بقلم الكتور أحمد عبده عوض
العالم والمفكر الإسلامى
السنة النبوية المكرمة هي وحي من الله تعالى ونور يهدي الناس إلى صراط مستقيم ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، وعلى هذا فهي المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نهتدي بهدي السنة الشريفة كما نهتدي بالقرآن الكريم قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور:63]، وقال أيضًا {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} [النساء:65]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)) [رواه أصحاب السنن إلا النسائي].
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: ((لم أسمع أحدًا نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه بأن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
ولقد دأب أعداء الإسلام على التشكيك في السنة النبوية ومحاربة الكتب الصحيحة التي تحفظ للمسلمين دينهم، وتجعلهم مستمسكين بالعروة الوثقى من طاعة الله، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الكتب التي حاول أعداء الإسلام وأعداء السنة النيل منها هو صحيح البخاري لما يحويه من كنوز السنة النبوية الصحيحة، والذي يعد منهاجًا لأهل الإيمان من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
لقد أثاروا عن صحيح البخاري شبهًا كثيرة كلها هاوية ، ومن هذه الشبه الكثيرة التي أثاروها أن البخاري مات ولم يبيض كتابه وتركه مسودة ، وهم يريدون بذلك أن يصلوا إلى أن البخاري لم ينقح كتابه وجاء بعده من نقحه كي يفتحوا بابًا من التشكيك في القلوب المؤمنة.
فهل مات البخاري قبل أن يبيض صحيحه؟
إن الغرض من هذا الكلام إيهام القارئ أن الإمام البخاري ترك كتابه مسودة ومن شأن المسودات أنها لم تنقح ، ومن شأن عدم التنقيح أن يأتي الكتاب على غير ما يرام ، كل ذلك ليخلصوا إلى ما يريدون من التشكيك في منزلة أحاديث الصحيحين .
والمتواتر والصحيح أن البخاري رحمه الله لم يمت إلا بعد أن نقح كتابه وهذبه غاية التهذيب ، وهذا النقل الذي ذكره الحافظ ، إنما هو في شأن التراجم التي بيضها البخاري أي ذكرها ، ولم يذكر فيها حديثاً ، أو الأحاديث التي ذكرها ولم يذكر لها باباً ، بل إن هذا النقل يدل على أن صحيح البخاري كان مدوناً في أصل محرر .
وليس أدل على أن البخاري لم يمت إلا بعد أن حرَّر كتابه ، وعرضه على أئمة الحديث مما قاله أبو جعفر محمود بن عمر العقيلي : (( لما ألّف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحي بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة وروى عنه الفربري قوله : (( ما كتبت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين)) ، وذلك كي يجتمع له الاطمئنان القلبي مع البحث العلمي .
ومما يدل كذلك على ما بذله البخاري رحمه الله من جهد وتنقيح ، وغربلة للأحاديث حتى جاء كتابه في غاية التحرير قوله : (( جمعت كتابي هذا من ستمائة ألف حديث)) .
وقد استفاض واشتهر أن البخاري لم يمت إلا بعد أن حدَّث بتلك النسخة طلابه ، وسمع الناس منه من هذه النسخة، وأخذوا لأنفسهم نسخاً في حياته، وتسابقوا في كتابة أصله، مما يثبت أنه كان مطمئناً إلى جميع ما أثبته فيها .
ستظل السنة النبوية ناصعة البياض تهدي الحائرين وتثبت المؤمنين حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وسيظل صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى .
الرد على الشبهات حول السنة النبوية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة