الإسلام حض على سعي الإنسان بقدر اسطاعته إلى اكتساب رزقه..والرضا بالمقسوم فضيلة
خلق الله تعالى الناس متفاوتين في الرزق، والمسلم الحق يجب أن يؤمن بأن الآجال والأرزاق مقسومة ومعلومة، فمنهم من وسع عليه رزقه، ومنهم المتوسط، ومنهم من ضيق عليه، وذلك لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى.
وأوضح علماء الدين أنه ربما كان الغنى شراً والإنسان لا يدري وكان الفقر أصلح لحاله وأدعى لاستقامته والتزامه بشرع الله، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة».
حول تقسيم الأرزاق ونظام خلق الله لعباده، يقول د. شعبان محمد إسماعيل أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، «إن الفقر ربما كان أصلح لحال العبد وأدعى لاستقامته على الجادة والتزامه بشرع الله تعالى»، كما في قوله: (إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا)، «سورة الإسراء الآية 30»، والمتأمل في ختام هذه الآية الكريمة: (إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) يدرك الحكمة الإلهية التي ينبغي للمسلم أن يسلم بها لأنه سبحانه وتعالى أعلم بحال عباده وما يصلح شأنهم فهو الحكيم العليم وهو اللطيف الخبير وكذلك المتأمل لقوله تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير)، «سورة الشورى الآية 27»، فقد أختتمت بنفس ختام الآية السابقة فالمسلم الحقيقي يرضى بما يقسمه الله له بعد أن يسعى بقدر طاعته في اكتساب رزقه من الطرق المشروعة، ثم يوقن بعد ذلك بأن ما يفعله الله تعالى هو الخير، وأن الغنى ليس بكثرة المال وإنما في الرضا والقناعة.
الكبر والخيلاء
وأشار إلى الحديث القدسي الذي ورد عن الله عز وجل حيث قال: «إن من عبادي كمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه وإن من عبادي كمن لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه»، وسئل نبي الله عيسى عليه السلام عن المال، فقال: لا خير فيه قيل ولم يا نبي الله؟ قال: لأنه يجمع من غير حل قيل فإن جمع من حل؟ قال: لا يؤدى حقه قيل: فإن أدى حقه؟ قال: لا يسلم صاحبه من الكبر والخيلاء قيل: فإن سلم؟ قال: يشغله عن ذكر الله قيل: فإن لم يشغله؟ قال: يطيل عليه الحساب يوم القيامة»، فتأملوا هذه العقبات الخمس وقليل من يتجاوزها سالماً، وذلك لأن الأغنياء يحاسبون على أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها، ولذلك يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء بأن يرزقه الحلال الطيب وأن يرضيه بما رزقه وأن يجنبه الزلل.
كتاب الرزقوحول حدود الرزق، يوضح الدكتور السيد أبو الحمايل أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر أن الله تعالى حدد الرزق للإنسان وكتب الآجال والأرزاق، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشه على الماء»، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسم الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد».
وأضاف: الإنسان ينال ما كتبه الله له من الرزق وما كتب للإنسان من رزق وأجل لا بد أن يستكمله قبل أن يموت لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت».
وعن طبيعة السعي إلى الرزق، لفت إلى أن المسلم الحق يجب أن يؤمن بأن الآجال والأرزاق مقسومة ومعلومة لا يجلبهما حرص حريص ولا يردهما كراهية كاره وأن هذا لا يمنع فعل الأسباب التي شرع الله لعباده الأخذ بها وأن يسعى الإنسان في طلب الرزق الحلال وأن يجتنب المكسب الحرام والأسباب المؤدية إليه ولا يطلب الرزق بجشع وحرص وليستحضر قوله صلى الله عليه وسلم: «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له».
الأرزاق.. متفاوتة لحكمة يعلمها الخالق
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة