ياسر على نور
المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية
تمنيت لو أن أحدًا منهما على قيد الحياة فأقبل يديه ورجليه.. كنتُ أعرف أنني سأُحرم منهما يومًا ما وهي سنة الله فى خلقه، ولكن لم يرد على خاطرى أن فراقهما سيكون أليمًا إلى هذه الدرجة..
أخلد إلى نفسى ساعةً فأعيش ذكرياتى معه والديّ؛ فها هي أمى توجهنى إلى الكتّاب وحفظ كتاب الله، وتدعو لى بالنجاح والتوفيق فى الدنيا والآخرة.. وهذا أبى يعشق الزرع ويفرح بالحصاد وإخراج الزكاة تمامًا كفرحه يوم العيد، والجميع يتمتم: طرح الله البركة.. وألسنتهم تلهج بشكر الله المنعم الرزاق، فوجدنا ابركة فى صحتنا وأهلينا
لقد أدوا ما عليهم تمامًا دون تقصير أو نقصان، وتعبوا أيما تعب حتى نشأتْ براعمنا وأينعتْ على الفطرة السليمة.. وأثق أن ذلك المال الذى أنفقوه لأجلنا من ثمرات أرضنا حلال مائة بالمائة..أقول إنهم أدوا رسالتهم فى الحياة ورحلوا، وجاء الدور علينا نحن الأبناء.. فهل شكرنا لهم ما قدموه؟ وهل أخذنا عنهم ما علمونا وربونا عليه فنشّأنا عليه أولادنا؟
لماذا لا نزورهم كما كانوا يزوروننا؟ ونكرمهم كما أكرمونا؟ فإنهم حتما سيفرحون بالزيارة ولو لدقائق معدودة ندعو لهم {رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.
كثيرًا ما رُفعت أياديهم إلى السماء بالدعاء الصادق لنا بالشفاء والنجاح والسعادة.. فكم مرة رفعنا أيادينا لأجلهما؟!
وإذا وجه أحد إلينا سؤالًا: هل تحب والديك؟ فيجيب متعجبًا: وهل هذا سؤال يحتاج إلى تفكير؟! طبعًا أحبهما. فيأتى السؤال الآخر: فما الدليل على هذا الحب، وماذا قدمت لهما؟ بل وماذا تنوى أن تقدم؟ هنا يأتى الرد العملى.
هل أنت حريص على جلب الخير إليهما ودفع الشر عنهما كما كانا يفعلان؟ هل أحسنتَ إليهما وتمنيتَ لهما طول العمر خاصة إذا كانا مريضين فى آخر حياتهما يحتاجان إلى مساعدتك؟!
هل تفعل ما يحبان أن تفعله لأجلهما بعد رحيلهما: كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: " الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، من بعدهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما".. فتحسن إلى أعمامك وأقارب أبيك، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك؟
إنها مصارحة مع النفس، فلربما طال المقام وغفلنا عن الإحسان، حتى إذا قابلناهم فى الآخرة فى جنة الرضوان قلنا لهم: ما ضيّعنا وما بدّلنا، ووفينا حقكم، وكنا خير خلف لخير سلف.
وبالوالدين إحسانًا
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة