بقلم: د/ إيمان السيد.. أخصائي نفسي إكلينكي
نعاني في مجتمعنا العربي أو الشرقي من بعض الخلل في مفهوم الحب والتقبل والتكيف فكثيرًا منا لا يتقبل الاختلاف مع الطرف الآخر سواء أكان شريك الحياة أم الصديق أم الأهل حتى لا يصبح الحب له مشروطًا بشروط خاصة؛ فضلاً عن أن نحبه متقبلين اختلافه.. بل ويعيش البعض داخل أسرته وأهله مُغترب عنهم لعدم تقبلهم له أو عدم تقبله لاختلافه معهم؛ فذلك نتيجة لعدم التربية على تقبل الاختلاف والرأي الآخر، وأيضًا التربية بالحب المشروط مُنذ الصغر، لكن الحب المشروط في الصغر يزرع بذور الخوف من عدم الحب وعدم الاستقرار والقلق المرضي، وهي بذور تنمو بسرعة خيالية ويصبح التخلص منها في الكبر شبه مستحيل.
ولعلنا نجد كثيرًا من العلاقات بين الأفراد والأزواج خالية من الاحتواء والتقبل على الرغم أن بعض الاختلافات تكون سمات معينة بالشخصية وليست أخلاقية.. فالتقبل مهارة تحتاج أن تٌقرر أولاً بداخلك.. فتقبل الطرف الآخر ومع الاستمرار تُصبح غير مُقننة بشروط فتحاول مع الطرف الآخر أن تجعل من اختلافكم سبيلا للتكامل فالحب غير مشروط أسمى وأنقى أنواع الحب ولا يستطيع معرفه مفهومه وشعوره به والتعبير عنه إلا ذوو الإحساس الصادق العميق فالكل يشعر بالاحتياج إلى الحب.. فتجد البعض يحاول الوصول بحبه للطرف الآخر بجهد مبذول لا يُقدره الآخر فيصل به إلى حد العجز والشعور بالإحباط واليأس فيحب على كُل منا تقبل الآخرين باختلافهم.. وبذل الجهد في التقبل بدلاً من الجهد المبذول في التغيّر للآخر.. وقبل أن تحاول وتبحث عن تغيير الآخر.. أولاً امنحه الحب غير المشروط وابحث عما وراء سلوك الآخر واقبله واغفر له فاحتياجه للحب غير المشروط في حاله الفشل والعجز والخيبات أكثر بكثير عند النجاح فلا تقف بندية وشروط للمحب.. فكما تقبل امتيازاته تَقبَّل عيوبه واختلافه معك فلا تجعل من الحب المشروط نهاية للعلاقة المؤكدة غير المشروطة، وفشلا لعلاقاتك مع أهلك أو صديقك أو شريك حياتك.. من يحب لا يضع شروطًا ومن لا يضع شروطا يفتح أبواب النجاح والتقدير أمام من يحب. وهذا الأمر ينطبق على أطفالكم وعلى أزواجكم وأخوتكم وأصدقائكم وكل من تحبون بصدق ..
فكيف لهذا الجوهر الجميل أن يكون مشروطًا فكلنا بشر نحتاج للتقبل في كل حالاتنا وبخاصه في لحظات الضعف كما نحصل عليها في لحظات قوتنا.. فالحب المشروط والمحتاج لتبريرات هو محاولة للحب وليس حُبًّا.
الحب غير المشروط ضرورة حية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة