الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الأسلامى
كانت الدنيا ظلامًا، فأشرقت بنوره، كانت القلوب ميتة، فأحياها بنور الإسلام ، كانت الغشاوة تعمى العيون عن نور الحق فأزالها، كان منهم عبيد فحررهم، وأسياد فأكرمهم، وكان التفكك شعارهم فوحدهم برباط الدين، إنه محمد «ﷺ»أشرف الخلق والمرسلين، الذى سرعان ما صار يتيم الأبوين، فزاده اليتم قوة.
لأنه أعظم البشر اهتم المستشرقون بدراسة شخصية الرسول وتوصلوا لحقيقة أجمعوا عليها أنها سيد البشر فيقول البروفيسور راما كريشنا راو فى كتابه «محمد النبى»: «لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، ولكن كل ما فى استطاعتى أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة، فهناك محمد النبى، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامى العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضى كل هذه الأدوار الرائعة فى كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلاً.
وقال المفكر الفرنسى لامارتين فى كتاب «تاريخ تركيا»: إذا كانت الضوابط التى نقيس بها عبقرية الإنسان هى سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذى يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم فى عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات.. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم، لكن هذا الرجل محمدا صلى الله عليه وسلم لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ.. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
لقد صبر النبى وتجلد حتى نال النصر من الله ، كان طموح النبى صلى الله عليه وسلم موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك، حتى صلاة النبى الدائمة ومناجاته لربه ووفاته صلى الله عليه وسلم وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذى أعطى النبى الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.
فالشق الأول يبين صفة الله ألا وهى الوحدانية، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى وهو المادية والمماثلة للحوادث , ولتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثانى فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة وبالحكمة والموعظة الحسنة،
وقال مايكل هارت العالم الأمريكى فى كتابه مائة رجل من التاريخ إن اختيارى محمدًا، ليكون الأول فى أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد فى التاريخ كله الذى نجح أعلى نجاح على المستويين: الدينى والدنيوى.فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح فى المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى فى اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذى أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها فى حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه فى هذا المجال الدنيوى أيضًا، وحّد القبائل فى شعـب، والشعوب فى أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها فى موضع الانطلاق إلى العالم، أيضاً فى حياته، فهو الذى بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
حب الرسول صلى الله عليه وسلم فى ربيع الخير
حب النبي صلى الله عليه وسلم دائما في قلب كل مسلم وهو جزء من الإيمان ولكن ما معنى حب الرسول صلى الله عليه وسلم. وهل يقف الأمر على القول اللفظي فقط أم باتباع السنة النبوية الشريفة وتطبيقها والاقتداء بأخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به من عند الله من الأقوال والأفعال؟
يقول الدكتور عبد اللطيف الحسين أستاذ الشريعة والثقافة الإسلامية: إن منهج الإسلام يحتاج إلى بشر يحمله ويترجمه بسلوكه وتصرفاته، فيحوِّله إلى واقع عملي محسوس وملموس، ولذلك بعث الله تعالى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن وضع في شخصيته الصورة الكاملة للمنهج؛ ليترجم هذا المنهج ويكون خير قدوة للبشرية جمعاء. ولهذا يجب على كل مسلم ومسلمة الاقتداء والتأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم; فالاقتداء أساس الاهتداء، قال تعالى : «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً»، ونحن نرى الحب الحقيقي حينما كان الصالحون إذا ذكر اسم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم؛يبكون شوقا وإجلالا ومحبة لَهُ، وكيف لا يبكون؟ وقد بكى جذع النخلة شوقا وحنينا لما تحوَّل النبي صلى الله عليه وسلم عنه إلى المنبر، وكان الحسنُ إذا ذَكَرَ حديث حَنينَ الجذع وبكاءه، يقول : «يا معشر المسلمين، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إلى لقائه؛ فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه». كما أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان الذي لا يتم إلا به، فعن عمر، قال رسول الله: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين»
ويضيف الأستاذ الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية، بكلية دار العلوم: إن محبة النبي ليست كسائر المحبة لأي شخص. فمحبته صلى الله عليه وسلم عبادة نتعبد بها الله، وقربة نتقرب بها من خلالها إليه، وأصل من أصول الدين، كما قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. وكما قال رسول الله : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين».ومحبة النبي ليست أمرًا ثانويًّا، أو أمرًا مخيرًا فيه إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه، بل هي واجب على كل مسلم، وهي من صميم الإيمان، ولا بد لهذا الحب أن يكون أقوى من أي حب، ولو كان حب المرء لنفسه.
كان أن رسول الله هو أحب الخلق إلى الله تعالى، فقد اتخذه خليلاً وأثنى عليه ما لم يثن على غيره، كان لزامًا على كل مسلم أن يحب ما يحب الله، وذلك من تمام محبته سبحانه، كما وصفه ربه {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]. ولذلك أرجأ استجابة دعوته شفاعةً لأمته غدًا يوم القيامة.والاقتداء به من أكبر العلامات على حبه، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
فالمؤمن الذي يحب النبي هو الذي يقلِّده في كل شيء؛ في العبادة، وفي الأخلاق، وفي السلوك، وفي المعاملات، وفي الآداب، كما كان شأن الصحابة الكرام؛ فعن نافع قال: لو نظرت إلى ابن عمر في اتباعه لرسول الله لقلت هذا مجنون.
ويضيف الشيخ جمال توفيق من علماء الأزهر الشريف أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم أصل عظيم يعيش به الإنسان المسلم ويرسم به حياته بمنهجه الرباني من خلال حسن الإيمان بأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتقديم محبته على محبة النفس والولد والزوجة وجميع الخلق، والعمل بما جاء الرسول العظيم دون شطط أو غلو أو ابتداع، ومن علامات محبته كثرة الصلاة والسلام عليه ونشر سنته العطرة والتخلق بأخلاقه والاقزتداء به في جميع شئون الحياة.
ويضيف الشيخ محمد علي إمام بوزارة الأوقاف : الحب الحقيقى لرسول الله يكون باتباع هديه والعمل بسنته لأن الله تعالى أحبه واصطفاه رحمة للعالمين قال الله تعالى (قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وجاء أيضا في حديث مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: « سل؟ «. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: « أو غير ذلك» قلت: هو ذاك. قال: « فأعني على نفسك بكثرة السجود « إن من يعشق طه خيرخلق الله يسعد لأنه حب اتباع للهدى
..مــلاذ اليتامى والرحمة المهداة صل الله عليه وسلم
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة