الإعلام بين مطرقة الإعلان والحفاظ على القيم

تحقيقات
طبوغرافي

تحقيق أحمد الجعبري

camera-775487_1920الإعلام أهم أدوات تربية الشعوب وتثقيفها من خلال أدواته المتعددة المقروءة أو المشاهدة وهو السبيل الأقوى لزرع القيم والمثل الطيبة في المجتمعات الإنسانية في إطار مسايرة التقدم التقني الرقمي الكبير، ولكن هذا بطبيعة الحال لا ينطبق على واقعنا العربي الذي حول الإعلام إلى خدمة مصالح خاصة، وتحول من معول بناء قيم، إلى مطرقة هدم لكل ما هو نافع فاتخذ من وسائل الإغراء والغوايات الجنسية سبيلا إلى جذب المشاهد إليه دون احترام لأية معايير دينية أو تقاليد مجتمعية في جو خال تمامًا من أي رقابة أو سلطة على عملية الإنتاج الإعلامي.
ما نجده الآن من اهتمام خاص من وسائل الإعلام وخاصة غير القومية ( الخاصة ) منها بالقضايا سيئة السمعة في جو أحوج مايكون للبناء لا الهدم أصبح أمرا لا يطاق حيث خرج تماما عن صوابه، وعن قيمه ورسالته الإعلامية.. وأصبح بلا رقيب أو ضمير.. ولا يقتصر الأمر على الإعلام المصري فقط بل تشاركه معظم الدول العربية.. ولعل المتهم الأول هو الطمع والشره إلى تحقيق الثروات المالية من خلال جذب الوكالات الإعلانية والربح التجاري وتحقيق أعلى نسب المشاهدة لجذب الرعايات الخاصة.. دون الاهتمام بالقيم أو الميثاق الشرفي للبيئة الإعلامية ودورها الحقيقي وفاعليتها في تصحيح المسار وأنها وسيط بين المشاهد ومؤسسات الدولة تنقل ما يريده المواطن، وتعلن عما يتخذ من قرارات وبيانات وتؤدي دورا رقابيا يحافظ على كيان الوطن، وتبث قيم الدولة وهويتها لتزرع الانتماء داخل كل مواطن.

photographer-424622_1920ولكن الصورة الآن مغايرة تماما حيث دائما ما تكون حرية التعبير والإبداع هي “ شماعة“ الدفاع عن إباحية الفجور والرزيلة ولعل القضاء المصري يقف الآن ليقاضي أدعياء الفن من أهل العري والرذيلة مثل رضا الفولي والراقصة سها محمد على وشهرتها “شاكيرا”، و الراقصة داليا كمال يوسف وشهرتها “براديس”
وخاصة بعدما تعدى الأمر من عري وإسفاف إلى التحريض على الفسق والفجور وممارسة أفعال وتصرفات خادشة للحياء والآداب العامة حسب تحريات المباحث العامة للشرطة.
ولعل القضية تكمن في غياب تشريعات تضع ضوابط محددة للمعالجة الإعلامية يحد من تضخم الفساد الأخلاقي، ووضع المعايير الضابطة لوسائل الإعلام لعدم استغلال الجنس كعنصر للإثارة الإعلامية لكسب نسب أكبر للمشاهدة وعدد من الإعلانات التجارية، وضمان رعاية المؤسسات والشركات لبرامجها.. ووفق متابعون فإن الإعلام المصرى مطالب بالحفاظ على القيم والمبادئ والخلق الحسن، وترسيخ وتعظيم السلوكيات الحميدة وأخلاقيات المجتمع المصرى وتماسكه كانت هذه اللقاءات مع خبراء الإعلام.
يقول د. حسن عماد مكاوي: إن التهتك المهنى والخروج عن القيم الثابتة للمجتمع المصرى أصبح سمة إعلامية للواقع العربي.
ويضيف: ويحدث ذلك بصفة كبير في معظم قنوات الإعلام الخاص الذي يلهث وراء جذب المشاهد وكسب الإعلانات التجارية من الإثارة ونجد على النظير يحاول الإعلام القومى القيام بدوره التنويرى والأخلاقى في حدود ليس قليلة، ولكنه ما زال في حاجة إلى المساندة الحقيقية حتى يتمكن من القيام بدوره فى بث القيم والسلوكيات الحميدة التي نتطلع إلى غرسها داخل أولادنا.. ومن هنا لا أعول على الإعلام الخاص كثيرا وأطالب بسرعة إصدار تشريعات منظمة للإعلام.
ويري سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق أنه لابد أن يكون الإعلام على وعى كامل مع المرحلة المهمة التى تمر بها مصر حاليا ..
ويجب أن تدرك وسائل الإعلام مسئوليتها، وتتخلى عن طريقة آدئها الإعلامي وحسن العمل على بناء القيم وتقديم ما هو مهم وجاد ويعالج القضايا الحقيقية وضرورة أن يقود الإعلام المجتمع نحو التقدم والمستقبل ويعي دوره التوعوي في بناء المستقبل، والالتزام بالمعايير المهنية والقيم الإعلامية حسب ميثاق الشرف وأصول المهنة وترك القضايا التافهة الضعيفة التي لا تسمن سوى في إضاعة الوقت وإلهاء المواطن عن قضاياه الحقيقيةو. كذلك أيضًا لا بد أن نشير إلى ضرورة الالتزام الأخلاقي بدقة المعلومات ونقل الحقيقة دون تزييف أو تحريف.
ويضيف د. شريف درويش أستاذ الإعلام: أن أهم ما يكون في العملية الإعلامية هو الضمير الذي يجب أن يتحلى به كل مسئول إعلامي وخاصة إدارة البرامج والنظر فيما تدعو إليه من قيم ومثل وأخلاق..
وألا يكون هناك شيء أسمى من الوطن والعمل على رفعته وتنشئة الشباب والأطفال على القيم الوطنية والديمقراطية في جو تربوي سليم.