اعتماد العقل والمنطق (1/3)

حوارات
طبوغرافي

بقلم : د. محمد فاروق الشوبكى 

المتخصص فى الحوار القرآنى

الكلام عملية سهلة إذا نظرنا إليها كحركة ميكانيكية للسان، ولكنه إنما يوزن ويقاس فى الحقيقة بجوهره، فإذا تضمن رأيًا أو فكرة أو وجهة نظر مختلفة فإن من حق المحاور أن يطلب من الطرف الآخر مايحوّل ذلك الكلام إلى حقيقة علمية أو واقع مشاهد، فإذا عجز عن ذلك أصبح عائقًا للحوار.


إن الأدلة والبراهين تعد بمثابة ضوابط نظامية للفكرة أو الرأى تحوله من كلام عادى إلى معلومة حقيقية تعتمد على دليل عملى وبرهان منطقى، فإذا غابت تلك البراهين كان من حق المحاور أن يطالب الطرف الآخر بما يدعم أفكاره ويؤيد آراءه؛ لكى تتم المحاورة على أرض صُلبة من الحقائق والوقائع.


ولذلك اهتمت شريعة الله -عز وجل- بشأن العقل والتفكر الموصل إلى الفهم الصحيح اهتمامًا عظيمًا، وتواردت نصوص الكتاب والسنة على تمجيدهما والحث عليهما، وذمت الذين يعطلون عقولهم عما خلقت من أجله من تفكر سليم وعقل صحيح، وذمت الذين لا يأخذون بوسائل الفهم المتينة وضوابطه الرصينة. فنجد القرآن الكريم ينهى عن اتباع ما ليس للإنسان به علم صحيح مستند إلى فهم سليم، وفى نفس الإطار جعل القرآن وسائل المعرفة لدى الإنسان مسئولة يوم القيامة عن وظائفها التى خلقت للقيام بها فى الدنيا.


وقد ذكر العقل ومشتقاته فى القرآن الكريم نحو تسع وأربعين مرة، موجهًا القرآن الدعوة إليه وبيان ضرورة الأخذ به وذم المجانبين له
أما التفكر الذى نجده فى ثمانية عشر نصًا قرآنيًا فيعلمه الله –عز وجل- لرسوله
لابد فى المحاورة من التزام الأدلة سواء الأصولية أو العقلية، ومعالم هذا الالتزام تكمن فى نقطتين هما:
النقطة الأولى: تقديم الأدلة المثبتة أو المرجّحة لكل فرضية أو دعوى يقدمها المحاور.


النقطة الثانية: إثبات صحة النقل للنصوص المنقولة والمروية.
وعلى ضوء ذلك توصل علماء أدب البحث والمناظرة إلى هذه القاعدة المشهورة التى تقول :إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل.