لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
نظمت أكاديمية الفتح للتدريب وتكولوجيا المعلومات فس شهر يونيه دورة عن علاج الوسواس القهرى على الجانب الإيمانى. وقد حاضر فيها فضيلة الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض، وجاء فيها: أنت عندما تتبع فى العلاج أسلوبًا خاطئاً فإنك قد تشعر بالتحسن لبعض الوقت ولكن سرعان ما تصاب بالانتكاسة، ومعنى الانتكاسة أى أن الإنسان يصل إلى حالة يصعب التغلب فيها على الوسواس ، لأنه قد ضعف أمامه، وتراجع فسيطر عليه، واستحوذ عليه.
وعندما رآك الشيطان ملتزمًا تحب الله ورسوله، فإنه يحاول هدم العقيدة عندك.
سُمِّيت هذه المحاضرة بالمواجهة الصعبة‘ لأنك تحتاج إلى جهد كبير، وطاقة قوية للتغلب على هذا الوسواس مع أنه ضعيف، وكثير من الناس يخفق فى هذا وذلك بسبب اتباع الوسائل الخاطئة.
الوسواس القهرى أصعب ما يكون على غير المسلمين، ولذلك نرى فيهم كثرة حالات الانتحار.
الشيطان ليس السبب الرئيسى للوسواس القهرى، بل هو أحد أسبابه، فمن الأسباب: النفس الأمارة بالسوء، والقلب ضعيف الإيمان.
ومن أساليب الشيطان للسيطرة على الإنسان التخويف، فيتفنن فى أساليب التخويف، ويخوفك من كل شيىء من الرعد، من البرق، يخوفك من نفسك، يجعلك تشعر بأنك تابع له، وأنه هو المسيطر عليك، وأنك مسلوب الإرادة، فتفتح له الأبواب يدخل من أيها شاء، قال تعالى: { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} يزرع لهم الخوف فى كل مكان، ولكنك إذا أكملت الآية ستجد المواجهة: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} لا بد أن نواجهه من كل المنافذ التى يدخل منها، وعدم الهروب.
بعض أساليب المواجهة:
الشيطان يفسد عليك العبادة، لذلك لا بد من المواجهة بشتى الأساليب الممكنة، فُكَّ أسرك من الشيطان، ابتعد عن القيل والقال وعن سوء الظن بالناس.
من أخطر المداخل التى يُهزم بها الإنسان سوء الظن بالله تعالى، وسوء الظن بالناس، لابد من معرفة عدوك، { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًّا} احمِ نفسك من الشيطان، أقم أسوارًا عالية، كلما ألقى إليك بفكرة فلا بد أن ترد عليه بسرعة.
الفراغ من أخطر مداخل الشيطان للإنسان، خاصة الفراغ الداخلى.
ومن أهم أساليب المواجهة:
1- الصبر والجلد فى الطاعات، وتجييش الطاقات اللازمة لرد هذا الوسواس، والتغلب عليه.
عوامل الإحباط كثيرة، فهو يجعلك تتكاسل عن الصلاة، وعن القرآن، وعن ذكر الله عز وجل، ولكن عليك بالمقاومة، والصبر والجلد.
ومن هذه الوسائل على سبيل المثال: استغفر الله بعد الصلاة مائة مرة على الأقل، سبح الله مائة مرة على الأقل قبل النوم، والتسبيح بأسماء الله الحسنى: ياحى يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لى شأنى كله، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين, يا رحمن يا رحيم..
وعليك أن لا تتراجع، وأن لا تضعف كى لا تصاب بالانتكاسة، فالعلاج فى مرحلة الانتكاسة يكون شديد الصعوبة، فلا بد من العزيمة، ولا بد من الصبر والمثابرة والجلد، فلا نجاح فى أى مجال إلا بالعزيمة، فلا بد من الإحساس بالقوة، والمداومة فى مجاهدته يوميًّا بلا انقطاع، حتى ييأس الشيطان، وهذه مسألة ليست بالصعبة لمن تمسك بتقوى الله، وجاهد نفسه، وأخلص عمله لله، ولم يبالِ بما ينتابه من وساوس، قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة}، وأخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم أنه من صلى العشاء فى جماعة فله براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق، ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" إذًا الشرط الأساسى هو المواظبة على الأعمال وليس كثرتها.
2- القضاء على وقت الفراغ:
من أخطر مداخل الشيطان إلى الإنسان فراغ الوقت من الأعمال.
الشيطان يحاول أن يبعد الإنسان عن العمل ويحاول أن يوسع وقت فراغه لكى يسهل له الاستحواز عليه، ويحاول حجبه عن الناس، ويحبب إليه العزلة، والإنفراد، حتى يصاب الشخص بالرهاب الاجتماعى، ويبدأ بعد ذلك مرحلة العمل الجاد على إفساد الحياة بين الشخص وكل أحبابه، خاصة الزوجة، حتى يصل الأمر إلى أن يتهم زوجته بالخيانة.
يظل الشيطان بالإنسان هكذا حتى يصل به إلى مرحلة الشك فى الله عز وجل، فيشك فى وجود الله، ويشك فى قدرة الله، ويشك فى نصر الله.
فعلى الإنسان أن يملأ وقت فراغه بأشياء نافعة لدينه ولدنياه، ومن هذه الوسائل حفظ القرآن الكريم، وصلة الأرحام، وعيادة المرضى، وشغل الأوقات عامة بكل ما فيه البعد عن سخط الله عز وجل، والبعد عن مسالك الشيطان الرجيم، قال تعالى: { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}
ومن وسائل الشيطان إلى هذا أيضًا أن يوقعك فى العزلة والبعد عن الناس، وقد نهى النبى صلى الله وسلم عن ذلك فقال: "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"
3- اختيار العمل الأصعب على النفس.
من أهم وسائل مواجهة الوسواس اختيار الأعمال الصعبة والشاقة على النفس، فذلك يهون الشيطان فى عين الإنسان ويصغره، وذلك ما نسميه الحرب المتكافئة، فلا بد أن يكون سلاحك أقوى من سلاح الشيطان.
الحكمة العطائية تقول" إذا التبس عليك أمران فاختر أشقهما على النفس" لأن الجزاء يكون على قدر العمل، وقوة الإرادة والعزيمة تأتى من قوة العمل وصعوبته قال الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال **** يعش أبد الدهر بين الحفر
وقال آخر:
على قدر أهل العزم تأتى العزائم**وتأتى على قدر الكرام المكارم
وفى الختام نؤكد على أن العلاج الأنجع للوسواس القهرى يكون بالطريقة الإيمانية، بالحفاظ على النفس من الهوى والضلال، والوقوع فى المعاصى، والتحقير من خطر صغائر الذنوب، والأهم من ذلك كله فى هذا الجانب هو عدم الاهتمام بالوساوس والمبالاة بها.
قال الله تعالى: { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
{إن الله وملائكته يصلون على النبى ىا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}
دورة فى علاج الوسواس القهرى: المواجهة الصعبة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة