علمتنى الحياة : أن العلم نور الدنيا والآخرة، به يرفع شأنك، ويرضى عنك ربك

علمتني الحياة
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الدكتور

علمتنى الحياة أن العلم نور الدنيا والآخرة، به يرفع شأنك، ويرضى عنك ربك، ويذهب به همك، ويشرح به صدرك، وتؤنس به وحشتك، وتغسل به خطيئتك.

كم من مجلس علم أخلص صاحبه النية فيه لله فكان له نورًا في الدنيا والآخرة، وكم من كتاب كما قيل خير من جليس الإنس الذي إما أن يشغلك عن طاعة الله أو يستدرجك لمعصية الله .

أنت مع الكتاب ترقى في الدرجات، وتنعم في طاعة رب البريات، وتذهب عن قلبك وعن قلوب المحبين الغشاوة والظلمات.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((من سلك طريقًا يلتمس به علمًا؛ سهل الله به طريقًا إلى الجنة))، ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيثًا أصاب أرضًا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها طائفة أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)).

ويقول عليه الصلاة والسلام يومًا لأصحابه: ((أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان - وادٍ في المدينة - فيرجع بناقتين عظيتين سمينتين، بغير إثم ولا قطع رحم؟ قالوا: نحب ذلك يا رسول الله، قال: لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فَيَعلَم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين عظيمتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)).

العلم إرث الأنبياء، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ بالعلم فقد أخذ بحظ وافر من إرث الأنبياء، فأنت الآن إذا كنت من أهل العلم ترث محمدًا – صلى الله عليه وسلم، وهذا من أكبر الفضائل .

العلم يبقى والمال يفنى، فاستمسك بالعلم فقد ثبت في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)).

العلم لا يتعب صاحبه في الحراسة، لأنه إذا رزقك الله علمًا فمحله القلب لا يحتاج إلى صناديق أو مفاتيح أو غيرها هو في القلب محروس وفي النفس محروس وهو حارس لك، لأنه يحميك من الخطر بإذن الله – عز وجل – فالعلم يحرسك، ولكن المال أنت تحرسه .

العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة .

إن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله عزَّ وجلّ والعمل بما عملوا وفي الدنيا يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به قال الله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [سورة المجادلة، الآية: 11].

العلم به يُعْبَد الله عزَّ وجل، وبه يوحَّد، وبه يُمَجَّد، وبه يتورَّع الإنسان ـ يكون ورعًا ـ وبه توصل الأرحام، وبه يُعرف الحلال والحرام، هو إمام العمل يلهمه السُعداء ويحرم منه الأشقياء.

نسأل الله العلي العظيم أن يرفع درجاتنا ويجعلنا من المخلصين الذين أفنوا أعمارهم ابتغاء مرضاته وابتغاء قربه إنه نعم الرب ونعم المولى ونعم النصير.