كان الأصل فى فلسفة الإعلان أنه مدفوع الأجر، وبالتالى هو ينطوى على رغبة المعلن فى إيصال مادته للمتلقي، فهو يشترى لفت انتباه المتلقى بمقابل مادي، وبالتالى فإن رغبته تركب كل مراكب العواطف لتصل إلى أهدافها لتقنع متلقيها فى الختام بتعاطى الشراء.
أصبحت الإعلانات مصدر قلق للوالدين، من كثرة ما تصبه عليهم بمزيد من عنت الحياة، فى ظل تصاعد وتيرة غلاء الأسعار، خاصة وأن الأطفال لا يتعاطون الأمور بمنطق حكمة التشاور بل بدافع الإلحاح ومعاودة الطلب، والأسرة حينها واقعة بين فكى غلاء الأسعار، وضيق ذات اليد، وإلى أين المهرب من تدفق سيل الإعلانات تحت إيقاع موسيقى تصويرية وُفّرت لها كل تقنيات التكنولوجيا وكل عناصر الجذب لتداعب أحلام دنيا أطفال بريئة، لا تعرف من غدها مقصدا، وإنما كل ما يدور بخلدها أنها تريد كسب اقتناء سلعة بشكل آني.
ومع ازدياد حيرة الآباء فى عدم إدراك الطفل لتبريراتهم بعدم مقدرتهم على تلبية مطالبه، ما هى وسيلة الخلاص لمواجهة تأثيرات تلك الإعلانات على أطفالنا؟ وكيف يمكن أن يصبح تبرير الآباء لعجزهم عن توفير مثل هذه السلع؟!
تقول عزة محمد- ربة منزل-: أن الإعلانات التجارية المقدمة عبر التلفاز تشكل عبئاً إضافياً كما تشكل فى مجملها جملة من أعباء مادية تعانى منها الأسرة أصلاً فى جميع مجتمعاتنا العربية لأن هذه الإعلانات تجذب انتباه الطفل الذى لا يستطيع مغالبة إغرائها فيطلب إلى والديه شراء السلعة أو اللعبة المعلن عنها، تحت كل الظروف، وحتى لو لم يكن فى حاجة إليها وعندما أسأل طفلى لماذا تريد هذه اللعبة مثلاً يجيب ببراءة إنه شاهدها فى التليفزيون؛ ولهذا أحاول قدر الإمكان تجنيب طفلى مشاهدة هذه الإعلانات.
وتشير نهاد عبد الحميد – موظفة- إلى أن مشكلتها تكمن فى أن أطفالها يطلبون بصفة مستمرة شراء السلعة أو أى منتج يتم عرضه أمامهم على شاشة التلفاز وعند رفضى أخشى أن تدور فى رؤوسهم هواجس وأفكار كثيرة كعدم حبى لهم وأن كل ما أقدم من حجج بعدم مقدرتى على شراء هذه السلعة لا تجد لديهم آذانا صاغية تثنيهم عن رغباتهم.
وتشاركها الرأى صباح سعيد- مدرّسة- قائلة إن أكثر ما يثير حفيظتها أن ترى أطفالها يقلدون ما يشاهدونه فى التليفزيون بصفة عامة سواء فى الكارتون أو برامج الأطفال وكذلك الإعلانات التى تعتبر طامة كبرى؛ لأن أثرها سريع الوقع وهو يتم بشكل مستمر كلما طلبوا شراء منتج ما واشتريته فوجئت بطلب جديد، هو أنهم يريدون شراء سلعة أخرى أو لعبة جديدة شاهدوها فى التليفزيون.
وفى رأى المهندس مجدى محفوظ أن التلفاز يشكل له مشكلة بصفة عامة والإعلانات بصفة خاصة وحسب رأيه يقول: غالبا ما أجد طفلى يحاول تقليد بعض الألفاظ أو العادات التى تظهر فى المسلسلات والأفلام وبرامج الأطفال؛ لذلك غالباً ما نتابع أنا وأمه ما يشاهده أو يسمعه بقدر المستطاع لكن المشكلة الكبرى هى عندما يطالبنى بشراء بعض السلع خاصة ذات السعر المرتفع وفى بعض الأحيان تكون عديمة الفائدة أو لا تتناسب مع ظرفنا الاقتصادى والاجتماعي.
دائماً ما نجد بعض الإعلانات تثبت فى ذهن الأطفال ويقومون بترديدها دون سواها فقط لتأثير موسيقاها على أسماعهم وانجذابهم لها
وعند محاورتنا بعض الأطفال لنقف على ما يجذب انتباههم لبعض السلع وما يفضلونه من الإعلانات، يقول الطفل محمود طارق 6 سنوات؛ إن ما يلفت انتباهه إعلان الكارتون أو الرسوم المتحركة وهو يحبها ويحاول تقليدها. كما قالت منة الله أحمد 7 سنوات، إنها تحب رؤية جميع الإعلانات تقريباً لكن أكثر ما تفضله منها هو رؤية إعلانات الأطفال وهى دائماً تحب شراء الألعاب المعلن عنها فى التليفزيون خاصة إذا كانت هذه اللعبة عبارة عن عروسة تتحدث وتتحرك.
أما نورهان أشرف 10 سنوات، فتقول إنها تحب مشاهدة الإعلانات وأحياناً تطلب من أمها شراء بعض الحلويات أو لعبة من الألعاب التى تراها فى الإعلان، وإذا ما رفضت أمها فإنها تطيع قرار أمها لأنها تعلم أنها ستعوضها عنها بشيء آخر تحبه.
وعن تصميم الإعلان ومراحله الهامة والأساسية يقول حسام أحمد- وهو يعمل فى قسم الغرافيك بإحدى وكالات الدعاية والإعلان-: يبدأ تصميم الإعلان عقب إبداء العميل رغبة فى الإعلان عن منتج ويبعث بمعلومات أساسية وهامة تحتوى على بعض المعلومات الهامة عن المنتج ونبذة تاريخية عنه وشكل العبوة التى تغلفها وسعرها والشركات المنافسة لها وما هو مراد إبرازه فى الإعلان، ثم تبدأ مهمة المختصين فى ترجمة هذه المعلومات إلى فكرة يكون عنصر الجذب فيها هو حجر الزاوية، لجذب انتباه المشاهد وتختلف فكرة الإعلان وفق عدة معايير فهى تتدرج حسب السلعة ووفقاً للشريحة العمرية التى يراد أن يخاطبها الإعلان. وبسؤاله عن الأشياء التى يتم التركيز عليها عند تصميم إعلان ما يخاطب الأطفال شدد على أن الموسيقى هى أول شيء يجذب انتباه الطفل ودائماً ما نجد بعض الإعلانات تثبت فى ذهن الأطفال ويقومون بترديدها دون سواها من الإعلانات فقط لتأثير موسيقاها على أسماعهم وانجذابهم لها
كيف نحمى أطفالنا من هوجة الإعلانات؟!
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة