جريدة الفتح اليوم- كلمة العدد 21
بقلم/ ياسر على نور
لا أحد يشك فى أن الرزق سيأتيه لا محالة؛ لأن الرازق المنعم هو القائل: {وفى السماء رزقكم وما توعدون}. ولكن من الضرورى أن يأخذ الناس بالأسباب ويخرجوا لأداء أعمالهم واكتساب أقواتهم{ فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}.. فالرزق والخير كله فى انتظارك إذا مشيت أنت إليه.. وهنا يقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة".
وكثير من شباب الخريجين اليوم يندب حظه ويقول: البلد ليس فيها فرص عمل.. العمل يحتاج إلى (واسطة)، وبدلا من أن يكون عونًا لوالديه ينتظر منهما المصروف، ويهدر وقته في اللهو والعبث، أو الجدال والسفسطة التى لن يجنى من ورائها سوى الحسرة والخسران، ولو أنه تدرب وتعلم وتفقه لكان خيرا له.
وهذا شاب خرج يبحث عن فرصة عمل، فسافر في تجارة، وبينما هو فى الطريق رأى طائرًا أعمى كسير الجناح، فوقف يتأمل الطائر ويفكر كيف يجد رزقه في هذا المكان المنقطع. وبعد قليل جاء عصفور فأطعم الطائر كسير الجناح كما يطعم الحمام فراخه. تعجب الشاب من هذا المشهد، وقال: إذا كان الله تعالى يرزق هذا الطائر من غير حول منه ولا قوة ولم يهمله، فلماذا أذهب إلى التجارة ولماذا العناء والسفر ؟! سأرجع وحتما سيرزقنى الله. وعاد إلى بيته، وحين وصل سأله والده عن سبب عودته مسرعًا، فحكى الشاب لوالده حكاية الطائر الأعمى، وقال: ما دام الله ساق الرزق إلى هذا الطائر، فسأرجع إلى بيتى وسط أهلى وبلدى وربي سيرزقني. تعجب الوالد من تفكير ابنه وقال: ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى الذي ينتظر عون غيره؟ ولماذا لم تكن أنت العصفور الذي يسعى ويكدح وينفع نفسه وكل من حوله؟
إنك لن تكون إنسانًا سويًا حتى يكون لك عمل صالح، ولن تقبل أن يصفك أحد بـ (عاطل) وتعتبرها مذمة ومنقصة.. ولن تتصور نفسك وأنت تتقدم لخطبة فتاة ويسألك أهلها عن عملك: فلا تجد ما تجيب به.. ولكنك تستطع أن تفتش فى ذاتك أولاً فستجد لديك مهارات يمكن أن تستفيد منها في ابتكار عمل شريف، أو تبحث فى أقرب مكان إليك وهو بيئتك التى نشأت فيها فستجد عددًا من المهن والأعمال التى يمكنك اختيار أحدها وإتقانها والتميز فيها حتى تكون الأول فى هذا المجال..
إن إسلامنا كما يأمرنا بالصلاة يأمرنا بعدها مباشرة بالسعى وطلب الرزق {فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} .. فما أجمله من دين كريم يدعو إلى العمل الشريف والكسب الحلال جنبًا إلى جنب مع العبادة الخالصة لله رب العالمين.
وقل اعملوا.. فالخير فى انتظاركم
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة