تنبأ الرسول الكريم بفتح قبرص بحرًا.. وانتهاء الخلافة الراشدة بعده بـ30 عامًا

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الدكتور

نتكلم بمشيئة الله تعالى في هذا الدرس عن النبوءات التى تنبأ بها النبى صلى الله عليه وسلم، لكى نزداد حبًّا ويقينًا في النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
* أم حرام بنت ملحان، رضي الله تعالى عنها: هى إحدى خالات النبي صلوات ربي وسلامه عليه في الرضاعة وكل الأحاديث التي سأذكرها في هذا الدرس، موجودة في الصحيحين وفى الكتب الأخرى الصحاح بفضل الله الملك. وذات يوم، ذهب النبى صلى الله عليه وسلم إليها وقت القيلولة فنام عندها رضي الله تعالى عنها، وعندما استيقظ، قال: رأيت رجالًا من أمتي يركبون البحر، ملوكًا على الأسرة، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن أكون منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: أنتِ منهم.وفعلًا خرجت هذه الغزوة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه ، يركبون البحر الأحمر، ثم البحر المتوسط، ثم ذهبوا إلى قبرص، وفتحوها، فكانت الرؤيا التي رآها سيدنا صلوات ربي وسلامه عليه، فقالت الصحابية: ادع الله تعالى أن أكون منهم، فقال: أنتِ منهم. فكانت أم حرام بنت ملحان، رضي الله تعالى عنها، واحدة من الذين فتحوا قبرص، هكذا صدق النبي صلى الله عليه وسلم. وأما قوله ملوك على الأسرة، فهي إشارة إلى العهد الأموي، بما كان يتمتع به هذا العهد من صفة صارمة، تختلف عن عهد النبوة، وعن عهد الخلافة الراشدة، صدقت صلوات ربي وسلامه عليك.

*على ذكر الخلافة، وسيدنا معاوية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون خلافة عادلة ثلاثين عامًا، ثم يأتي مُلك عضوض» بمعنى أن الخلفاء الراشدين، رضي الله تعالى عنهم وهم: أبو بكر الصديق - عمر بن الخطاب - عثمان بن عفان - علي بن أبي طالب، كانت مدة خلافتهم، ثلاثين سنة، فلو جمعناها لك، الصديق عَمَّر في الخلافة سنتين ونصف رضي الله تعالى عنه، وسيدنا عمر مكث عشر سنوات ونصف، وسيدنا عثمان ظل عشر سنوات، وسيدنا عليّ استمر خمس سنوات. ظل الخلفاء الراشدون ثلاثين سنة، وفي آخر يوم في الثلاثين سنة، تنازل الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهما، عن الخلافة، لمعاوية بن أبي سفيان حقنًا لدماء المسلمين.

ستكون خلافة راشدة، عادلة، ثلاثين عامًا، وبعدها يأتي ملك عضوض ما شاء الله، وهي دولة بني أمية، وبعدها دولة بني عباس، وكذا. وفي تنازل الحسن رضى الله عنه نبوءة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:» إن ابني هذا سيد، ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الإمام الحسن، تنازل عن الخلافة حقنًا للدماء حيث كان القتال على أشدِّه بين الإمام علي، وبين معاوية بن أبي سفيان، رضي الله تعالى عنهما، فلما استشهد الإمام علي آلت الخلافة إلى الحسن رضى الله عنهما، فتنازل عنها مباشرة لمعاوية بن أبي سفيان وأدًا للفتنة، وذلك مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: لعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين، فأصلح بالإمام الحسن، رضي الله تعالى عنه، وعن آل بيت سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه.

*دخل النبي حائطًا، والحائط أي البستان، ووقف عبد الرحمن بن عوف، قال سأقف حارسًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل البواب الذي يدخل الناس، قال: فجاء أبو بكر، فاستأذنتُ رسول الله، فقال له أدخله وبشره بالجنة، الله أكبر، ثم أتى سيدنا عثمان، رضي الله تعالى عنه، فاستأذن سيدنا، فقال أدخله، وبشره بالجنة، ويموت بعد بلاء وبعد مصيبة، فكان موت سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه بداية للفتن في أمة الإسلام.

*يهتز جبل أحد بالنبى صلوات ربي وسلامه عليه، فيقول له: «اثبت أحد، فإنما عليك نبي و صديق وشهيدان».
وكان بجوار النبي صلى الله عليه وسلم الصديق، وسيدنا عمر، وسيدنا عثمان رضي الله تعالى عنهم، أثبت أحد فإن عليك الصديق، رضي الله تعالى عنه، وشهيدان، والشهيدان، فهما سيدنا عمر، وسيدنا عثمان، رضي الله تعالى عنهما.

وكلاهما مات شهيدًا في سبيل الله، ما أجمل كلامك يا رسول الله، صلى الله عليك وسلم.
*لازال صلوات ربي وسلامه عليه يستخرج لنا من كنوز الحياة، ففي البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بأرض الحجاز، فتضيئ أعناق الإبل في ببُصرَى» هذا حديث مهم وجميل، يشير النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن الساعة لن تقوم حتى تخرج نار من أرض الحجاز، فترتفع هذه النار، حتى أن أهل بصرى - وهذه مدينة في الشام- يشاهدون هذه النار، التي ظهرت في المدينة، هذه نبوءات عظيمة.

وبعدها بأربعمائة سنة، ظهرت نار في جبال سوداء، ولا زالت سوداء إلى يومنا هذا في المدينة، يقول الإمام الواقدي: لقد رأيت هذا بنفسي، عندما كنت طالب علم، أخاديد سارية في الأرض من قوة النار، الجبال سالت، تحولت إلى نار مذابة مثل الرصاص المسال، وظلت تسير، حتى دخلت على الناس في بغداد بالعراق، ولا زالت هذه الآية موجودة إلى يومنا هذا، وهذه إحدى علامات الساعة الصغرى، وقد ظهرت هذه النار، وشاهدها الناس، في الشام، وشاهدها الناس في مكة، وشاهدوها في بغداد.

*يقول النبي صلوات ربي وسلامه عليه للسيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: «إذا أدركت كلاب الحوأب فارجعي» أنتم تعلمون الفتنة التي كانت بعد مقتل عثمان رضى الله عنه، بين السيدة عائشة أم المؤمنين، وبين الإمام علي بن أبي طالب، كانت السيدة عائشة كانت تسير فى موقعة الجمل، ومعها الناس، فأدركت مكانًا، فسألت الناس، ما اسم هذا المكان؟ فقالوا لها: هذا المكان اسمه «ماء الحوأب» وفجأة سمعت الكلاب تنبح، وفجأة تذكرت قول النبي صلوات ربي وسلامه عليه، إذا أدركت نباح كلاب الحوأب فارجعي، فرجعت لما أدركت المكان، وعرفت أنه الحوأب، تذكرت أنها ينبغي أن ترجع فرجعت.

*كان موت النبي صدمة كبيرة للصحابة الذين كانت حياتهم كلها تدور حول شخص النبي، فهو حياتهم، هو الهواء لذى يحيون به، هو شخصية هذه الأمة، هو حضارة هذه الأمة، فلم يتصور الصحابة، أن النبي سيختفي فجأة من حياتهم، كان عمر رضى الله عنه يقود هذا الفريق، كيف يموت النبي؟ قال عمر رضي الله تعالى عنه: من قال إن محمدًا قد مات، لأضربن عنقه، لم يصدق سيدنا عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.فقال له سهيل بن عمرو هذا الذى كان عمر رضى الله عنه يريد أن يقتله لما تجرّأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر، ألم تقرأ قوله تعالى:{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}
يقول عمر رضى الله عنه: كأني أسمعها لأول مرة فهدأ عمر رضى الله عنه. سبحان الله الملك، من الذي قام هذا المقام؟ وسُرَّ به عمر رضي الله تعالى عنه، لأنه أنهى فتنة، إنه سهيل بن عمرو، رضي الله تعالى عنه.عندما مات عمر رضي الله تعالى عنه، دخل المسلمون في فتن، لم تنتهِ آثارها إلى يومنا هذا.

* يقول سيدنا للصحابة المستضعفين عندما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه حالهم، والحديث في البخاري، أتوا النبي وهو متوسد رداءه بجوار الكعبة، يشكون حالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويطلبون منه الدعاء، يأن ينصرهم الله تعالى، ويثبتهم، فقال: « كان يؤتى بالرجل ممن كان قبلكم، فيوضع المنشار على مفرق رأسه، فيشقه نصفين، وما يصده هذا عن سبيل الله، ولكنكم قوم تستعجلون، والذي نفس محمد بيده، لتسير الظعينة من مكة إلى القادسية، لا تخشى إلا الله والذئب على غنمها، ولكنكم قوم تستعجلون»المرأة الظعينة تخرج من مكة ذاهبة إلى العراق وحدها فلا يصيبها مكروه، ولا تخشى على نفسها أدنى فتنة.