الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
تفوقه في مراحل التعليم، أهله للإلتحاق بكلية العلوم التي تعد قبلة النابغين حينئذ، لكن الفتي النابهة كان له رأي آخر فعشقه للغة القرآن وحرصه علي تدارس علوم الشريعة وتحصيل علوم القرآن كان يراوده في يقظته ومنامه ، فقرر أن يلتحق بكلية التربية قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة طنطا وحقق تفوقًا على مدار سنوات الجامعة ليكون الأول علي أبناء دفعته من جميع الشعب، استكمالًا لمسيرة التفوق الدراسي والعلمي، وعمل معيداً ومدرساً مساعداً ثم مدرساً ثم استاذاً بالجامعة وحصل علي الماجستير والدكتوراه في الدراسات اللغوية والإسلامية من عام 1985 إلي عام 1992.
في رحاب النبي
ويكبر حلم العطاء مع فضيلته فيتقرب من الطلاب؛ يستمع إلى مشاكلهم والمعوقات التي تقف عائقًا بينهم وبين التفوق، ويمنح غير القادرين الكتب بالمجان؛ حتى أصبح أقرب إليهم من الشقيق والصديق ، علاقة الحب التي ربطته بتلاميذه في محراب الجامعة جعلت الأنظار تتجه إليه ليكون ضمن المرشحين للسفر إلي المملكة العربية السعودية للعمل أستاذاً بجامعة أم القري بمكة المكرمة في الفترة من 1995 وحتي 2000، وأثناء ذلك كانت له برامج دينية في إذاعة القرآن الكريم بمكة المكرمة، ومشاركات في الصحف السعودية ومحاضرات في نادي مكة الثقافي والأدبي.
بعد خمس سنوات قضاها في أطهر بقاع الأرض عاد إلي مصر ،حاملاً معه آمالا عريضة لينفذ مبادرة "إغاثة" على أرض الواقع، واستطاع الرجل أن يغرس حب الحياة والعمل في عقول محبيه عبر عطاء مستمر وصلت معه ساعات عمله أحيانا إلى 20 ساعة في اليوم وأصبح واحداً ممن أخذوا علي عاتقهم أن يكون عمل الخير جزءاً من حياتهم اليومية، في شواهد لا تحصى، وهي عند الجميع لا تخفى.
بذرة الأمل
فغرس بذرة الأمل من مسقط رأسه من قرية دقميرة تلك البقعة التي تربي وترعرع فيها منذ الصغر ليقدم نفسه خادماً لأهلها الذين يتسمون بالبساطة كعادة أهل الريف الطيبين وكان أول ما بدأ به هو رفع المستوى المعيشي لأبناء قريته التي تحولت إلى نموذجية، فأنشأ فيها جمعية "لجنة الزكاة وتنمية المجتمع" من ماله الخاص مما أكسبه حب الناس وثقتهم فيه.
وذاع صيته بين العامة بعدما استحسن المتعطشون إلي معرفة الله اسلوبه البسيط والسلس في الحديث عن العبادات والمعاملات ومواجهة مشكلات الحياة حيث كان يطل عليهم عبر شاشة القناة السادسة بالتلفزيون المصري التي كان يحل عليها ضيفاً، حيث ابتكر مفهوما جديدا في العمل الدعوي قائماً على تبسيط المعلومة مذكراً الناس بالله محبباً إلي فعل الخير حاثاً علي هزيمة الكسل والتحلي بالهمة ومقارعة نوائب الدهر، وأخذ ينشر رسالته عبر البرامج الدينية في إذاعة القرآن الكريم وقنوات التلفزيون المصري الأرضية والفضائية.
مشروعات لخدمة البلد
ذاع صيت الدكتور أحمد عبده عوض كفاعل خير دون مقابل، وبدأ الناس يتفاعلون مع أفكاره فجاءوه من كل مكان.
بدأت مبادرة "إغاثة"، وكان أول ثمراتها مخبز دقميرة .. هدية خالصة لأهله ..وذلك لإدراكه أهمية الخبز في حياة الناس.. فجعله مجاناً للفقراء ... ثم أكمله بمشروع مطعم صباح الإيمان .. بما يتناسب مع بساطة أهل القرية.. ثم أتبعه بمشغل للتفصيل تعمل فيه الفتيات اليتيمات ويوزع الإنتاج .على أهل القرية.
بعد إغاثة احتياجات الفقراء من الملبس والغذاء بدأ التفكير في المرحلة الثانية وهي توفير الرعاية الصحية وتقديم الدواء.
بدأ الدكتور احمد عبده عوض في إنشاء المستوصف الطبي وتم تجهيزه بعيادات متخصصة تقدم خدمتها للأهالي برسوم رمزية ... كما تم إنشاء أكثر من 20 حضّانة للأطفال المبتسرين كخدمة مجانية متطورة لقريته ولكل أبناء محافظة كفر الشيخ.
وكان من أهم المشروعات التي أسسها فضيلة الدكتور أحمد عبده عوض مشروع دار الاستشفاء، وهي دار مجهزة بعلاجات حديثة كالعلاج بالطاقة ومشتقات عسل النحل والزيوت العطرية والعلاج الطبيعي والرقية الشرعية وقادرة على استيعاب آلامهم وأحلامهم في الشفاء.
وتعتبر دار الاستشفاء أهم عطاء في حياة فضيلة الدكتور ونقلة نوعية إلى العالمية، لتكون غوثًا للمرضى الذين ينتظرون الأمل في الشفاء والعافية.
وأنشأ ثلاث بوابات تاريخية على مدخل القرية لتسجيل مآثرها، وتكون أول ما يراه الزائرون، كما أنشأ المتحف التاريخي الذي يأخذ رواده إلى أعماق التاريخ.
وفي نقلة نوعية أسس فضيلته فكرة المشروعات الصغيرة الخاصة بالأسر المنتجة.
كما ساهم في إنشاء مشاريع الخدمة العامة للأهالي كمشروع الأعلاف والمنظفات وبقالة الفتح ومشروع النظافة العامة وشارك مع أبناء قريته في حملات النظافة.
وكان في قريته مصرف للصرف الصحي؛ مليء بالحشرات الضارة، فقام بردمه، وأنشأ مكانه عددًا من الحدائق العامة؛ حديقة البدر، وحديقة البشائر، وحديقة اليقين، وحديقة فجر اليقين، وحديقة الأطفال.. فأصبحت هذه الحدائق مقصدًا لأبناء القرية، ومظهرًا حضاريًا، وليتبدل ذلك المشهد الموحش إلى منظر بديع يسر الناظرين.
وانطلق بأحلامه خارج حدود قريته ليساهم بجهده في إنشاء مستشفى الكبد في مدينة بلطيم.
إغاثة فكرية
ولم تتوقف مبادرة "إغاثة" عند الجانب المادي فحسب، بل تجاوزته إلى الإغاثة الفكرية فحرك العقول نحو التعليم والثقافة.
فأنشأ مجموعة من المشاريع التعليمية.. فأسس الحضانات لتعليم الناشئة وغرس السلوك الطيب .. ووضع لها المناهج بنفسه واختار لها الأكفاء من المربين.
ثم توسع في إنشاء دور القرآن الكريم ليس في محافظته فقط بل في محافظات الدلتا المختلفة ... واختار لها مجموعة من المحفظين المجودين المعتمدين من الأزهر الشريف.
وأنشأ معهد القراءات الذي قصده الدارسون من كل مكان، ويدرس فيه الحفّاظ من أبناء مراكز القرآن
كما انفرد بإنشاء مدارس الحديث الشريف التي تدرّس السند والمتوت، وسائر علوم الحديث.
ولتشجيع حفظة القرآن الكريم ودارسى السنة النبوية إضافة إلى المشتاقين إلى العمرة من غير القادرين.. نجح فضيلة الدكتور أحمد عبده عوض في رصد جوائز عمرة في أربعة أفواج كبيرة وبلغ عدد المعتمرين أكثر من ثلاثمائة معتمر.
كما أنشأ العديد من المجمعات الدينية كمجمع أبي الخير ... ومجمعِ الإيمان ... ومجمّع الحبيب لتقدم مجموعة من الخدمات العامة إضافة إلى الدعوة إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة ووفق المنهج الوسطي للأزهر الشريف.
بشائر الفتح
كان للدكتور أحمد عبده عوض رؤية جديدة في تأصيل علاقة المجتمع المدني بالحكومة، فانطلق بمبادرة إغاثة إلى إنشاء مبنى للبريد المصري بخدماته المميزة للجمهور ... ومبنى أخر للشئون والخدمات الاجتماعية ... بل ومركزا للتموين ليكفي حاجات الناس من السلع الأساسية.. والوحدة البيطرية وثم أنشأ محطة للصرف الصحي ... وأخرى لتحلية المياه.. ثم أهدى هذه المشاريع جميعا إلى الدولة.
ولدعم مبادرة "إغاثة" بشكل أوسع قام الدكتور أحمد عبده عوض بتأسيس جمعية "بشائر الفتح" في القاهرة الكبرى ليخدم العاصمة وما حولها وليمتد نشاطها لمحافظات الوجهين البحري والقبلي
ولأن طبعه هو العطاء فقد انطلق تحت مظلة الجمعية في ربوع مصر بحثا عن وجوه الخير المختلفة.
ومن خلالها أطلق الحملات التي تساهم في إرساء دعائم المبادرة؛ فقام بتوزيع الوجبات والأضاحي، وخصص مرتبات للأيتام، وأنفق على العمليات الجراحية لغير القادرين والحالات الحرجة. ووزع أكثر من مليوني بطانية خلال حملة اتقوا البرد.
كما ساعد في تجهيز العرائس غير المستطيعات وسدد ديون الغارمين والغارمات، وفك أسرهم على قدر ما وصل إليه من الموارد.
وكان دائما يدفع الجماهير للمشاركة في الخير من خلال الخطب واللقاءات التلفزيونية لسد حاجات الفقراء والمحتاجين
وجاءت المرحلة الأوسعُ انتشارًا في عمر مبادرة "إغاثة" حينما أسس "قناة الفتح الفضائية" التي اتخذت شعارها من وحي المبادرة "تفتح القلوب والأبواب"
ظلت أبواب القناة مفتوحة ليلاً ونهارًا تستقبل المحتاجين للمساعدة والذين عرفوا بضيوف وأحباب الفضيلة وكانوا من داخل مصر والعالم العربي والإسلامي.
كما كان لأثيرها المباشر الذي يستقبل آهات الناس وأوجاعهم من جميع أنحاء العالم على مدار أربع وعشرين ساعة الأثر الكبير في حل مشاكلهم وفتح أبواب الأمل لديهم.
كما أنشأ جريدة الفتح اليوم لتكون لسانا جديدا لمشروع إغاثة ولتنشر الأمل والتفاؤل في المجتمع
إن هذه المشروعات التي قدمها فضيلة الدكتور أحمد عبده عوض لخدمة الناس وإسعادهم لم يكن لها أن ترى النور لولا أن قيض الله عز وجل لها رجلاً يتميز بجملة من السمات التي أهلته لهذه المهام الجسيمة، فهو الذي يصل الليل بالنهار ويحرم نفسه من غمض الجفون، ويتميز بالهمة العالية وإنكار الذات، والتواضع الشديد وعدم الالتفات للصغائر، وعدم التبرم من المسؤوليات والإيجابية وتحمل الضغوط الشديدة.
وأخذ على عاتقه تنمية الهمة العالية وزراعة الأمل في نفوس الشباب وتفجير طاقات العطاء لديهم بالموعظة الحسنة.
كما عُرف عنه المسارعة في الخيرات ونفع للناس وإغاثة لهفاتهم.
مائة كتاب
وقد ألف فضيلة الدكتور احمد عبده عوض ما يزيد على مائة كتاب مطبوع لإثراء المكتبة العربية بالتجارب العملية التي تعمق مبادرة إغاثة من زوايا عديدة، فكتب "رحلة التفاؤل والأمل" و"السنة وتحفيز الهمة" ليأخذ بيد الشباب إلى ميدان العمل البناء ويستنهض الطاقات والقدرات الكامنة.
وحرص فضيلته على أن يبصرهم بقوة الإيمان وإيجابياته في المجتمع، فكتب "القدوة الصالحة وآثارها الإيمانية" و"العقيدة والسلوك من الإيمان إلى التطبيق".
ولأنه متواصل مع محبيه، ويرجو لهم الفوز في الدنيا والآخرة، والتعلق بالخالق عز وجل في السرّاء والضرّاء، فكتب "الفرج بعد الشدة"، وكنوز الأجور والعمل المبرور".
وقدّم الحضارة الإسلامية للقرّاء؛ ليكون مصدر عزتهم وافتخارهم، فكتب "الإسلام والبعث الحضاري" و"الحوار في الإسلام والتفاعل الحضاري".
كل هذه الكتب وغيرها كثير يصب في مضمار إغاثة الناس، ومساعدتهم ليأخذ بأيديهم إلى حياة أفضل أخلاقيًا وإيمانيًا واقتصاديًا.
ادخال السرور علي الناس
ونظرًا لما يمتلكه فضيلة الدكتور أحمد عبده عوض من الرؤية المستقبلية والإحساس بمعاناة الناس، ظل العطاء مستمرًا، والحلم يكبر أكثر فأكثر، حتى جاءته فكرة لتتويج مبادرة "إغاثة" ..
فبدأ بتجهيز العديد من المشروعات التي تتكامل مع مبادرة إغاثة، وتجعلها مستمرة لا تتقيد بزمان ولا مكان؛ لذلك فقد وضع حجر الأساس لفرع جامعة الأزهر في مسقط رأسه لنشر العلم والمعرفة من رياض الأطفال وحتى الجامعة.
وعما قريب سيرى الناس على أرض الواقع "مركز الكلى" ليخفف عن المرضى عناء السفر ورحلة البحث عن وحدة للغسيل الكلوي، التي تكبدهم مبلغًا كبيرًا.
كما أرسى فضيلته دعائم مركز التخاطب والحلات الخاصة لعلاج أمراض الكلام وتعديل النطق من خلال تغيير السلوك والتدريب والتأهيل النفسي.
إن السعادة الحقيقية التي يشعر بها الدكتور أحمد عبده عوض لا تكتمل إلا بمساعد المحتاجين وإدخال السرور على الناس، وتخفيف الآلام عن المرضى، وإطعام الجائعين، وإعطاء المحرومين، متخذًا القدوة والأسوة من الرحمة المهداة.. من رسول الله صلى الله عليه وسلم.