يرزق الأولين والآخرين والحيتان في البحار والأجنة في بطون الأمهات والنمل في باطن الأرض
«الرزاق»، من أسماء الله الحسنى، وهو الذي بيده أقوات وأمور العباد، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، يرزق الخلائق أجمعين، قدر أرزاقهم قبل خلقهم، لا تنفد خزائنه، يعطي دون أن يمنع يشمل عطاؤه كل الكائنات. ومعنى اسم الله الرزاق، هو خالق الأرزاق والمتكفل بإيصالها لجميع خلقه، وهو صيغة مبالغة من الرازق، ويرزق جميع المخلوقات مهما كثر عددهم، بالتفضل والإنعام، والعطاء والإكرام، وهو معطى الرزق، ولا تقال إلا لله تعالى.
قال ابن جرير هو الرزاق خلقه المتكفل بأقواتهم، وقال الخطابي، هو المتكفل بالرزق والقائم علي كل نفس بما يقيمها من قوتها وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته، فلم يختص بذلك مؤمناً دون كافر، ولا ولياً دون عدو، يسوقه إلى الضعيف الذي لا حيل له، كما يسوقه إلى الجلد القوي.
وقال الإمام البيهقي، الرزاق هو المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواماً إلا به، والمنعم عليهم بإيصال حاجتهم من ذلك إليهم لئلا ينغص عليهم لذة الحياة بتأخره عنهم، ولا يفقدوها أصلاً لفقدهم إياه، وهو الرزاق رزقا بعد رزق، والمكثر الموسع له.
وقال السعدي، الرزاق لجميع عباده فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ورزقه لعباده نوعان، رزق عام شمل البر والفاجر، والأولين والآخرين وهو رزق الأبدان، ورزق خاص وهو رزق القلوب، وتغذيتها بالعلم والإيمان، والرزق الحلال الذي يعين علي صلاح الدين، وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته.
وسئل أحد السلف، لم سمي الله خير الرازقين، فأجاب لأنه إذا كفر به عبده لم يقطع رزقه عنه وهو كافر به.
وقال العلماء إن الله رزق الأبدان بالأطعمة ورزق الأرواح بالمعرفة، والمعرفة أشرف الرزقين، وذكروا أن هناك رزقاً عاماً كفله الله لجميع المخلوقات بمن فيهم البشر مؤمنهم وكافرهم، وهو الذي قال الله فيه: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)، «هود: الآية 6»،
ورزق الخالق سبحانه وتعالى ينقسم إلى قسمين، الأول الرزق العام، وهو الذي يشمل البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والكبير والصغير، والعاقل وغير العاقل، بل يشمل جميع ما تدب فيه الحياة من مخلوقاته، فيرزق الحيتان في البحار، والسباع في القفار، والأجنة في بطون الأمهات، والنمل في باطن الأرض، فما من شيء إلا وله قسمه وحظه من الرزق، قوته وغذاؤه وما به عيشه.
القسم الثاني، الرزق الخاص، وهو النافع للعباد، والذي يستمر نفعه في الدنيا والآخرة، ويشمل رزق وعطاء القلوب بالعلم النافع، والهداية والرشاد، والتوفيق إلى سلوك الخير، والتحلي بجميل الأخلاق، والتنزه عن رديئها، وهذا هو الرزق الحقيقي الذي يفيد العبد في معاشه ومعاده، يقول الله تعالى: (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا)، «الطلاق: الآية 11».
وهناك فرق بين الرزق والكسب، فالكسب هو المال الذي يتم التحصل عليه نظير عمل ما، أما الرزق فهو كل ما ينتفع به، وهو أشمل وأعم من المال، وما كسب المال إلا صورة من صور الرزق، وأرزاق الله عز وجل لا تعد ولا تحصى، والرزق مصدر بمعنى عطاء الله أو ما ينتفع به.
الرازق..المتكفل بأقوات خلقه
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة