كتب : أحمد عبدالعاطي
رحل عن عالمنا أمس السبت 20 فبراير 2016م كبير قراء الإذاعة المصرية، الشيخ أحمد محمد عامر عن عمر يناهز 89 عامًا .. بعدما ملأ الأرض بصوته القرآنى العذب وابتهالاته التى أدمعت الناس .. كان سفيرًا للقرآن فـى العالم وكان يستقبله الأمراء والرؤساء استقبالاً يليق بأهل القرآن من الحفاوة والكرم، وكان يقول: أهل بلاد الغرب يتأثرون تأثرًا بالغًا بكتاب الله، فمنهم من يبكى بحرقة عند سماعه للقرآن، وكثيرون اعتنقوا الإسلام لسماعهم القرآن من قراء مصر، وهذا من فضل الله علينا والحمد لله.. وفيما يأتى نص الحوار الذى أجرته مع الفقيد رحمه الله قبل عام:
قالو عنه :- الدكتور عبد الله الخولي (إذاعة القرآن الكريم )تنعى للأمة الإسلامية فضيلة القارئ الشيخ/ أحمد محمد عامر هو قارئ من الطراز الأول أعطاه الله علما غزيرا في أحكام التلاوة كما منحه غيرة شديدة على كتاب الله جعلت الجميع يهابه لأنه لا تأخذه في الله لومة لائم فيواجه المخطئ في القراءة بخطئه مهما كلفه لأن كتاب الله عنده مقدم على كل شيئ وهو القارئ الوحيد الذي كان يقرأ قرآن الفجر من ذهنه دون النظر في المصحف وهو بحق أكرم القرآن بحفظه وتلاوته وسوف يستقبله القرآن بحفاوة في قبره ويوم القيامة رحم الله القارئ المجيد الشيخ/ أحمد محمد عامر- الدكتور/ربيع عبد الرؤوف الزواوي- الباحث الإسلاميتفتحت عيناي في طفولتي القروية على صوت القراء الخمسة العمالقة الكبار؛ المشايخ: الحصري، والمنشاوي، ومصطفى إسماعيل، وعبد الباسط، والبنا... رحمهم الله جميعا... في إذاعة القرآن الكريم المصرية... كان ذلك في عقد السبعينيات والثمانينيات... وقد كتبت عن هؤلاء العمالقة الخمسة قبل ذلك عدة مرات... في أواخر الثمانينيات إنضاف لصوت هؤلاء العمالقة الخمسة صوت جديد؛ كان هذا الصوت هو صوت الشيخ الوقور ذي السمت الهادئ والأدب الرفيع والحياء الفطري؛ فضيلة الشيخ أحمد محمد عامر رحمه الله ورضي عنه.- الإذاعي: ممدوح محمد السباعي (إذاعة القرآن الكريم )فى ذمة الله عميد اهل القران اجادة وخلق وعن عنه من ابيه لجدةلابى جده ومانقطع من امام الميكروفون كان يبداءبسمت ابن التسعين فاذا توالت التلاوة شعرت انه ابن الاربعين فضلا وكرما من الله لاهل القران رحمة الله عليه عملاق ومتعة الموجود والمرتل ضمن الاول بلا فارق صورة سيدي الشيخ أحمد محمد عامر في ذمة الله تعالى.. الشيخ أحمد محمد أحمد عامرحدثنا عن تجربتك الشخصية فى حفظ القرآن؟
والدى هو الشيخ محمد أحمد عامر وقد كان قارئًا لكتاب الله، ولذلك سمى بيتنا ببيت القرآن، ولقد حرص والدى على أن أحفظ القرآن فى سنّ مبكرة فدفع بى إلى كتّاب القرية وعهد بى إلى الشيخ محمد السهويتى، وكان كفيف البصر، ثم الشيخ محمد ميدان، وألحقنى بالمدرسة مع حفظ القرآن، وحينما وصلت للصف الثالث الابتدائى انتقلت مع الشيخ عبدالسلام الشرباصى، فأقمتُ معه فى بلدته الضهير بمركز المنزلة دقهلية واستأجرت شقة بستين قرشًا شهريًا، وأبى لم يبخل علىّ لأنه كان يرى أن لدىّ من الملكات ما يستحق، فحفظت القرآن وجودته برواية حفص ورواية ورش ورواية قالون، وأكملت التلمذة على يد الشيخ إبراهيم نجم بالعزيزة مركز المنزلة دقهلية، وكان سنّه 110 سنوات، ، وبعدها بدأت أرتاد الحفلات والمناسبات، وكانت مدة أول مناسبة قمت بإحيائها ليلتين تقاضيت فيهما ريالاً (بريزة عن كل ليلة)، ثم ارتفع أجرى إلى 50 قرشًا حتى وصلت إلى ثلاثة جنيهات عام 1950م.
ــ من الذى كنتَ تتطلع إليه فى سن مبكرة وتتمنى أن تكون مثله فى تلاوة القرآن؟
فضيلة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى رحمه الله، فمنذ بدايتى فى حقل القرآن وأنا أنظر إليه كقدوة عملية فى التلاوة والإتقان فى الأحكام وجمال الصوت الذى ينطق بآيات الله عذبة ندية؛ولازلت حتى اليوم أعيش مع صوته الجميل فى أذنى، بل وأحيانًا تأخذنى نفسى إلى الأداء بصوته وطريقته من شدة إعجابى به، كذلك الشيخ عبدالعظيم زاهر والشيخ عبدالباسط عبدالصمد رحمهما الله.
ــ متى التحقت بالإذاعة المصرية وكيف كان ذلك؟
حينما انتقلت من الصالحية إلى فاقوس بناء على نصيحة بعض الأصدقاء وكان ذلك يوم 15 أكتوبر 1953م؛ حيث ذاع صيتى بمركز فاقوس ومحافظة الشرقية، وازدادت الاحتفالات والمناسبات فكانت النصيحة من كبار المشايخ والأصدقاء بأن أتقدم للإذاعة وقالوا بأننى أفضل فى التلاوة من كثير من قراء الإذاعة، وبالفعل تقدمت للإذاعة المصرية عام 1956 ودخلت اختبار الإذاعة، وكان شاقًا وصعبًا حيث يرأسه مجموعة من كبار علماء القرآن فى هذا الوقت، وأذكر منهم الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر والدكتور محمد عبدالله ماضى وكيل الأزهر آنذاك، وغيرهم. والحمد لله فتح الله لى ونجحت من المرة الأولى
ــ انضم للإذاعة مؤخرًا جيل من القراء الشباب.. كيف تقيّم هذا الجيل ومن منهم أعجبك؟
القراء الجدد عند كثير منهم ضعف سواء كان فى الأحكام أو فى الأداء الصوتي، والخطأ الأكبر أن يرجح كفة الأداء الصوتى على حساب الأحكام، وهذا من الأخطاء الشنيعة فى التلاوة، فالرعيل الأول لم يكن كذلك أبدًا؛ لأنهم كانوا يأخذون الأحكام بتمامها أولاً ثم يحسّنون ويجمّلون الصوت، مع العلم أن تحرّى الأحكام يجمّل ويحسّن الصوت بطبيعة الحال؛ لأنها تتفق مع النغم الصوتى الأصيل، كذلك الجيل الحالى يحتاج إلى ضبط بعض الأحكام خاصة المدود وكيفية الوقف والوصل لاكتمال المعنى الوارد فى الآيات،أما بالنسبة للأداء الصوتى فكثير منهم يحتاج إلى دراسة المقامات الصوتية مرة أخرى، حيث إنه باتباع الأداء الصوتى السليم تستطيع أن توّصل المعانى المختلفة للآيات وتستطيع أن تنقل المستمع إلى حالة من المعايشة الكاملة مع القرآن، ولقد نَصحت بذلك وسأظل لأنها أمانة ولابد أن تؤدى ،ورغم ذلك فإن الكثير منهم مجتهد وواعد، أذكر منهم الشيخ حجاج الهنداوى الشيخ محمد شرف الدين والشيخ عصام السيد مجاهد، وأتمنى أن يأتى هؤلاء بالحصرى الجديد والشعشاعى الجديد والبهتيمى الجديد وعبدالباسط الجديد.
ــ وبماذا تنصحهم؟
أنصحهم أولاً أن يكونوا صالحين فى أنفسهم وفى مجتمعهم، فيحافظوا على الصلاة بفرائضها وسننها، فالقارئ المؤثر من يطبّق القرآن على نفسه قبل أن يُسمعه للناس ساعتها سيزرع الله ما تلاه فى قلوبهم، لأن القراء ليسوا كالعوام لأنهم حملة كتاب الله، وأحذرهم من قول النبى صلى الله علبه وسلم “رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه”، وعليهم الأخذ بأسباب التفوق فى التلاوة.
ــ كيف ترى تأثير القرآن فى الفرد والمجتمع؟
على مستوى الفرد هناك نماذج رائعة من الناس فى التأثر بالقرآن يحبون سماعه وتلاوته ويحاولون أن يجعلوه واقعا وعملا فى حياتهم، وهناك أغلبية أخرى مقصرة تقصيرًا واضحًا ويبالغون فى هجر القرآن أنصحهم بأن يقتربوا من كتاب ربهم ففيه النجاه، أما على مستوى المجتمع فالشواهد الموجودة بمجتمعنا اليوم تدل على أننا ابتعدنا كثيرا عن منهاجنا الذى أحيانًا نُحسن الإستماع إليه ثم ننصرف عن التطبيق والتنفيذ، مع أن القرآن نزل ليُتلى ويُطبق ويكون واقعا فى دنيا الناس 0
ــ تسجيل المصحف المرتل كان نقطة تحول مهمة فى حياتك كيف ذلك؟
سجلت المصحف المرتل فى نفس العام الذى توفى فيه الشيخ عبد الباسط عبدالصمد رحمه الله وقد حصلت على درجة امتياز فى تلاوته،فكانت هذه نقلة مهمة فى حياتى.
ــ كيف تجد مكانة مصر قرآنيا على مستوى العالم؟
القرآن نزل فى مكة وقرئ بمصر وحفظ فى المغرب،لذلك فإن قراء مصر يجوبون العالم شرقًا وغربًا شمالاً وجنوبًا أصواتهم فى كل مكان يصدحون بكتاب الله فى العالمين ولذلك فإن بصمة القارئ المصرى موجودة فى كل مكان حتى فى موطن نزوله وهذا شرف لمصر لأن شرف المكانة من شرف الرسالة، وهذا يدل على أن القارئ المصرى نوع فريد من القراء على مستوى العالمين العربى والإسلامى.
ــ كنت ومازلت سفيرا للقرآن فى معظم دول العالم ..كيف كان استقبالكم؟
الحمد لله سافرت إلى كل قارات العالم ومن سفرياتى الأولى السودان مع الحصرى وسوريا ثم موريتانيا والبحرين ولبنان والكويت وقطر والإمارات ثم البرازيل وأمريكا ويوغسلافيا ثم ماليزيا وتركيا وإيران والمغرب والجزائر وبريطانيا،وغيرها من الدول، أما عن الإستقبال فهو استقبال للقرآن وأهل القرآن بالحفاوة والكرم وأما عن استقبالهم للقرآن فهم يتأثرون تأثرا بالغا بكتاب الله ومنهم من يبكى بحرقة عند سماعه للقرآن، وكثيرون من الغرب أسلموا لسماعهم القرآن من القراء المصريين وذلك من فضل الله علينا والحمد لله.
من الذى لاتنسى تكريمه لكم؟
حصلت على نياشين وأوسمة وشهادات تقدير من دول كثيرة إفريقية وأسيوية كالجزائر وإيران وماليزيا عام 1972 من الملك عبدالحليم شاه، لكن الذى لن أنسى تكريمه لى ملك ماليزيا عبدالرحمن يعقوب عام 1983م الذى منحنى نيشان، والنيشان الأكبر كيفية استماع هذا الرجل للقرآن بتأثر وإمعان فكان رجل صالح وحاكم محبوب يحب القرآن وكان يقول لى” أحب أن أسمع القرآن بصوت حسن وأنت صوتك حسن”.
-كلمة تقولها لقراء الفتح اليوم؟
الفتح كإسم فيه مافيه من النفحات والكرامات والنورانيات والبشريات ،فلنأخذ درسًا وعبرة من هذا الاسم الجميل..وأوصى أحبابى قراء جريدة الفتح اليوم بالقرآن خيرًا تلاوة وحفظًا وتطبيقًا وتنفيذًا حتى يفتح الله علينا وعلى بلدنا مصر وعلى عالمنا الإسلامى والعربى كله بفضله وكرمه.
كبير القراء الشيخ أحمد محمد عامر.. فى ذمة الله
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة