بقلم د. إيمان السيد.. الاستشاري النفسي.
تتعدد أسباب الإصابة بالأمراض النفسية مع اختلاف أشكالها وأنواعها، ولكن تكاد تلتقي معظم هذه المسببات داخل دائرة القلق والاكتئاب أوالخوف المرضي أو انعدام الثقة أو المغالاة في حب الذات وهذا ما يؤثر في النفس البشرية ويصيبها بالاضطراب الوظيفي والانحراف عن السواء في صور نفسية أو أعراض جسمية ويؤثر في سلوك الفرد ويعوقه عن ممارسة حياته في مجتمعه الذي يعيش فيه.
ولكن ثمة علاقة قوية توصل إليها علماء النفس بين أن يتمتع الإنسان بقدر كبير من التدين والإيمان بالله تعالى وأن يتمتع بصحة نفسية جيدة؛ تختفي فيها كافة أنواع الاضطرابات ذلك أن الإيمان هو مصدر الاطمئنان النفسي والوقاية من هذه الاضطرابات لما يبثه من ثبات انفعالي للفرد يستطيع من خلاله التفاعل الإيجابي مع النفس ومع الآخر في جو من الهدوء والأمن والرضى عن الذات والقدرة على التفاعل الاجتماعي الفعال، والتكيف مع الواقع وحل مشكلاته وتظهر قوة هذه العلاقة فيما تقره من معتقدات يؤمن بها الفرد ويستطيع من خلالها الإجابة على ما كل يدور في نفسه من تساؤلات تسبب له قدرا من القلق مثل الإيمان بالغيبيات واليوم الآخر وما تبعثه من شعور بطمأنينة الخلود وتبشره بحياة مستقبلية يتحقق له فيها السعادة والكمال الأبدي، وتساعده على تجاوز العقبات والتجارب السلبية التي قد يمر بها. ومثل قيم الصبر والاحتساب عند الله تعالى، والإيمان بأنه قريب منه يساعده وقتما يحتاجه ويجيبه، ويستعين به على ما تعسر أمامه في هذه الحياة، ومعرفته بسر وجوده وخلقه، فالإنسان لم يخلق عبثا وإنما جاء إلى الحياة ليحمل رسالة الله تعالى بها وأن يكون خليفة الله في أرضه بنشر العمل الصالح والخلق الطيب وإعمار الأرض، فكل إنسان له دوره المخلوق له، وكذلك إيمان الفرد بأنه مُسير في كثير من أمور حياته التي كتبها الله تعالى عليه، وأنه ليس له في هذا الأمر إلى التسليم بها والإيمان بقضائه، والرضى بما كتبه الله تعالى عليه، دون تأنيب أو تعذيب للذات واتهامها بالتقصير، بل الرضى بقضاء الله تعالى وحسن التسليم به.. وهذه المعتقدات الإيمانية هي ما تيسر للإنسان حياته وتقضي له على العديد من أشكال التوتر أو القلق، وهذا ما أجبر علماء النفس في الغرب إلى الإقرار بكون الإيمان والتدين عاملا مساعدًا للصحة النفسية والجسدية واعتباره عاملا مهمًّا في إعادة الطمأنينة والهدوء والسكينة إلى النفس. فالتدين يجعل الحياة هادئة خالية من كافة أشكال التوتر والقلق وينعشها بالأمل واستشراف الخير والمستقبل ويتغلب على كل ما يعتريها من يأس أو ضيق أو قلق .
الإيمان والتدين أساس الصحة النفسية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة