حلاوة الصيام .. والفوز بأجر الصائم مرتين

كلمة العدد
طبوغرافي

بقلم/ ياسر على نور

المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية

yassernour

فى صلاة التراويح .. لفت انتباهي رجل (يقف على رجل واحدة) .. وعندما دققت النظر وجدت أن له ساقًا واحدة والأخرى مبتورة.. فأدركت أن إحساسه بلذة القيام أنسته كل التعب.. 

 

ثم بدأت أفكّر .. 

مهما كان اليوم طويلاً، ومهما كان الجو حارًا، فإن البعض منا يفرح بالصيام ويتلذذ به بينما يكون ثقيلاً على البعض الآخر وصعبًا على نفوسهم؟

تراه فى النهار إذا فتح كتاب الله مشتت الذهن مبعثر الفكرة متأهبًا للخلاف والعراك على أتفه الأسباب، ينتهز كل فرصة يخلد فيها إلى النوم، وإذا حدثته عن الإنفاق لوجه الله تعالى يجأر بالشكوى من كثرة المصاريف وارتفاع الأسعار، أما بالليل فأسعد لحظة تمر به حينما يسمع صوت مدفع الإفطار فيتهلل وجهه فرحًا ويقوم (كأنه نشط من عقال) يشرب ويأكل دون روية لا يبالى بأى ثلث من جوفه قد امتلأ.. ثم بعد ذلك يجد النعاس يغالبه وجسده يتثاقل إلى الأرض فيمدّد مفاصله قليلا؛ وفى الوقت الضائع يخطف المغرب، ويخرج لصلاة العشاء والتراويح يتململ ويتحرك يمنة ويسرة لا يهدأ له قرار وكأنه واقف على الجمر..

لماذا كل هذا؟ ولماذا لا نستمتع ونتلذذ بالعبادة؟

والجواب الكافى: أن هذه مواسم للطاعات تحتاج إلى نوع من التأهيل.. لا بد أن تتأهب وتعد العدة ؛ فمن كان يقوم الليل على مدار العام ولو قليلا فإنه حتما سيجد لذة صلاة التراويح، ومن كل يصوم يومين كل أسبوع أو ثلاثة فى الشهر فمن البديهي أن يشعر بلذة الصيام، ومن كان ديدنه ختم القرآن كل شهر فإنه سيسمو بمعية الرحمن فى رمضان..

أما الدواء الشافى لمن أراد لذة العبادة فى رمضان فهو أن يدرك أنّ صومه لأجل محبوبه فالتعب إذا كان لأجل المحبوب يكون متعة وسعادة، وأن يتعرّف على الله في الرخاء، ويدرب نفسه على العمل الصالح، ويعمّر أيامه بالقرب من الخالق سبحانه، ويطلب من الله وحده العون والمدد والتوفيق؛ فأنا وأنت وكل الناس ليس لنا حول ولا قوة ولا سند إلا بالله المنعم الرزاق. يقول التابعى ثابت البناني تلميذ أنس بن مالك رضي الله عنه: "كابدتُ قيام الليل عشرين سنة، واستمتعتُ به عشرين سنة"، فلابد من مجاهدة النفس حتى تجد اللذة المنشودة.

وهناك صنف من الناس عزم على أن يفوز بأجر الصائم مرتين، لما يجد له من حلاوة وطلاوة، قال صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا".. بطبيعة الحال كل على قدر استطاعته، فهذا يؤخر إفطاره ليقابل المارة فى الطرق يوزع التمور والعصائر داعيًا لهم بقبول الصيام، وآخر يوزع وجبة مغلفة، وثالث يقيم مائدة إفطار لضيوف الرحمن، وهذا يتحسس (من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) ويفرح بإدخال السرور عليهم.. والكل يتسابق للفوز بعطية الرحمن فى رمضان..

هنا تجد حلاوة الصيام فى رمضان وتدعو الخالق جل فى علاه: اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، أعاننا الله وإياكم على بذل الخير والمعروف، وكل عام أنتم بخير.