وصف الطاروطي والهنداوي والخشت بـ”بارعي الجيل الحالي”..
القارئ الشيخ محمد السيد ضيف لـ”الفتح اليوم”:
أكد القارىء الشيخ محمد السيد ضيف أن جيله كان يقرأ القرآن لله ولم يفرطوا فيه ، مستنكراً اتجاه القراء الجدد للتركيز علي طول النفس ومقياس القارئ الماهر بالنسبة لهم أن يقرأ الواحد منهم أية أو آيتين في نفس واحد وبعض الأخطاء موجودة لدى معظمهم .. عن النشأة ومشاكل القراء وذكرياته فى دول العالم ، وتفاصيل أخري كثيرة فى هذا الحوار :
ـ كيف كانت النشأة ودور الوالدين فيها؟
تعلمت القرآن في السابعة من عمري في كتاب القرية على يد الشيخ عبد العاطي الغريب، والشيخة زينب عبد الهادي والشيخ رزق الحسيني، وختمته في الثانية عشرة من عمري، وتعلمت القراءات على يد الشيخ عبد الله البلتاجي، ثم التحقت بمعهد القراءات في الخازندارة، وعينت مقيم شعائر في مسجد العدل بطناح أما دور الوالدين فوالدي رحمة الله عليه كان مهتما جدا بحفظي القرآن الكريم وكان يتخير لي الكتاتيب البارعة في تحفيظ القرآن الكريم، وحينما انتهيت من الحفظ أخذني إلى قرية ويشة الحجر بجوارنا لأتعلم هناك القراءات لما لهم هناك من براعة في تعليم القراءات السبعة ثم ألحقني بمعهد القراءات بالخازندارة وحصلت على شهادة التجويد عام 1975م وكانت تعادل الإعدادية الأزهرية، وقد عينت بها مقيم شعائرهناك صعوبات تواجه أبناءنا في حفظ كتاب الله.. ما السبب؟
رغم أن مدرسي القرآن يأتون للأولاد في بيوتهم، ومع ذلك هناك ضعف في الحفظ، والسبب في هذا عدم الإتقان وقلة المتابعة والاهتمام والقرآن الكريم هو تلقي من أفواه المشايخ المجيدين لحفظ القرآن، وهم يحفظون بطريقة صحيحة وخطأ اليوم أن معظم محفظي القرآن الكريم اليوم لا يقرءون قراءة سليمة فيتلقى التلميذ ويتعلم الأخطاء نفسها من معلمه .
ـ في حياة كل قارئ قدوة كان سببا في دفعه قدما نحو النجاح. من كان قدوتك ؟
تأسيت بالشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله، وكنت أتمنى أن أكون مثله وكان عندنا في بلدتنا راديو واحد يستمع إليه الناس وحينما كان يقرأ كانت والدتي رحمها الله تدع الله في الليل هي وصديقاتها أن أكون مثله.كيف ومتى واجهت الجمهور للمرة الأولى في حياتك؟
الحمد لله منذ نشأتي وأنا أقرأ بصوت متقن وجميل في قراءة القرآن الكريم بشهادة من حولي وفي السادسة عشر من عمري، وحينما توفي والد أحد أقاربي قال: لن يقرأ في عزاء والدي سوى الشيخ محمد ضيف، وقيل إنهم قد دعوا فضيلة الشيخ راغب مصطفى غلوش للحضور، ففوجئ الناس بقراءتي البارعة المفاجئة لهم، وقد أعطوني في هذا اليوم خمسة وسبعين قرشًا
ـ كيف جاءت فكرة الالتحاق بالإذاعة؟
كان الحاج توفيق عبده إسماعيل وزير السياحة، وكان صديقا للأستاذ فهمي عمر رئيس الإذاعة، وكان عمي عبد الحميد ضيف تاجر مواشي، وله علاقة صداقة تجمعه بالحاج توفيق عبده إسماعيل.. فلفت عمي نظر الحاج توفيق إلى مهارتي في تلاوة القرآن الكريم، وحينما استمع إلى تلاوتي قال لعمي عبد الحميد: اكتب طلبًا لأقدمه للإذاعة وبالفعل كتبنا الطلب وأخذه ومعه شريطان كنت قد سجلتهما بصوتي، وقابل الأستاذ فهمي عمر رئيس الإذاعة.. وزكاني عنده وقدم له الطلب والأشرطة، وبعدها أرسلوا لي لكي أمتحن، وكان النجاح ثم كلفني الأستاذ فهمي عمر بالتسجيل للإذاعة سورة لقمان وسورة الحج. وقد جاء الأمر سريعًا فلقد قدمت للإذاعة واختبرت وسجلت خلال شهرين فقط ولم يحدث هذا مع غيري من القراء.
ـ هل تتذكر أول تلاوة على الهواء بالإذاعة والتليفزيون؟ وما هي التلاوة التي لا تنساها؟
التلاوة التي لا أنساها كانت في مسجد النور بالعباسية يوم الجمعة وكانت والحمد لله تلاوة موفقة وكانت أول جمعة قرأتها بالتليفزيون كانت عام 1984م، وأما أول إذاعة خارجية في الراديو كانت تلاوة من سورة الأحزاب من مسجد الحسين بالقاهرة وكانت انطلاقة كبيرة بالنسبة لي.ـ كيف تقارن بين جيلكم والجيل الحالي للإذاعة؟ وما نصيحتك لهم؟
كنا نقرأ القرآن لله ونحافظ عليه الحرف حرف والغنة غنة والمد مد، ولم نفرط فيه وكنا نستمع إلى الشيخ مصطفى إسماعيل يقرأ بتؤدة وكذلك الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وكانوا يشعرون بمعنى القرآن أثناء التلاوة أبدا.. أما الآن بالنسبة للقراء الجدد المهم عندهم طول النفس ومقياس القارئ الماهر بالنسبة لهم أن يقرأ الواحد منهم أية أو آيتين في نفس واحد والأخطاء موجودة لدى معظمهم وأدعو الله أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه. أما نصيحتي لهم أن يقرأوا القرآن بفهم ليصل للناس بالفهم نفسه مع الالتزام بالوقف والابتداء بدقة ولا داعي للنظر إلى طول النفس على حساب الإتقان، وقد سئل الإمام علي رضي الله عنه في معنى قول الله (ورتل القرآن ترتيلا) فقال رضي الله عنه: هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف فهي حلية التلاوة وزينة القارئ وفخر للعالم وفهم للمستمع.
ـ من يعجبك من الجيل الجديد للقراء؟
يعجبني من الجيل الجديد من القراء فضيلة الشيخ حجاج الهنداوي والشيخ محمود الخشت وكذلك الشيخ عبدالفتاح الطاروطي أما أصدقائي من قراء الإذاعة الشيخ فتحي المليجي رحمه الله والشيخ محمد أحمد شبيب رحمه الله وأستاذي وشيخي الشيخ أحمد محمد عامر أمده الله بالصحة والعافيةـ نحن في مواسم طاعة وعبادة مستمرة ما هي ذكرياتك وتلاواتك في هذه الأيام ؟
كنت وأنا على جبل عرفات كان الناس يلتفون من حولي وأنا أتلو عليهم القرآن وكنت أقرأه عليهم مرتلا ومجودا وقد حججت ثلاث مرات والحمد لله أما تلاواتي في الإذاعة في مناسبة الحج على الهواء دائما كنت أقرأ سورة الحج وإني أحبها كثيرا فهي تأتي لنا بتلك المناسبة الغالية.
ـ كيف تقيم علاقة المسلمين بكتابهم اليوم تلاوة وسماعا وتطبيقا وعملا؟ وأين ذهب السميعة الذين كانوا يقطعون المسافات لسماع القرآن الكريم؟
للأسف معظم المستمعين للقراء يستمعوا للصوت فقط وينظرون إلى قوته وطول نفسه ولا ينظرون لخشوعه وإحساسه ويدفعون مبالغ طائلة في ما لا يفيد، لكننا إذا نظرنا للقمم كالشيخ الحصري مثلا كان يقرأ بتأن وبإخلاص لذلك كان القرآن يزين صوته. أما السميعة فقد ذهبوا بسبب التقصير في التلاوة وأذكر أن الشيخ مصطفى إسماعيل جاء يقرأ في بلدنا عام 1973م وكان الناس يملأون المكان، وأكثرهم جلس على الأرض في خشوع وإنصات.. وكان الفلاحون يحفظون القرآن من تلاوات القراء أما الآن ذهب السميعة مع ذهاب الكبار كالبنا والبهتيمي ولقد ذهبت آذان خاشعة وأتت آذان تسمع القرآن لطول النفس، ولا يوجد تذوق ويتبارى القراء في الصوت العالي وطول النفس.
ـ أين تم تكريمكم، وموقف لا تنساه خلال تلك التكريمات؟
كرمت في أمريكا وفي الهند وباكستان علاوة على عظم الاستقبال، وأنهم يضعون الزهور في أعناقنا، وفي ماليزيا ذهبت مع الشيخ محمود علي البنا، وقالوا إن الحفل سيحضره الوزير فجلسنا في المنصة، وإذا بمجموعة موتوسيكلات تدخل علينا وعليها مجموعة من الناس وفوجئنا بأن وزير الأوقاف من بين هؤلاء وأتى راكبا دراجة بخارية، وهكذا كان تواضع هذا الوزير وعدم تكلفه، وهو يعطي درسًا لأصحاب المظاهر.
ـ ما هو الحصاد القرآني الخاص بفضيلتكم حتى الآن وما تقييمكم لذلك الحصاد؟ وما قصة تسجيلك للقرآن المرتل؟
حصادي هو تلاواتي في جميع أنحاء العالم بفضل الله في المؤتمرات والمناسبات وفي الصلوات، وكذلك تسجيلاتي بالإذاعة المصرية التي تقدمها الإذاعة من وقت لآخر وكذلك التليفزيون المصري لي فيه تلاواتي الخاصة، وكذلك قمت بالتلاوة في بعض الإذاعات والتليفزيونات العربية وأنا أول قارئ في العالم يحتفظ بقراءاته منذ التلاوة الأولى وحتى الآن وعندي لا يقل عن 3000 شريط كاسيت هي حصيلة تسجيلاتي طوال حياتي كقارئ وحتى الآن، وقد قمت برفعها على صفحات الفيس بوك بناء على طلب الأحباب أما القرآن المرتل فقد سجلته وأجيز من الأزهر الشريف وأهديته لقناة المجد التي عرضتها على لجنتها وقد أجازته والحمد لله. أما قصة تسجيلي للقرآن المرتل فقد كان هناك صاحب شركة صوتيات جاءني وقال لي: أريد أن تسجل لي القرآن مرتلا ثم سجلته تحت إشراف صوتي وهندسة صوتية للمهندس أحمد سرحان وهو بارع فسجل القرآن المرتل كاملا، وقد رفعته على صفحتي لكي ينتفع به المسلمون في العالم كله والحمد لله.
ـ ما هو التقييم أو التعليق الذي لا تنساه ؟
لم ولن أنسى في حياتي شهادة العلامة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، حينما سأله الإعلامي الكبير طارق حبيب من القارئ الذي يؤثر في الشيخ محمد متولي الشعراوي؟ فرد عليه قائلا: محمد السيد ضيف جمع بين القديم والحديث وقال: محمد السيد ضيف تاريخ ومستقبل وكان ذلك في عام 1995م
ـ ما هي الرسالة التي تحب أن توجهها من خلال جريدة الفتح اليوم؟
رسالتي منطلقة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. ولن يتحقق الأمن في الشارعالمصري إلا إذا تم توفير رغيف الخبز ويجب القضاء على مافيا القمح، ولكي يتحقق الرخاء في مصر لابد من دعم الفلاح لأن الفلاح هوعماد الاقتصاد المصري ولو دعمنا الفلاح نكون قد دعمنا الشعب كله ولو لم ندعمه فسنشكو من الغلاء في كل شيء والمتضرر في هذه الحالة هو المواطن، كما أطلب من الرئيس تحقيق نداء كل الثوار (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية) والعدالة الاجتماعية تضم المسلمين وغير المسلمين والله قال (ولقد كرمنا بني آدم) والجميع له حق الحياة ولن يتحقق الأمن قبل توفير رغيف الخبز.
بورتريه :
محمد السيد ضيف
ولد فى قرية طناح بالمنصورة بالدقهلية عام 1945م
حفظ القرآن في السابعة ، وقدوته الشيخ مصطفي إسماعيل
تزوج ورزق بخمسة من الأبناء
القارئ الشيخ محمد السيد ضيف: السمّيعة رحلوا مع جيل الكبار ..والقراء الجدد يفتقدون الإتقان ويتباهون بطول النفس
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة