لا تتخذ قرارات مصيرية وأنت تحت تأثير التوتر، القلق، الغضب،

قصص وروايات
طبوغرافي

تُمثِّل أوقات صنع القرار لحظاتٍ حاسمة فى حياة الفرد، قد تَقوده إلى النَّجاح حسب ما يصدق حسه بالمستقبل، وتُصيب استنتاجاته طريقها، أو تفتح عليه أبوابًا من السُّقوط فى دوامات الفشل.
كثير من الناس تواجههم مشكلة خطيرة جدًا، وهى التردد فى اتخاذ القرار، والمصيبة أكبر لو كانت متعلقة بمسألة مصيرية فى حياته فيكون محتارًا جدًّا ولا يدري ماذا يفعل ويتمنى نزول معجزة من السماء تعلمه ماذا يفعل؟ ما الحل؟ ولذا؛ اهتمَّ العلماء فى برامج تنمية الذَّات بهذه المرحلة جدًّا، وهى مرحلة اتِّخاذ القرار الحاسم؛ لأنَّها خُطوة انتقالية إلى واحد من اثنين، إمَّا نَجاح أو إخفاق فيما تنوى الوصول إليه، واعتبروا كلَّ ما يسبقه من مراحل جمع المعلومات والقياس والاستنتاج، كلها تَخدم نقطةً واحدة، وهى المساعدة فى اتِّخاذ قرار سليم حاسم نقتربُ به من نسبة النَّجاح وزيادة احتمالاته.

ولا شَكَّ أن الحكمة فى اتخاذ القرارات - خاصَّة لو كانت القرارات مصيرية - تكون مطلوبة كثيرًا، لكن إلى أى حدٍّ تقف الحكمة؟ ومن أين يبدأ الحسم فى اتخاذ القرار؟
- على المرء أولاً أنْ يبدأ فى جَمع المعلومات الكافية حول الموضوع، سواء من قريب أم من بعيد.

- عليه بعد ذلك أنْ يُحلِّل هذه المعلومات تحليلاً دقيقًا، ثم يكتب ترجمةً لهذا التحليل؛ بمعنى: أنْ يكتبَ خلاصة هذا التحليل فى نقاط يَسهُل عليه حصرها، واسترجاعها، ورُؤيتها رؤيةً شمولية
- يقوم بعد ذلك بطرح كل الاحتمالات الممكنة لما يريد الإقدام عليه.

- بعدها يقوم باستنتاج ما يُمكن أن يتمخَّض عن كل تصرُّف من التصرفات.

- بعد ذلك يُوازن بين حجم الخسائر - وهو أمرٌ لا بُدَّ منه فى أى تجربة - وقيمة الهدف الذى ينبغى الوصول إليه.
- وأخيرًا يقوم باتِّخاذ القرار المناسب الذى يراه بحسم ودون التفكير فى العودة.

- وإذا كان الأمر يتعلَّق بجماعة، فإنَّ رأى الأغلبية يكون هو المتَّبع ما دام ضمن الآراء المختارة التى لا تحوى ضررًا مؤكدًا.

فهذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فى غَزوة أُحُد كان يريد عدم الخروج لملاقاة المشركين خارج المدينة وانتظارهم فيها، غَيْرَ أنَّ شباب الصَّحابة أخذتهم الحماسة، وأرادوا الخروج لملاقاتِهم، وكانت الأغلبيَّة على الخروج لهم، فوافق الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولبس للحرب وأعدَّ عُدته، فلما رأى الصحابة النبى الكريم غير منشرح للاقتراح، أرادوا العدولَ عن رأيهم؛ إرضاءً له - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكنَّ النبى كان قراره حاسمًا بلا رَجْعة حين قال: ما كان لنبى إذا لبس لأمته للحرب أنْ يخلعها حتى يحكمَ الله بينه وبين عدوه.

وهو فى هذا يضربُ لنا منهجًا يُحتذى فى اتِّخاذ القرار، وهو الحسم؛ لأنَّ الرجوعَ عن القرار ربَّما يكون أخطرَ من اتِّخاذ قرارٍ خاطئ؛ لأنَّ التذبذُب يقطع على المرءِ كلَّ وسيلةٍ فى الإقدام، ويَجعله صيدًا ثمينًا للعدوِّ بضياع وجهته وإقدامه، وربَّما أغفل بعضَ النقاط أثناء عَودته لما كان عليه قبل اتخاذ القرار. هناك مقولة حكيمة تقول: “من الحماقة أن تعبُر طريقًا للسيارات دون أنْ تنظُر جيدًا، لكن أكثر حمقًا أن تُحاول العودة فى منتصف الطريق”.

وذلك لأنَّك بعودتك تُضيِّع عليك فرصةَ التركيز فيما فاتك، فتتقلص نِسَب النجاح بشدة، لكن لو سرتَ على ما عزمتَ ستكون نِسَب نَجاحك أعلى. ولا تتعارض الحِكْمة هنا فى اتِّخاذ القرار مع الحسم فيه، وليس من العيب أبدًا أنْ يتراجع المرء إذا علم أنَّه على خطأ، أو ظهر له جديدٌ أضاف إلى استنتاجاته وحساباته حقائقَ كانت غائبة أو خفِيَّة عنه، فتلك هى الحكمة بعَيْنِها، أمَّا ما يناقض الحسم فى اتِّخاذ القرار - وهو ما نقصده هنا - هو التذبذب دون مُبرِّر، أو عوامل ومعطيات حقيقيَّة يُمكن الوقوف عليها. فليسَ من الحكمة أبدًا أن يطغى التذبذُب غير المبرر على العزم المحكم المضبوط بالعقل والمنهج العلمى السليم، متشحًا مع كل ذلك بمعية الله - تعالى - وبركته، وحسن التوكل عليه؛ يقول تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ).

نصائح لقرارات حاسمة مصيرية
- لا تتخذ قرارات مصيرية وأنت تحت تأثير التوتر، القلق، الغضب، أو أحد الأشخاص الذين لا تثق بهم، حاول تأجيل ذلك حتى تصل إلى الحالة المثالية التى تسمح لك بالتفكير والتركيز، وتكون حرًا من أى تأثير خارجي.