يموج الشارع المصري بكثير من التحوّلات التي غيّرت أخلاق المصريين والتي لم تعد كما كانت من حيث لغة الحوار وأسلوب التعامل والترفع، فى كل شيء. ونسى المصريون أشياء كثيرة فى زحمة الحياة والأشياء والبشر.. ظهر من بيننا من ينكر وجود الله، وظهر من بينا من يسب أباه ويعق أمه، وظهر من بيننا من يتطاول علي ثوابت الوطن.. إلي كثير من التداعيات. التقت ” جريدة الفتح اليوم ” بالدكتور عمار على حسن الكاتب والباحث فى الشئون الاسلامية فكان هذا الحوار …
بطاقة تعارف:
- الاسم: عمار علي حسن
- مواليد: محافظة المنيا 21/12/1967م.
- تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1989م ثم حصل على الماجستير في العلوم السياسية عام 1997م والدكتوراه عام 2001م
- باحث مهتم بالدراسات السياسية والأدبية والاقتصادية والقانونية. وإعلامي وكاتب اهتم بالقصة القصيرة والنقد الأدبي.
- له العديد من الكتب منها: التكافؤ الاقتصادي والديمقراطيةـ الفريضة الواجبة. أمة في أزمة ـ التغيير الآمن ـ العودة إلى المجهول
- حصل على عدد من الجوائز أهمها:
- الجائزة التشجيعية في القصة القصيرة عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 1992م وجائزة الفقه والدعوة الإسلامية من رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأزهر الشريف وهيئة قضايا الدولة وجهات أخرى، وذلك في عامي 1991م وكذلك 1992م، وجائ زة الشيخ زايد للكتاب فرع تنمية وبناء الدولة عام 2010م، وجائزة الطيب الصالح العالمية للإبداع الكتابي في القصة القصيرة عام 2011م، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية عام 2012م.
ظهر بين شبابنا من يعلن إلحاده بدعوي التحرر من قيود الحلال والحرام، كيف تري ذلك؟
الإلحاد في المجتمعات العربية ليس ظاهرة غريبة لكن مواقع الإنترنت جعلتنا نشعر بالملحدين فحينما ينشئ أحدهم صفحة على الفيس بوك يدخل كثير من المتابعين بالتعليق والرد على صفحته فننزعج نحن من ذلك ونظن أنه أمر جديد لكنه أمر ليس بالجديد لكن المثير للمخاوف هو زيادة عدد هؤلاء خاصة بعد أن وجدوا وسيلة سهلة رخيصة متاحة مجانية لنشر ما يعتقدون.ـ لكن تنامي الظاهرة بشكل لافت يدفعنا للخوف علي الشباب؟
لست قلقاً من ظاهرة الإلحاد فأغلبه ليس إلحاداً فلسفياً لكنه إلحاداً نفسياً، جزء منه رفض للواقع وجزء منه رفض للواقع الديني المتطرف، والمتنطعون المتشددون ينفرون كثيرا من الناس وفي مطلعهم الشباب فإن هؤلاء يعاندونهم فيعلنون الإلحاد.. والذين ينشدون الغرائز والشهوات ليسوا كلهم ملحدين هم مؤمنون يقولون نحن نخطئ ونشتاق إلى التوبة ولهم نفس لوامة وقد أقسم الله بها وعدد الملحدين لأسباب فلسفية ليس كبيرا لكن الخطر أن الجماعات المتطرفة لا تطرح نفسها على أنها من الإسلام لكنها تطرح نفسها على أنها هي الإسلام وأتصور أن رد الفعل الطبيعي عند الشباب الذي ليست له رؤيا فيعلن الإلحاد.. هؤلاء ليسوا خطراً على الإسلام كالإرهابيين والمتطرفين بدليل أن بعض كتابات الملحدين وصلتنا وقابلة للنقاش والإسلام لديه منعة ذاتية والعقيدة بسيطة فالإيمان واحد والوصول إليه بالعبادة والمراقبة والمشكلة فيمن يرفعون الإسلام كشعار وأفعاله بعيدة كل البعد عنه.
ـ ما علاج هذه الظاهرة حتى يتم انحسارها؟
لن نقضى على ظاهرة التطرف لكن نريد أن يقل العدد بقدر الإمكان حتى لا تستفحل فتشكل خطراً على المجتمع المسلم لذا فالعلاج يكون من خلال دراسة ميدانية تطرح مجموعة أسئلة عن أسباب الإلحاد وعلاقته بالكتب السماوية والكتب الدينية والخلفيات الاجتماعية وانفتاحه على الثقافات المغايرة، لأن الانطوائية من أسباب الإلحاد وحصيلة هذا الإلحاد يفسر لنا الظاهرة ونضع يدنا على الأسباب وهنا يسهل العلاج وليس مطلوب الشدة مع هؤلاء لكن مطلوب الحوارـ كيف يفكر هؤلاء الملحدون.. وما حجتهم للدفاع عن إلحادهم؟
الإيمان يزيد وينقص والنفس البشرية في شك دائم والله سبحانه وتعالى ألهمها فجورها وتقواها (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتقْوَاهَا) فقد ألهمها الفجور قبل التقوى، فمن الوارد أن يخلد العالم إلى النوم فيشرد في مخلوقات الله لكنه يعرف طريق العودة، لكن هؤلاء الشباب لا يعرفون طريق العودة لأن خبراتهم قليلة وثقافتهم ضعيفة، وربما لدينا قصور في الخطاب الديني لا يعالج الظاهرة ومطلوب دراسة الفلسفات التي يؤمنوا بها وقد تم تناول تلك الفلسفة في أوربا، فالأمراض السيكوباتية وهي الألم المترجم عن التعب النفسي تأتي في البعد عن الإيمان ونحن من مصلحتنا أن نتسلح دائما بالإيمان حتى نخفف الجرائم في المجتمع وولو أن شخصا علم أنه لا حساب في الدنيا ولا في الآخرة فسيفعل كل الموبقات لكن الإيمان يأتي بالسكينة الإيمانية ،والضمير الإنساني يحتاج إلى إيمان لردع الشهوات والكف عن الإلحاد واستحلال المحرمات.-حرق المصحف في فرنسا على ما يؤشر وما مستقبل العلاقة بين المسلمين والغرب في ضوء ما يحدث؟
فرنسا هي الدولة الأوربية التي استفاد المسلمون من الحرية فيها وبها أكبر عدد من المسلمين وبني فيها أكثر من ألف مسجد، ويأتي بعض المتشددون ليقسموا الديار إلى دار إسلام ودار حرب ويستحلوا كل من ليس مسلما وحينما يدمر هؤلاء هناك ثم يصيحوا: الله أكبر ولله الحمد، وهنا المواطن الغربي العادي معذور في اعتقاده بتطرف المسلمين لأن مؤسساتنا فشلت في أن تصل بالإسلام السمح إلى هؤلاء، أغلب الأوربيين لا يعرفون الإسلام ولا يسمع إلا عن تنظيم الدولة الإسلامية داعش فيحكم على الإسلام من خلالهم، وأنا أطالب بترجمة خمسين كتاباً وسطياً إلى كل لغات العالم عن طريق دور النشر في كل الدول والقراءة عن الآخر تعني فهمه وإذا فهمته عذرته، والله الذي يقول (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وأصل البشرية واحد،
ـ ما المطلوب من المسلمين الآن سلوكيا وعمليا لتغيير نظرة شعوب الغرب عن الإسلام؟
الدور الأكبر يقع على الجاليات الإسلامية في الخارج بتجسيد أخلاق الإسلام كسفراء هناك لدينهم ويجب أن يعلنوا براءتهم من كل تطرف ومغالاة، وليس مطلوب أقوال ولا شعارات وإنما بالأخلاق والأفعال، والغرب مهتم بالتجليات الاجتماعية عندنا كالجمعيات المالية العرفية الموجودة في مصر وكذلك ظاهرة موائد الرحمن هذا يدل على أن المجتمع متماسك به تكافل اجتماعي، كذلك هناك نماذج في الغرب كمن تبرع بخمسين مليار لمؤسسات تعليمية والمسئولين عن فيس بوك تبرعوا بـ 99% من دخلهم لأعمال عامة وعندنا التعليم مطلب ديني كالعبادة ولابد أن يكون هناك توازن.-هناك سيل من الفتاوى الشاذة دفعت الأزهر لإنشاء مرصد للرد، ما ضرر تلك الفتاوى وما العلاج؟
حسناً ما فعله الأزهر، من الممكن أن تبني مصنعاً ينتج أفضل سلعة لكن إن لم توجد شبكة توزيع توصل هذه السلع للمستهلكين ما فائدة هذا المصنع فإذا كنت تصدر كتباً ثم تودعها في المحزن فما فائدتها.. لا يجب وضع الأفكار في المتحف ثم تنتظر الزائرين، وتفنيد الأفكار جهد عظيم لكن يجب أن تعرف كيف توزع ذلك وتسوقه_هل يقبل مجتمعنا أفكار داعش خاصة أننا مجتمع الأزهر؟
لا يوجد مجتمع محصّن ضد التطرف حتى المجتمع الغربي فلا تزال النازية والفاشية لهما بريق عند بعض الشباب هناك ولا يوجد مجتمع مُبرأ تماما من التطرف لكن المطلوب أن يكون التيار الرئيسي عنده منعة ضد الأفكار المتطرفة ولابد من تهيئة المجتمعات والشباب لقبول أفكار الآخرـ كيف نحصن الشباب ضد الفكر المتطرف لكي يخرج جيلاً سوياً بعيداً عن الغلو؟
علينا أن نترك الناس تفكر بحرية وهناك كثير من الأفكار الوسطية موجودة يجب عدم إهمالها ولا تكتفي دار الإفتاء بموقع تتواصل من خلاله مع الناس لكن لابد من وجود مجموعات إلكترونية مدربة فاهمة للدين الصحيح تدخل في الحوارات الإلكترونية للإقناع؛ لأن داعش تعمل هكذا من خلال الحوارات لجذب الشباب نحوها وهنا لابد من الدخول لإفساد تلك المؤامرات.
كلمة (عيب) تكاد تحذف من قاموس الشباب وغاب احترام الكبير.. كيف نرجع لأصولنا؟
القيم تتغير وتتدهور ببطء شديد لكنها لا يمكن أن تستعاد بسرعة شديدة وبناء المصانع يسير وبناء الرجال عسير، وعملية بناء الإنسان من خلال القيم يستلزم وقتا كبيرا وصبرا وجهدا وتكاتفا بين مؤسسات عديدة وليس بالضرورة أن نكون كأجدادنا لكن نفس القيم مطلوبة حسب الزمن ومطلوب أن نعطي الكبير مكانتهونعطي الصغير مكانته.ـ تجديد الخطاب الديني. كيف يكون؟
أفضل لفظ الإصلاح الديني والله يقول (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله) فالإصلاح أشمل من التجديد وكم تلقى جدار الدين من ضربات من المتطرفين وأريد أن أقول افرجوا عن الجدار الذي أخفيتموه هذا الجدار هو المعدن الأصيل للإسلام هذه الجوهرة التي طمرت تحت كثير من الأفكار والمصالح والتي جعلت البعض يستعين بعقل بارد ونفس جامدة وهنا يأتي دور قناة الفتح للقرآن الكريم.
أكثر ما يلفت الانتباه في قناة الفتح عن القنوات الأخرى أنها لا تحاول أن تقحم الدين في الصراع السياسي، ونحن نحتاج المنهج الديني في السمو الأخلاقي والنفع العام والسلم المجتمعي ونحن في حاجة لتعميق هذه المفاهيم وسيكون التفات قناة الفتح إلى أطروحات المستشرقين التي تحتاج إلى رد، وأنا أشفق على رئيس القناة أ. د. أحمد عبده عوض في هذه المهمة الشاقة والتي تحتاج لمجموعة من العلماء لأن حضور القرآن يقطع الطريق على الذين استبدلوا الإسلام بتاريخ المسلمين وهذا خطر كبير وإعلاء قيمة القرآن والتنظر فيه وتفسيره والاستفادة بما فيه من طاقات روحية وأخلاقية.
المتشددون يُنفِّرون من الدين..وهناك شباب ألحدوا «بالعند»
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة