الخيرية والشخصية المتزنة

صحة وجمال
طبوغرافي

الدكتورة ايمان السيد _جريدة الفتح اليوم

بقلم الدكتورة / ايمان السيد

اخصائى نفسى وباحث فى العلوم النفسية

 

 الخيرية وتقديم العون للمحتاح من أهم سمات الشخصية السوية والمتزنة، والنفس الإنسانية تحتاج دائمًا إلى المُجاهدة وكثرة المراقبة لذاتها حتى تظهر على ميزان التوازن النفسي بلا شطط أو غلو .

 

    ولكن البعض اليوم تبدلت لديه القيم والمعايير، فحلت الأنانية والذاتية بديلاً عن الإيثار، وظهر التجاهل ندِاً للتكاتف.. فغابت الهوية الإسلامية وترسخت الأنانية الفردية.. ومعنا اليوم قصة واقعية تسرد لنا بلسانها كيف أصبح واقعنا؟!

 

 ذات يوم كان رجل ثري يقود سيارته الفاخرة، وسقط عليها حجر كبير فجأة وهشم جانبها الأيمن، فنزل الرجل من سيارته ليرى الضرر الذي لحق بها، ومَن فعل ذلك. وإذ بطفل صغير تبدو عليه علامات الخوف والقلق. فاقترب منه الرجل وهو شديد الغضب من أجل سيارته الجديدة، فدفعه إلى الحائط وهو يقول له: “يا لك من أحمق! لماذا ضربت سيارتي بالحجر؟! إن هذا سيكلفك أنت وأبيك مبلغًا كبيرًا من المال!”

 

 بكى الولد الصغير وانهمرت دموعه بشده وهو يقول: “أنا متأسف جدًّا! لكنني لا أدرِ ماذا أفعل... مرَّت فترة طويلة وأنا أحاول أن ألفت انتباه أي شخص لكى يقف ويساعدتي!”

وأشار بيده إلى الناحية الأخرى من الطريق، وإذا بولد أصغر منه، لا يبدو منه سوى جزء صغير من جسده. واستطرد الولد قائلاً: “هذا أخي، وهو مشلول تمامًا. وبينما كُنَّا نتمشَّى معًا، وهو على كرسيِّه المتحرك، سقط في حفرة، وأنا لا أقدر على حمله،! أتوسل إليك أن تساعدني في رفعه! فهو في الحفرة منذ وقت طويل، وهو يبكي من حينها ويتألم كثيرًا! وبعدها لك أن تفعل ما تراه مناسبًا لي.

 

 لم يستَطِع الرجل أن يتمالك نفسه، وهرول إلى الولد في الحفرة. ورفعه وأجلسه على كرسيه المتحرك، وأخرج منديلا من جيبه وأخذ يضمد جراح الفتى من جراء سقوطه في الحفرة.

وبعد أن انتهى، سأله الولد: والآن، ماذا ستفعل بي؟!، أجابه الرجل: “لا شيء يا بُنَي! لا تحزن على السيارة!”

 

 ولم يشأ الرجل أن يُصلِح سيارته الجديدة، بل احتفظ بتلك الضربة تذكارًا عَسَى ألا يضطر شخص آخر أن يرميه بحجر.

   وتلفت أيضًا هذه القصة انتباهنا إلى شريحة مهمة بالمجتمع وهم ذوو الاحتياجات الخاصة، وما يعانوه من آلالام وحاجة دائمة إلى المساعدة، فيجب أن نمد لهم يد العون دائمًا حتى نصل بهم إلى الأفضل؛ وأن نقف بجانبهم ونتكاتف معهم فهم قادرون على تحقيق الكثير بحياتنا..