عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور محمد أبو زيد الفقي لـ "الفتح اليوم":
أكد الدكتور محمد أبو زيد الفقي عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بطنطا أن الداعية أكثر تأثيراً من الدراما ، معدداً الصفات التي ينبغي أن يتصف بها الداعية حتي يؤدي مهمته علي الوجه الأكمل ، في حواره مع "الفتح اليوم" يناقش الكثير من القضايا التي تنشغل بها الأمة ويطرح مبادرات الحل..فإلي نص الحوار:
- من هو الدكتور محمد أبو زيد الفقي؟
ولدت في 11 سبتمبر 1949 في إحدى قرى مركز سيدي سالم بمحافظة كفر الشيخ.. وحفظت القرآن الكريم من سن السابعة إلى سن 13 عاما.. عملت بالأرض فلاحا إلى سن 16 ثم أن انضممت إلى القوات المسلحة في سن 18 عاما.
اعتمدت على الراديو في تعليمي فمن خلال الراديو أتقنت اللغة الإنجليزية وتعرفت على أعمال شكسبير الأدبية والتزود من علوم الفقه والدين.. فالراديو كان الشمعة التي تضيء داخل عقلي ومن خلاله تعرفت على الكون كله وأنا بداخل القرية.
وفي القوات المسلحة عملت فترة 6 سنوات كاملة بين فترة 1969 إلى 1974وتنقلت ما بين كجندي مدفعي إلى جندي الإشارة وهذا ما وفر لي 16 ساعة أمام الكتب كل يوم لطبيعة سلاحي ولهذا الحمد لله تعالى قرأت قراءات كثيرة جدا وخاصة كتب التفاسير وأظن أنني قرأت بعض كتب التفاسير أكثر من عشر مرات وبعد ضغط كبير من أصدقائي ومن المجندين معي التحقت بالتعليم النظامي ولم أكن أعرفه من قبل.- أديت الخدمة في القوات المسلحة.. صف لنا ماذا استفدت من فترة التجنيد ؟
بفضل الله تعالى أنا ولدت أحب العمل ولا أعرف شيئا عن الكسل ومرحلة طفولتي كلها كانت في الحقل والعمل بالفلاحة في الصباح وفي المساء وكنت أقضي ما تبقى لي من وقت في الصيد وقبل أن أذهب أصنع الشبك وألقيه في الترعة أو فرع النيل فإذا أتيت في الصباح وجدت الشبكة بها سمكا جديدا فأطعم منه بيتي وجيراني والأصدقاء وحينما التحقت بالعسكرية المصرية تعلمت الجد والإخلاص والاجتهاد فكانت متماشية مع شخصيتي وخاصة أنني أحب الدقة في كل حياتي فلاحا وصيادا ومجندا وأستاذا وطالبا.- التحقت بالتعليم بعدما تخطيت العشرين في حالة نادرة لا تحدث كثيرا.. كيف ذلك؟
التحقت بالمدرسة الابتدائية وأنا في سن 21 عاما بعد أربع سنوات في التجنيد وخرجت منه وأنا في الصف الأول الثانوي واختبرت المرحلة الابتدائية ( 6 سنوات ) في عام واحد فقط والصف الأول الإعدادي في عام والثاني والثالث الإعدادي في عام آخر.وكان التحاقي بالتعليم بعد إلحاح الكثير من الأصدقاء لما يرونه من نبوغ عندي وخاصة أنني كنت دائم القراءة وكانوا يثقفونني من خلال مكتباتهم الرصينة وأحضر معهم الكثير المناقشات كما أنني كنت أصعد المنبر خطيبا مفوها حتى أشيع عني أنني أزهريا ، وكنت أهرب من التعليم ولا أحب التعليم المنتظم ولكن بعد إلحاح أحد الضباط الأصدقاء لي بضرورة الالتحاق بالتعليم وفقني الله تعالى والتحقت.
ومن الطريف أنني كنت عندما أُسأل عن طموحي كنت أقول كلية الدعوة الإسلامية بالرغم أنه لم يكن هناك كلية بهذا الاسم بعد ولكن بحمد الله تعالى بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية وجدت كلية بهذا الاسم في طنطا فذهبت إليها ودخلتها والحمد لله تعالى أترقى الآن إلى أن وصلت لعمادتها 6 سنوات.- من القدوة التي دائما تحتذي بها في درب العلم ومشقته وتتمنى أن تصل إلى مكانته ؟
عباس محمود العقاد لأنني أراه قريبا مني ومن حياتي وفكري فهو مثلي الأعلى في الكون كله الذي دائما كنت أتمنى لو كنت من أحد تلاميذه؛ ولذا أنا أسير كثيرا على دربه في الحياة وفي التعلم والثقافة والموسوعية والاقتراب من الثقافات الأخرى وخاصة الأجنبية. وإن كنت أنتمي لمدرسة الشيخ محمد عبده والشيخ شلتوت والشيخ الغزالي وليس مدرسة العقاد .
ولا أنسى فضل أخي الأستاذ الدكتور بركات عبد الفتاح دويدار غنيم رحمة الله تعالى عليه لأنه كان متميزا في توليد الفكر دون أن يتكلم كثيرا كأنه سقراط.. يسأل ويتركنا نبحث عن إجابة فعلمنا بحق كيف يكون الإبداع والفكر.
- يلاحظ دائما في كتبكم وأبحاثكم الاهتمام بالجوانب النفسية بصورة كبيرة.
هذا صحيح.. وبالفعل رسالة الماجيستير لي كانت عن أثر الظروف النفسية والاجتماعية في سلوك الداعية ورسالة الدكتوراه عن أثر الظروف النفسية والاجتماعية في سلوك المدعوين.. خلصت إلي أن ما يفعله الخطباء على المنابر يؤثر أكثر مما تفعله الدراما والتليفزيون نتيجة للاستجابات النفسية للداعية والمدعوين. ورسالتي للداعية أيا ما كانت ظروفك الشخصية فهي ليست من الدين في شيء والدعوة الصحيحة بالحث على العمل وتعليم الفقه وليس افتعال مواقف لتثير ضحكهم فقط. والداعية المتميز هو ما يحث المسلمين على الإنتاج والتفاعل. والقرآن الكريم هو كتاب يخاطب النفس ولهذا اهتم واعتني بالجوانب النفسية.
- هل يجب على الكاتب أو الخطيب استخدام الفصحى والجزالة أم البساطة في التعبير أم التوسط؟
أنا أنتمي لمدرسة السهولة والبساطة والوصول إلى كل الناس دون إجبارهم على حمل المعاجم ليفهموا ما أقول ولهذا أنا لا أحب لغة العقاد وأحب عنه لغة طه حسين لسهولتها. فالعقاد عنايته الألفاظ وطه حسين عنايته القضايا.. ومدرستي أيضا لماذا أبذل جهدا كبيرا في فهم الألفاظ بدلا من اختزانها في فهم القضايا والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يقابل الصحابي ويسأله عن النغير (العصفور ) بكل بساطة وسلاسة والقرآن الكريم نفسه لا يحتاج لمعجم قال تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).- كيف تقيم المناهج المصرية وفق المعايير الأمريكية التي أشرفتم - عليها حينما أعددتم مناهج أطفال غير الناطقين باللغة العربية بأمريكا؟
ليس لدينا مناهج لتربية الإبداع على الإطلاق والعالم العربي كله يفخر مثلا بحفظ القرآن الكريم وتحفيظه وتأتي إلى مصر مساعدات كثيرة لمسابقات القرآن الكريم. والحفظ فقط بدون فهم هو قتل للإبداع عند الأطفال.. وأؤكد عليها ثانية ليس لدينا مناهج لتعليم الأطفال.. الحفظ والحشو ليست مناهج. وإذا أردنا الحل مثلا فعلينا أن نصور جزءا من التفاسير البسيطة والطيبة مثل تفسير الامام الصابوني أو التفسير الميسر أو في ظلال القرآن أو أية تفاسير بعد عام 1900 ودمجها مع حفظ الطلبة لكتاب الله تعالى فيكون الطالب حافظا وفاهما في آن واحد.- كيف نعود نحن المصريين أو أهل الإسلام إلى أخلاق الرسول الكريم؟
لن تسمو أخلاقنا إلا بالعودة إلا النبع الصافي وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأن نتخلق بخلق رسولنا الكريم فنفعل كما كان يفعل وننتهي عما كان ينتهي عنه. ونعرف كيف كان خلق الصحابة الأولين والتابعين والصالحين ونسير على دربهم.- ما مواصفات الداعية إلى الله .. وهل يجوز إطلاق العنان لمن لا يعرف ليتحدث باسم الدين؟
الداعية إلى الله يجب أن تكون أول صفة فيه هي الرغبة أن يكون داعية للخير والإنماء والتطور.. لأن الإسلام عقيدة وحضارة ونحن خلفاء الله تعالى في الحضارة وليس في الدين ولهذا فأنا أتدين لكي أضبط حضارتي. ولهذا فالإسلام حرم الكذب أو السرقة أو القتل حتى يرقى بالناس حضاريا ودينيا وإن خالف الداعية هذا أصبح جاسوسا وعميلا على أمته. ويجب أيضا أن يكون له زاد غير زاد الناس في الطاعة إلى الله تعالى تزيده نورا. وألا يكون طالب سلطة وأن يكون حرا كما خلقه الله تعالى لا يخشى إلا الله تعالى ويتعامل بالحسنى مع الناس.- فقه المستجدات ما تعريفه .. ومتى نلجأ إليه.. ومن المنوط به؟
فقه المستجدات هو فقه الملاءمة بين الواقع والنص والمنوط بهم ليس الأزهر فقط بل كل ذي علم وفقه وبيان ومثال على فقه المستجدات هو تقدير الأمور وتيسيرها فمثلا عندنا في مصر الكثير من المرضى الذي يحتاجون إلى إجراء عمليات علاجية وتتوقف حياتهم عليها والفقراء الذين لا يجدون ما يسد جوعهم ففقه المستجدات هنا يظهر لينادي بعدم القيام بعدد من العمرات أو تكرار الحج وتفضي مساعدة هؤلاء المحتاجين. ومن فقه المستجدات أيضا مراعاة أحوال الأقليات المسلمة والقضايا المعاصرة وذات الطبيعة الخاصة.- لماذا التجرؤ على الفتوي وفوضى الإفتاء التي نعيشها؟
المسئول الأول عن هذا هو التيار العلماني الذي يتصدى دائما ويشرع في مهاجمة الدين والدعم والمساعدة لمن لا يفقه في الدين مثل الراقصة التي تريد فتوى بحلال رقصها وأموالها فتذهب إلى من لا يعرف شيئا من الدين ولا فقه له ممن له رواج مصنوع من أهل العلمانية ليبيح لهم كل المحظور يريدونه كما أن من أهم الأسباب أيضا عدم وجود قانون رادع يمنع تصدى أمر الفتوى لغير المتخصص والنهوض بالدعوة الإسلامية هي مسئولية الدولة كلها مع الأزهر الشريف برعاية الرئيس نفسه ووزارة الأوقاف.- تعددت الجمعيات الأهلية كيف يفرق من يريد المساهمة فى عمل الخير بين الصالح منها والطالح؟
الجمعيات الخيرية هي من حمت مصر من المجاعات قديما وإلى الآن ولولاها كانت مصر عانت من أزمات كبيرة.. وكل الجمعيات الخيرية في مصر وطنية ولكن التي تعمل لمصالح خارجية أو موجة لاتجاهات سياسية لا تتعدى بأية حال 1%.،ونصيحتي لكل من يريد التبرع للجمعيات أن يتقدم ويعطي بيديه ويطمئن قلبه لأن كل من يعمل بها رجال مخلصون وإذا أراد المتبرع أن يطمئن فعليه أن يطلب كشفا بأسماء من يساعدهم ويتصل بهم ويتأكد من وصول مساعدته إليهم. ومن أهم الأنشطة التى أقوم بها بناء المعاهد الأزهرية وتزويدها بالأثاث اللازم لتشغيلها.- تشرفون على مشروع زراعة النخيل ولكم مجهودات فى محاربة الفقر الغذائي والبطالة؟
لي فتوى بحرمانية زراعة الشجر غير المثمر للوضع الحالي بمصر والقرآن أرسي مبدأ الزراعة المركبة وهذا ما تستخدمه كل دول العالم ؛ لأن زراعة النخيل حول الزراعات الأخرى تزيد من إنتاجية الأرض وتزيد البركة به والحمد لله تعالى قمت بزراعة النخيل بالمجان في 17 محافظة في مصر عن طريق زرع الفسائل التي تنتج 10 أضعافها بعد 3 سنوات ،و مصر بها مليار شجرة غير مثمرة لو تم استبدالها بشجر مثمر يوفر قرابة 70 مليار جنيه في العام الواحد، وهناك دراسات لمشروع زراعة شجر التوت ومصانع مربى التوت وإنشاء بطاريات دود القز لإنتاج الحرير مصانع الزيتون في الصعيد وصناعة التمور من قنا إلى أسوان.
لن تسمو أخلاقنا إلا بالعودة إلى النبع الصافى في القرآن والسنة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة