الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الأسلامى
أخذ العرب الكرم والعطاء عن أبيهم إبراهيم عليه السلام، يذكر القرآن الكريم قصة إبراهيم عليه السلام مع النفر الذى جاءوه، وهو لا يعرف أنهم ملائكة، وقبل أن يسألهم عن حاجتهم، راغ إلى أهله وهذا من تمام كرمه، وجاءهم بعجل سمين{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ . فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات 26 -27].
فالكرم خلق أصيل عند العرب وجاء الإسلام وأقر هذا الخلق العظيم، وشجع على البذل والسخاء، إلا أنه جعل إخلاص النية لرب العالمين هو الدافع لهذا الخلق.
قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا} [الإنسان 8 – 9] فعلى قدر نقاء السريرة تكتب الحسنات.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يقول ابن آدم مالى مالي، وهل لك يابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)) [رواه مسلم5258].
ومن عجيب ما روى من قصة ضيف إبراهيم عليه السلام أنه ((لما قرب إليهم العجل قالوا: إنا لا نأكل طعاما إلا بثمنه، قال إبراهيم: إن له ثمنًا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره، قال فنظر جبريل إلى ميكائيل: فقال: حقٌ لهذا أن يتخذه ربه خليلًا.
وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة، قال ابن عباس: ((كان النبى صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)) [رواه البخاري، 3290].
وقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو البذل والعطاء وإطعام الطعام على من نعرف وعلى من لا نعرف، فقد أجاب صلى الله الرجل الذى سأله : ((أى الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)) [رواه البخاري، كتاب الاستئذان 5767].
وكان من أثر هذه التوجيهات، ومن جود النبى صلى الله عليه وسلم، أن تسابق الصحابة رضى الله عنهم فى البذل ابتغاء مرضاة الله، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيت لأهلك ؟)) قلت: مثله وأتى أبو بكر رضى الله عنه بكل ما عنده! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟)) قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا)) [رواه أبو داود، 1429]، لقد تميزت حياة الصالحين بالكرم وحب الإنفاق حتى فى أصعب الظروف، فقد وصل كرم الأنصار رضى الله عنهم الحد الذى آثروا فيه على أنفسهم، وهذا غاية الكرم، فاستحقوا ثناء الله عليهم بهذه الصفة، ومن ذلك استضافتهم ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو جائع، فلم يجد له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا عند زوجاته.
فطلب من أصحابه استضافته فاستضافه أنصارى لم يكن عنده إلا عشاء أهله وصبيانه، فأنام صبيانه، وقدم طعام أهله إلى ضيفه وجلس معه، فأطفأت المرأة السراج، وجعلا يريانه كأنهما يأكلان! ولكنهما باتا جائعين! فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ضحك الله الليلة – أو عجب - من فعالكما))، فأنزل الله قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] [ البخارى 3587].
تعلم الإيثار والجود فى حياتك حتى يؤثر الله لك الحسنى بعد وفاتك.
الكرم خُلق إسلامى تحلّى به خليل الله..ونبينا كان أجود الناس
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة