففين].
كيف تبدو على المسلم علامات الإخلاص؟
إذا جاء أحد الناس يظلمك ويؤذيك فاتق الله فيه ،وإذا رأيت من يعصي الله فيك فأطع الله فيه، أي أن قطع الرحم معناه أن الشيطان يفسد صدور الناس، ولكنه يتغلب عليه شيء واحد بالإخلاص، ففي قوله تعالى { إلا عبادك منهم المخلصين } [ الحجر:40].. إلا عبادك الذين هديتهم فأخلصوا لك العبادة وحدك دون سائر خلقك؛ فالشيطان يخشى من ظل الإنسان إذا كان مخلصا.
وقديما كان هناك رجل اسمه وهب بن منبه إليه أحد الناس، وقال: إن فلانا يغتابك ويسبك فرد عليه بجملة علينا أن نحفظها جميعًا، وقال: أما وجد الشيطان غيرك رسولا! أي إنك جئت جعلت صدري موحشا ناحية هذا الرجل. إذا كان أحد الناس من من الأقارب أو الجيران يؤذيك، اذهب إليه بنفسك؛ لأنه في بعض الأحيان يوسوس لك الشيطان، ويزين لك السوء، وإنك على حق.. وفي قوله تعالى: { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) } [ فاطر]
أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرآه حسنا جميلا كمن هداه الله، فرأى الحسن حسنا والسيء سيئا فإن فضل الله يضل من يشاء من من عباده ويهدي من يشاء فلا تهلك نفسك حزنا على كفر هؤلاء الضالين. إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء، فهو يعلم أنه يعصي الله فيك بقطع رحمك فاذهب وأطع الله فيك لتكسب من ورائه الخير.
إن الإخلاص فالمقاليد الرئيسة له الدعاء، وإن المقاليد الإيمانية الأساسية التي هي محور الدعاء ( سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله.. وأستغفر الله الأول والآخر والظاهر والباطن.. وهو على كل شيء قدير ).
وقد قال الله تعالى { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) } [ الزمر] أي وسيق الذين اتقوا ربهم بتوحيده والعمل بطاعته إلى الجنة جماعات، حتى إذا جاؤوها وشفع لهم بدخولها، فتحت أبوابها فترحب بهم الملائكة الموكلون بالجنة، ويحيونهم بالبشر والسرور، لطهارتهم من آثار المعاصي قائلين لهم سلام عليكم من كل آفة، طابت أحوالكم، فادخلوا الجنة خالدين فيها.
وكان بشر الحافي يقول: كنت أدعو الله وأرفع يدي ثم أنزلهما فأقول مثلي لا ينبغي أن يرفع يديه إلى قيوم السماوات والأرض من احتقاره لذوبه، فليس له في وجهه إلا الذنوب؛ أي لا بد أن يصلي الركعتين ونحن نتمنى أن نترقى بهما إلى الأعلى ولا نقول: أنا صليت وغيري لم يصل.. فالذي يساق إلى الجنة، وهو فرح جاهز للقاء ربه، ففي قوله تعالى { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا }. [ مريم ] يوم نجمع المتقين إلى ربهم الرحيم بهم وفودا مكرمين.
ولكن الذين كفروا يساقون إلى جهنم ففي قوله تعالى { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) } [ الزمر]. أي وسيق الذين كفروا بالله تعالى إلى جهنم جماعات، حتى إذا جاؤوها فتح الخزنة الموكلون بها أبوابها السبعة، وزجروهم قائلين: كيف تعصون الله وتجحدون أنه الإله الحق وحده؟ ألم يرسل إليكم رسلا منكم يتلون عليكم آيات ربكم، ويحذرونكم أهوال هذا اليوم؟ قالوا مقرين بذنوبهم: بلى وقد جاءت رسل ربنا بالحق، وحذرنا هذا اليوم، ولكن وجبت كلمة الله أن عذابه لأهل الكفر به. ونسوق الكافرين بالله سوقا شديدا إلى النار مشاة عطاشا؛ فهناك من يساق وفدا تكريما واحتراما، والآخر يساق وردا دفعا واحتقارا.
وعلى كل مسلم أن يتعرف كيف تفقد الحسنات، وعندئذ عليه أن يعرف كيف يثبت قلبه ويحصنه ويحافظ عليه من المعاصي، فإن المسلم مكلف في هذه الحياة بتكليفات معينة، وهذه التكليفات تهيئه وتجعله يرتقي إلى مراحل إيمانية بعد هذا.. وإذ تأملنا بئرا عندما تأتي الرياح بالأتربة على مدى أربعين أو خمسين سنة، ماذا يحدث لهذه البئر، تردم أو تزال معالمها، فإذا أردنا أن نعيد البئر كما كانت ما ذا نفعل؟ ننقيها أولا؛ هل هذه التقنية سهلة أو صعبة؟ فإنها تكون صعبة؛ لأننا نزيل تراكمات علىمدى سنين كثيرة أي تحتاج إلى مداومة في الأيام الليالي لكي يتم التنظيف والتطهير من الأتربة أو تحتاج إلى أكثر من هذا.
إن فترات البعد عن الله تعالى هي فترات غفلة وقسوة فعندما ينتبه قلب المسلم فإنه في حاجة لإزالة هذا الران؛ ولذا فنحن في حاجة إلى أن نزيل ما تراكم على القلوب من المعاصي فأسوأ هذه المعاصي وأصعب هذه المعاصي هي حديث النفس.
إن من يقع في المعاصي يحتاج دائما إلى مبررات، وبعد أن يوقن أنه أخطأ واستهان بالله تعالى عليه أن يستغفر ثم يتوب كما في قوله تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) } [النساء ].
ويقبل الله تعالى التوبة من الذين يرتكبون المعاصي والذنوب، بجهل منهم لعاقبتها، وإيجابها لسخط الله- فكل عاص لله مخطئ أو متعمد فهو جاهل بهذا الاعتبار، وإن كان عالما بالتحريم- ثمر يرجعون إلى ربهم بالإنابة والطاعة فقبل معاينة الموت، فأولئك يقبل الله تعالى توبتهم، وكان الله عليما بخلقه حكيما في تدبيره وتقديره، أي بعدما يذنب الإنسان يتوب ويستغفر قدر ارتكاب المعصية أو الذنب لكي لا يترك الذنوب تتراكم عليه، فإن الله غفور رحيم.
والقرآن الكريم ساعد المؤمن في توبته، بان وفر له أدعية التوبة، مثل: { رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) } [ آل عمران]، وأيضا قوله تعالى { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) } [ غافر].
وقوله تعالى { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} [ آل عمران]..على المسلم أن يهجر كل شيء يحول بينه وبين صفاء الإيمان حتى يكون القلب كله خالصا لله..
إن الإيمان له غراس.. والذي يزرع زرعًا ويغرس غرسًا لا ينام عنه.. حتى يملأ الإيمان قلبه بهذه الزهور المتفتحة..
كتاب (التجارة الرابحة)
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة