الإستاذ الدكتور /أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
كان الصحابى خزيمة بن ثابت رضي الله عنه يكنى بـ ((ذو الشهادتَين))، وذلك لحادثة وقَعَت فى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فكنَّاه النبي صلى الله عليه وسلم به، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكِه بن مالك بن الأوس الأنصاري، وُلد في حدود سنة 20 قبل الهجرة النبوية المباركة، فما قبلها.
وعن لقبه ((ذو الشهادتين)) يُروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم اشترى فرساً من أعرابي، ولم يكن مع النبي عليه الصلاة والسلام الثمن، فاصطحب الأعرابي معه ليعطيه الثمن، وأسرع عليه الصلاة والسلام السير، وأبطأ الأعرابي، فلقيهُ أناس عرضوا عليه في فرسه ثمناً أكبر من الذي اشترى بهِ الرسول صلى الله عليه وسلم الفرس، فطمِعَ الرجل في الزيادة، ونادى على رسول الله عليه السلام قائلاً: أتشتري هذا الفرس أم أبيعه لغيرك؟.
فقال النبي عليه الصلاةُ والسلام: أو ليس قد ابتعته منك؟.
قال الأعرابي: لا والله ما بعتهُ لك .
فقال عليه الصلاة والسلام : بلى قد ابتعته منك .
فقال الأعرابي: هل من شاهدٍ على ما تقول؟ (ولم يكن هناك أحد شاهدًا لرسول عليه الصلاة والسلام حين اشترى الفرس).فسمِعَ خزيمة بن ثابت رضي الله عنه كلام الأعرابي، فقال: أنا أشهد أنكَ قد بايعته، فأقبل النبي عليه الصلاة والسلام على خزيمة قائلاً : ((بِمّ تشهد؟)).
فقال : يا رسول الله أأصدقك في كل ما جئت به، ثم أكذبك في هذه، فسُرَّ رسول الله وقال عليه الصلاة والسلام: ((من شهد له خزيمة فحسبه)) أي: جعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
ولم يكن هذا التكريم بلا هدف، بل كان له بعد آخر، فعندما أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن، فأمر زيد بن ثابت فجمعه، وقد كان زيد لا يسجل الآية من القرآن إلا إذا وجدها مكتوبة، واثنان من الصحابة يحفظونها في صدورهم، فلم يبق إلا آيتي آواخر سورة التوبة، وجدها مكتوبة، ولكنها كانت محفوظة من صحابي واحد، وليس من اثنين، وهذا يبطل قاعدته التي كان يجمع بها القرآن، وهي قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) } [التوبة: 128 - 129] وقد وجد زيد الآية عند خزيمة بن ثابت فقط، فتذكر كلمة رسول الله في خزيمة وهي قوله: ((من شهد له خزيمة فحسبه)) فسجلت الآية بشهادة خزيمة.
وحين ظهر نور الإسلام، كان خزيمة الأنصاري من أوائل المبادرين إليه، ثمّ شهد أوّلَ ما شهد أُحُدًا، وما بعدها من المشاهد .كان هو وعُمَير بن عَدي يكسِّران أصنام بني خَطمة، ثمّ حمل راية بني خطمة يوم فتح مكّة، ودخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد معركة مُؤتة، وشارك فيها مشاركة مشهودة.
فهو من الصحابة الأبرار الأتقياء الذين مضَوا على منهاج نبيّهم صلى الله عليه وسلم، فلم يغيِّروا ولم يبدِّلوا استشهد سنة 37 هـ.
خزيمة بن ثابت: شهادة تساوي شهادة رجلين
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة