عبد الله بن سلام ..الإمام الحبر

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الدكتور

عبد الله بن سلام بن الحارث كان حَبْرا من علماء يهود بني قَيْنُقَاع، ثم أسلم مَقْدَمَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة، قال عنه الذهبي في السير: ((الإمام الحَبْر، المشهود له بالجنة، حليف الأنصار، من خواصِّ أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم)).
وقال عنه النوويّ: ((وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان اسمه في الجاهلية حصينا، فسماه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: عبد الله، أسلم أول قدوم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة.

بعد وصول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة مهاجرًا من مكة، كان الأنصار يتطلعون إلى استضافته، وكلما مر على أحدهم دعاه للنزول عنده، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم: ((دعوا الناقة فإنها مأمورة))، فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - في مكان المسجد النبوي الذي هو فيه الآن، ثم أخذت الوفود تتوافد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دار أبي أيوب، وقد تنادى الناس فيما بينهم: قدْ قدِم رسول الله، قد قدم رسول الله .

جاء عبد الله بن سلام مع الناس ليرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((أول ما قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة انجفل (أسرع) الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلمّا تأملت وجهه، واستثبته علمت أنّ وجهه ليس بوجه كذاب!، قال: وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: أيها الناس! أفشوا السّلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)) ) رواه الترمذي .

قال السندي: ((عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب() لما لاح عليه من سواطع أنوار النبوة، وإذا كان أهل الصلاح والصلاة في الليل يُعْرَفون بوجوههم، فكيف هو وهو سيدهم ـ صلوات الله وسلامه عليه)).

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: ((أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟، وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟، قال: أخبرني به جبريل آنفا، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال : يا رسولَ اللهِ، إن اليهود قوم بُهْت، فاسألهم عنِّي قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟!، قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟!، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قالوا : شرُّنا وابن شرِّنا، وتنقصوه، قال: هذا كنتُ أخاف يا رسولَ الله ) رواه البخاري .

بشَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ بالجنة، فعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال: ((التمِسوا العلم عند أربعة، عند: عويمرٍ أبي الدَّرداءِ، وعند: سلمان الفارسيِّ، وعند: عبد الله بن مسعود، وعند: عبد الله بن سلامٍ الذي كانَ يهوديًّا فأسلم، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: إنه عاشِرُ عشرةٍ في الجنة)) (رواه الترمذي) .