المخرج
عبد الرحمن ساميماذا يفعل من يرى أخته ذات السبعة من زهور عمرها القصير تموت أمام عينيه لأن سيارة الإسعاف تأخرت حتى تصل إليها بعدما صدمتها سيارة، ولأن أحدا ممن تجمعوا حول الصغيرة لم يعرف قواعد الإعاشة الأولية CPR؟ في حالة الأمريكي جيمس روكي روبنسون، فلقد قرر بعدها أن يعمل في مجال الإسعاف السريع، وأن يكون هو بنفسه أحد المسعفين.
بعدما التحق بهذه الوظيفة، بدأت الصورة العامة تتضح أمامه، إذ تبين له أن نصف مكالمات طلب سيارات الإسعاف تأتي من الأحياء التي تنتشر فيها الجريمة في مدينة نيويورك، حتى أن زمن انتظار وصول سيارة الإسعاف كان يبلغ – وقت وقوع أحداث هذه القصة في عام 1966 – قرابة 26 دقيقة.
قرر روكي أن يعمل بنفسه لمعالجة هذه المشكلة، خاصة بعدما علم أن الأحياء الراقية كانت توفر متطوعين من المسعفين والذين كانوا يصلون أولا إلى المصابين ويحاولون تثبيت حالتهم الصحية ريثما تصل سيارة الإسعاف لنقلهم إلى المستشفى. هذا الحل التطوعي كان ينقذ أرواحا كثيرة، وعليه قرر روكي أنه سيؤسس بنفسه، وبمساعدة صديق له اسمه جو بيريز، مركز إسعاف شعبي تطوعي، من بطولته هو و صديقه، في الحي الذي شهد مقتل قريبته الصغيرة.
كان عام 1988 هو موعد تنفيذ هذه الفكرة، لكن روكي وصديقه جو لم يعرفا أي شيء عن كيفية تأسيس وإدارة مركز إسعاف تطوعي مثل هذا! كان التحدي الأول العثور على مكان ليكون بمثابة قاعدة عملياتهما، وبعد عملية بحث وتمشيط، استقرا على مبنى مهجور واعتمدا على جهاز اتصال لاسلكي متواضع.
بعدها جاءت المعضلة الثانية، كيف سيحصلان على سيارة إسعاف؟ هذه المرة اعتمدا على سيارة شيفروليه عجوزة، كان محركها يرفض العمل في أحيان كثيرة، فيضطر المسعفان للركض والهرولة عبر الأزقة والحواري، يحملان معدات الإسعاف على ظهريهما وفي يديهما للوصول إلى المصابين بسرعة.
عرف روكي أن عليه ممارسة ما يقوم به بشكل إحترافي وكامل، وهو ما يتطلب الحصول على المزيد من المتبرعين لتأسيس مركز إسعاف شامل وكامل يستطيع تلقي البلاغات وعلاجها بشكل كامل وذاتي.
بحث روكي في الحي الذي يعمل فيه، ونشر و وزع الكثير من المنشورات التي تشرح نشاطهما وما نوعية العمل التطوعي المطلوب، فعثر على كثيرين يشاركونه الاهتمام ذاته، من المجرمين الذين يريدون العودة إلى جادة الصواب، ومن المدمنين والمصابين السابقين. كانت الخطوة الأولى الحصول على تدريب شامل في تقنيات الإسعاف والإنعاش، وبعدها المشاركة في تلقي البلاغات وإغاثة المصابين.
تذكر القصة أن هؤلاء المتطوعين رأوا ضوء الأمل في حياتهم، وخرج الكثيرون منهم بعدها ليصبحوا أطباء وممرضين معتمدين، لم يمر سوى القليل من الوقت حتى التقطت الصحافة أطراف هذا العمل النبيل الذي يقوم به متطوعون، وبعدها تطوع فاعل خير بأن أهداهم سيارة إسعاف قديمة تغنيهم عن الجري على أقدامهم وسط الأحياء. في أول يوم من استلام سيارة الإسعاف، أسرع روكي ورفاقه لإنقاذ سكان مبنى يحترق، ليكونوا أول من يصل لموقع الحادث ويتمكنوا من إنقاذ 10 من المصابين في الحريق.
في اليوم التالي ساعد الفريق على ولادة طفل، وفي كل مرة، كان هذا الفريق أول من يصل إلى مكان أي حادث في هذا الحي لينقذ العديد من الأرواح. شيئا فشيئا بدأت نظرات الإعجاب والتقدير ومع مرور الوقت كانت التبرعات المالية تزيد وتقل، وحين كان يشح المال، كان روكي يبيع بنفسه في الشوارع منتجات وبطاقات تبرع ليحافظ على استمرارية مركز الإسعاف في العمل. اليوم تضاعف عدد المتبرعين كثيرا، واستقر الحال.
من الحياة: ساعد بنفســــــــــــــك
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة