أثارتْ مشكلة استئجار الأرحام، والرحم البديل، جدلًا كبيرًا، سواء من الناحية الطبية أو الفقهية أو النفسية، حيث اختلف الأطباء فى صحتها، بينما أكد الفقهاء على أن الرأى الأقوى فى تلك القضية هو عدم جوازها مطلقًا.
وأكَّد استشارى أمراض النساء والتوليد، الدكتور ماهر عبدالوهاب، أن “مفهوم استئجار الرحم أو الرحم البديل بسبب عدم قدرة بعض النساء على الإنجاب بسبب ضعف الرحم أو الإجهاض المتكرر، يكون بتلقيح البويضة الخاصة بالزوجة التى ترغب فى الإنجاب بحيوان منوى من زوجها، وبعد أن يصبح الجنين مضغة مُخلَّقة، يتم نقله وزرعه فى رحم امرأة أخرى، يكون رحمها قادر على استكمال الحمل، وتلك هو مفهوم الرحم البديل أو استئجار الرحم”.
وأشار عبدالوهاب، إلى أن “تلك العملية تلقى قبولًا من بعض الأشخاص، ورفضًا من البعض الآخر، وأنا لا أوافق على إجرائها كطبيب لأننى أخشى أن تكون مُحرَّمة فقهيًّا، وأفضل عمليات التلقيح الصناعى وغيرها، ولكن هناك كثيرات يرغبن فى الإنجاب يفعلن ذلك من أجل الحصول على طفل”.
وأوضح أن “رحم الأم ليس مجرد وعاء ليس له أى تأثير، فالأم تُمد الجنين طوال الحمل بدمها عن طريق الحبل السري، الذى يربط بينها وبين الجنين، كما أن الجنين فى رحم الأم يأخذ الكثير منها، ويرتبط بها بشكل كبير”، مشيرًا إلى أن “المشكلة هى اختلاط الأنساب والجدل ما بين نسب الطفل للمرأة غير القادرة على الإنجاب أو صاحبة الرحم البديل”.
وأضاف استشارى أمراض النساء والعقم، الدكتور شريف باشا، أن “عملية استئجار الرحم والرحم البديل حلًّا جذريًّا لمن ترغب فى الإنجاب، وتكون غير قادرة على الحمل من الناحية الصحية، فبعض السيدات تاريخهم الطبى لا يسمح لهن بالحمل، وهنا تكمن أهمية تلك العملية، وأقوم بإجرائها كثيرًا، وتسير بصورة طبيعية حتى يتم الإنجاب”.
أما عميد كلية الدراسات الإسلامية فى جامعة الأزهر سابقًا، الدكتورة سعاد صالح، أوضحت، أن “تلك القضية قضية شائكة للغاية، حيث إن العلماء المعاصرين اختلفوا فى حكمِ تأجير الأرحام، لكن الرأى الأقوى هو عدم الجواز مطلقًا، وهو رأى الغالبية من خلال المجامع الفقهية، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ” (الآيات 5-7 سورة المؤمنون)، وقوله تعالى، “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً” (الآية 72 سورة النحل).
وأضافت صالح، أن “ذلك الاستئجار، أو حتى التبرع بالحمل فى الرحم البديل، يترتب عليه مفاسد كثيرة، مثل شبهة اختلاط الأنساب، والإسلام فى الأنساب تحديدًا يأمر بالبعد عن كل ما فيه شبهة، وكذلك لعدم وجود علاقة شرعية بين صاحبة الرحم وصاحب المني، مما يقتضى القول بعدم مشروعيَة ذلك الحمل، لأن الحمل الشَرعى لابد أن يكون من زوجين، كما أنه فى الأمور الطبيعية، وفى كثير من الأحيان سيؤدى إلى نشوب خلافات ونزاعات بشأن أحقيَة المرأتين بالأمومة، صاحبة البويضة وصاحبة الرَحِم، مما يفسد معنى الأُمومة الحقيقية التى فطرها الله عليها، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ”.
جدل حول استئجار الأرحام والرَّحم البديل
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة