من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الأسلامى

maxresdefault

“من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه”، وتلك حكمة الله تعالى فى الكون الذى خلقه فى ستة أيامٍ، ولم يخلقه فى يومٍ واحد، ولا فى ساعة أو لحظة واحدة، ومن قدرة الله تعالى وعظمته أنه خلق الإنسان من عجل، كما قال الملك {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُورِيكُمْ آيَاتِى فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [ الأنبياء: 37] فآدم عليه السلام تعجل عندما بثت فيه الروح، ولم تكتمل فى مكتمل جنباته الترابى فتحرك عليه السلام قبل أن يكتمل بنيانه.

إن كل شيء فى هذه الحياة مرتب بإرادة إلهية، ولن يستطيع أحد أن يغلب على القدر، ولن يستطيع أحد أن يكون أقوى من مشيئة الله تعالى مهما بلغ من جهد وطاقة.

ولأجل هذا جعل الله تعالى الدعاء ليستمد المؤمن قوته من الله تعالى فى مواجهة ما قدره تعالى فلا يرفع القدر إلا الدعاء.

ولما هاجر المسلمون إلى بلاد الحبشة كان هذا إيذانًا بالفتح، رغم أنهم تركوا مكة وأهلها وذكرياتها، ولكنهم هاجروا من مكة لكى يفتح الله تعالى لهم من الخير أبواب أخرى، وعندما فتح الله لهم هذا الباب من أبواب الخير كان هذا أخذًا بالأسباب، ولو استعجلوا هذا النصر قبل أوانه كانت الدعوة الإسلامية ستموت عن بكرة أبيها.

( من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه ) ولهذا ظل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يقضى حياته الأولى فى الدعوة سرًا متكتمًا حتى نمت القلوب، واستطاع أن يواجه أهل الشرك، ونزل قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج 39].

فلم يأذن لهم النبى الكريم بالجهاد إلا بعد أن هاجروا إلى المدينة، واستقروا فى المدينة، ونزلت سورة الحج، أما قبل ذلك فلم يكن مسموحًا لهم كى لا يستعجلوا النصر قبل أوانه وقبل أن تكون العدة البشرية مهيئة وجاهزة.

ولهذا ورد أن رجلا قام لكى يصلى وتعجل فى أداء صلاته، فقال له سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلِّ فإنك لم تصلى؛ لأنه كان مستعجلاً فى صلاته فعوقب ببطلانها، فأعادها مرة أخرى وأخرى، وظل يعيدها حتى صارت بتمهل وإمعان وروية، وذات قيمة عند الله تعالى، ولهذا فالإنسان لا بد أن يكون صبورًا، ومقدرا لحكمة الله تعالى فيما خلق.

وأنت قد تقطع ثمرة الفاكهة قبل أوانها ونضوجها، ولا تأكلها لأنها ما زالت لم تنضج ولم تطيب ويحلو طعمها فُتحرم منها، وتجد الرجل يخرج متعجلاً ليقضى مصلحة له، فيستعجل الأمر ويخشى فواته، فلا يصلى ولا يذكر الله تعالى استعجالا، بل ولا يكمل أوراقه التى يريد أن يقضى بها أمره لتعجله، وعندما يصل إلى المكان المبتغى لا يجد أوراقه فيحرم ويعاقب بحرمان قضاء ما يريد لأنه تعجل الأمر، ولو أنه رتب أوراقه وأموره، وأعد نفسه، ما عوقب بالحرمان. ( من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه ).
ـ