العمالة المصرية.. وأزمة سوق العمل

تحقيقات
طبوغرافي

=-==سوق العمل في مصر يتعرض لأسوأ أزمة في تاريخه فبعد أن كان الإقبال علي العامل المصري في الداخل والخارج كبيرا.. انعكست الصورة تماماً وتصدر ذيل قائمة المطلوبين في مصر وخارجها بسبب الصدأ الذي أصاب الأيدي العاملة وأصبح يمثل عبئًا علي الحكومة وأصحاب الأعمال من أجل ذلك يلجأ أصحاب الأعمال في الداخل والخارج كحلول للاستعانة بالعمالة الأجنبية وغيرها مما وجه ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني حيث إن التحويلات للعاملين بالخارج أحد أهم مصادر الداخل.

يقول إسماعيل فهمي رئيس اتحاد عمال مصر بالإنابة إن الخريطة العمالية في مصر تعاني في ال 30 سنة الأخيرة من إهمالاً متعمداً وتدميراً مقصوداً من الخارج بمساعدة الحكومات السابقة حيث إن سياسة الخصخصة كانت السبب الرئيسي في القضاء علي العمالة المصرية الماهرة والتي أنجزت وشيدت المصانع بالإضافة إلي سياسة تطفيش المبتكرين والماهرين من العمال إلي الخارج وكانت هذه هي سمة من سمات العصر السابق.
أشار إلي أن الأزمة لا يمكن اختصارها إلا في الدولة لأنها أهملت العامل بسبب اعتمادها فقط علي الاستيراد من هنا فقد العامل ثقته في نفسه وفي الدولة حتي إن أصحاب الأعمال أهملوا العامل وأهدروا حقه من أول محطة يرتبط بها بالعمل والدليل أنهم يشترطون عليه عند تقدمه للوظيفة أن يوقع علي استمارة "6" وهي خاصة بفصله فكيف تكتسب عاملاً ماهراً وهو يعمل بدون ثقة ومستعد للرحيل فور حدوث أي مشكلة ليس طرفاً فيها.
الإدارة.. فشلت
يؤكد عبدالمنعم الغزالي رئيس اتحاد عمال مصر سابقا بأن اتهام العمال غير المنتجين غير صحيح لأن مصر تمتلك قاعدة عمالية ماهرة منذ زمن بعيد ولكن سوء الإدارة المصرية هي التي أوقعتنا والدليل علي ذلك عند نزوح العامل للعمل بالخارج فهو يؤدي لأنه يأخذ حقه من خلال إدارة ناجحة تعرف كيف تكافئ وتجازي لكننا في مصر نعتمد علي القبلية والوساطة كما أن هناك من أصحاب الأعمال لا يعلم شيئاً عن عماله ولا يسمع إليهم وهم فئة مظلومة إما من الدولة أو من صاحب العمل أو من المدير المسئول عن العمل لأنه إذا كان غير مؤهل فلا يمكن أن نجد عاملاً ماهراً بنسبة 100% يعمل بجد واجتهاد ويبتكر لعدم ثقته في رئيسه.
أزمة العمالة المؤقتة
من جانبه يقول إبراهيم الأزهري نائب رئيس اتحاد العمال إن الأيدي العاملة المصرية من أفضل من يقدمون خدمة وجودة فائقة وكان يعتمد عليها فهي التي وضعت اللبنة الأولي للزراعة في العراق عندما تم تكليف مختار عبدالحمي د رئيس النقابة العامة للزراعة في عصر السادات بالاستعانة بعدد 500 عامل زراعة لنقل التجربة المصرية الزراعية للعراق وفي عام 67 منعت الدول الأوروبية المنتجة خامات الأدوية وتوريدها لمصر فتحداهم المصريون وخلفوا المواد الأولية لصناعة الأدوية.
موضة الخادمات الأجنبيات
يشير محمد موسي الأمين العام للاتحاد إلي أن الاستعانة بالعمالة الأجنبية في مصر الآن هو درب من دروب الوجاهة الاجتماعية فكيف يكون وكيل وزارة أو صاحب عمل ولا يكون عنده خادمة أجنبية.. فنحن ندمر العمالة المصرية متسائلاً هل مصر كلها لا توجد بها مربيات ؟ ويري أن أحد الأمور الهامة والقاسم المشترك في عدم وجود عمال مهرة ضعف الدراسة الفنية في مصر وهي تعتمد فقط علي التلقين والحفظ فالمعالة التعليمية الفنية غير متكافئة فلا المعلم مدرب ولا التلميذ الذي يحصل علي الشهادة غير مؤهل وبالتالي فنحن نعتمد فقط علي العمال الموهوبين

رخص العمالة شعار فقد معناه
تطوير منظومة العمل والتدريب يحقق التنمية المستدامة
رخص العمالة المصرية وهم نعيشه الآن ولابد من تصحيح الصورة حتي لانعيش في خداع طوال الوقت هذا ما أكده خبراء الاستثمار.. قالوا إن كفاءة العامل وتحديد أجره يعتمد علي معد===ل الإنتاجية وجودة المنتج وإذا طبقنا هذه المعادلة نجد أن أجر العامل المصري هو الأعلي سعراً مقارنة بالمعايير الدولية لتحديد الأجور وربطها بالانتاج.
قال الخبراء ان التنمية الاقتصادية يتحقق بزيادة الانتاج والتي غالبا ما ترتبط بكفاءة العامل ومهاراته الخاصة وهذا لايطبق علي الاطلاق في مصر الأمر الذي أدي إلي تدهور معدل الإنتاجية للعامل المصري وتراجع ثقافة تعليم الخاصة والاتقان في العمل حتي انتشرت ظاهرة خطف العمالة المهارية والمدربة لندرتها في الأسواق.
قال الخبراء إن العنصر البشري يمثل بنية اساسية لمناخ الاستثمار ورفع كفاءته يضيف الي مزايا الاستثمار في مصر وبذلك فإن المرحلة القادمة مطلوب فيها تعظيم الاستفادة من الزيادة السكانية في مصر وتحويلها إلي ميزة لا عبء علي الاقتصاد القومي.. قالوا إن تحقيق ذلك يحتاج منظومة متكاملة تبدأ بالصحة وتنتهي بالتعليم لتلبية احتياجات سوق العمل بالمهن والتخصصات المطلوبة حتي يمكن الارتقاء بسمعة العامل المصري في الداخل والخارج.
حذر الخبراء من تراجع سمعة العامل المصري بالخارج مؤكدين أن هناك تراجعا في وجودة الأداء للعامل المصري في دول الخليج الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في أدوات وآليات تأهيل وتعليم العامل المصري وفقاً لاحتياجات سوق العمل.
لائحة مدروسة
المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري مدينة برج العرب الصناعية يقول إن تحديد الأجر للعامل داخل المؤسسة الإنتاجية يخضع إلي لائحة مدروسة تنفذها كل شركة علي حدة حسب تكلفة الإنتاج والخدمة المقدمة وذلك يتوقف علي معدل الانتاجية والخبرة الفنية التي تتطلبها الوظيفة.
قال عامر إن التعامل مع العنصر البشري في مصر يتم بطريقة عشوائية والكل يعتمد علي ذاته في اكتساب المهارات والخبرات التي يحتاجها سوق العمل حيث لا توجد مراكز ومؤسسات للتدريب والتعليم المهني كما ينبغي الأمر الذي أدي الي ندرة العمالة المهارية وافتقار المؤسسات للعديد من الخبرات والتخصصات المطلوبة.. قال عامر إن زيادة الأجور في القطاع الخاص مستمرة وفقا لمعدلات الانتاج والخبرة الفنية.
الانتاجية
المهندس محمد الهواري نائب رئيس غرفة الجيزة التجارية يتفق مع المهندس محمد فرج عامر في أن معدل الانتاجية يتحكم بشكل كبير في تحديد أجر العامل مؤكداً أن تحديد الأجور يعتمد بشكل كبير علي زيادة الانتاجية وانخفاض التكلفة وأن الخبرة والمهارة ترفع مستوي الأجور الأمر الذي يتطلب وضع برامج مختلفة لإعادة وتأهيل العامل ورفع قدرته الإنتاجية والمهارة الذاتية والتي نفتقدها الآن في العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية.
قال الهواري إن معدل إنتاجية العامل المصري متدنية جدا وفقا للمعايير الدولية إذا ما قورنت بإنتاجية العامل في الدول الأخري.
المهندس مجد الدين المنزلاوي عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية يقول إنه في حالة الربط بين معدل إنتاجية العامل في مصر وبين معدل الإنتاجية في الدول المتقدمة اقتصاديا نجد هناك فارقا كبيرا فإذا كان دخل العامل هناك مرتفعا يكون قد حقق معدل انتاجية اكبر عكس ما يحدث في مصر وفي حالة المقارنة نجد أن أجر العامل المصري هو الأعلي سعراً.. قال المنزلاوي إن الاهتمام بمراكز تدريب العامل المصري أصبح ضرورة ملحة حتي يمكن الحصول علي عامل ذات مهارة خاصة يقدم في عالم الانتاجية والجودة.
أضاف المنزلاوي أن الأمر يحتاج إلي وضع مناهج علمية وعملية لاكساب العامل الخبرة التي يحتاجها سوق العمل وفقا لكل تخصص علي حدة.
عصام سيد أبو الدهب عضو جمعية مستثمري السادس من أكتوبر يقول إن تدني مستوي العامل المصري يرجع لأسباب عديدة أهمها سياسة الجزر المنعزلة بين الوزارات القائمة علي رعاية القوي العاملة مثل وزارات الصناعة والقوي العاملة والتعليم والصحة فكل هذه الوزارات اهملت البرامج الخاصة بإعداد العنصر البشري وتعظيم الاستفادة منه.. قال ان صناعة العنصر البشري لاتقل أهمية عن صناعة السلع والخدمات.