ما نعانيه اليوم من مشكلات تعبر عن قصور فى النمو الأخلاقى
يمثل البعد الأخلاقى بعدًا مهمًا فى شخصية الإنسان، ويعتبر نقص هذا الجانب لدى الفرد مسئولًا عن كثير مما نعانيه اليوم من مشكلات كبيرة، ولا نبالغ إذا قلنا أن ما نعانيه اليوم من مشكلات هى فى الأصل مشكلات تعبر عن قصور فى النمو الأخلاقى. فلا يستطيع أى مجتمع أن يستمر أو أن يبقى دون أن تحكمه مجموعة من القواعد والقوانين، والضوابط التى تنظم العلاقات بين المواطنين بعضهم بعضًا، وتكون بمثابة المعايير المعتمدة فى توجيه سلوكهم، وتقويم انحرافهم .
ويختص البعد الأخلاقى بالقيم والمعايير والعادات والمثل، ويساعد الفرد للوصول إلى حالة السواء، وهذه العملية قوامها تشرب الطفل للنظام الأخلاقى للجماعة التى ينشأ فيها، وأبسط ما يقال عن الأخلاق هى قدرة الفرد على أن يضع نفسه مكان شخص آخر، وأن ينظر إلى الأمور المختلفة بعين هذا الشخص الآخر، وأن يدرك التبادلية فى وجهات النظر، وفى المواقف، وأن يؤمن بأن يسلك ما يقبله هو على نفسه، ويرفض أن يقترف ما لا يقبله على نفسه فهو عندما يسلك سلوكًا يضع نفسه موضع الطرف الآخر لهذا السلوك، ويعد النمو الأخلاقى نتاجًا لتفاعل عوامل التنشئة الاجتماعية والأخلاقية مع النمو المعرفى .
ولعل ما حدث عقب ثورة يناير المجيدة شيئًا مخيفًا، حيث ذهبت منظومة القيم وتوارت واختفت، فظهرت البلطجة والتباهى بها والسرقة بالإكراه، والتحرش وعدم احترام الكبير وتقديره.
وقد سألنى صديقى، هل هذه الأمور موجودة لدينا؟ بمعنى أنها أصيلة فينا، ونظام الشرطى القهرى الذى كنا نُحكم به؛ جعلنا نحاول إخفاءها أم أنها أمور مستجدة لدينا ؟
فقلت له: إنه الضغط الذى عايشه المواطن والأسر، فالأب ليس له وقت ليراقب أبناءه؛ لأنه لا يملك من الوقت إلا ما يكفى لتوفير الحد الأدنى لإشباع الاحتياجات المادية لأسرته، بالإضافة إلى أن نمط التربية عَلَّمِ الفرد كيف يخاف، ولم يعلمه كيف يفكر ويحترم الأخر، هذا بالإضافة إلى أن هناك مجموعة من العوامل التى سنتحدث عنها فى مقالات مستقبلية أضعفت الانتماء لدى المواطن ونمت لدية الأنانية والفردية، ولا ننسى أيضًا ما تتبناه وسائل الإعلام من إلقاء الضوء على السلوك المنحرف، وانتشار أفلام العنف، و الأفلام الدموية التى تدعو وتشجع الانحراف السلوكى والأخلاقى داخل المجتمع.
(أزمة أخلاق )ما نعانيه اليوم من مشكلات
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة