صيف مفيد جدًا ...

كلمة العدد
طبوغرافي

ياسر على نور

المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية

yassernour

لا يخفى عليك – عزيزي القارئ- أن أيامنا التي نعيش فيها ممتلئة بالمشاغل، أما فى السابق فلم يكن أمام الناس غير الطبيعة كالسماء والجبال والمياه والزرع والماشية فى النهار، والقمر والنجوم فى الليل، أما اليوم فحدث ولا حرج، 

مشاغل تكفى لاستهلاك إِجَازَةُ آخر العام وعدة إجازات أخرى قادمة. وتنتهى الإِجَازَة وتمر سريعًا ولم تروِ ظمأك أو تصل إلى ما كنت تطمح.. وتتساءل: كيف مرت الإِجَازَة بهذه السرعة؟! أشعر كأنها يوم واحد، وكأن الامتحانات كانت بالأمس.. إذن عليك أن تسارع قبل أن يقطعك سيف الوقت، وحقق بعض الإنجازات وحسّن إمكانياتك، فأنت بين طريقين، وكل طريق منهما تتشعب منه طرق فرعية لا تعد ولا تحصى:

فهذا طريق يمكنك اختياره؛ لأنك تشعر بالفراغ فتقتل الوقت وتبعثر معه رصيدًا من حياتك، فتقضي الإِجَازَة فى اللهو والعبث؛ كالجلوس على المقهي والكوفى نت والسيبر، وإدمان النت والشات، وتجربة التدخين والشيشة والمخدرات، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والكارتون، والرهان فى لعب الدومينو والكوتشينة والبونو والبلياردو والبينج بونج، والسهر مع الأصدقاء، وتناول المسليات، والتسكع فى الطرقات، ومعاكسات النواصي، ومجالس الغيبة والنميمة والقيل والقال، والتعرض للنصب بتداول الأموال على النت (الفوريكس) بغية الثراء السريع، ونهم التسوق للكماليات، والماكياج للبنات والموضة والجلوس أمام المرآة وسماع الأغاني العاطفية، أو قضاء الإِجَازَة فى النوم.

وهناك طريق آخر، حينما تختاره سيعود عليك بالنفع فى الدنيا والآخرة، كزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وتلاوة القرآن، وترديد الأذكار والاستغفار، والدعاء واكتساب مهارة كتعلم لغة أجنبية أو تحسين الخط أو التدريب على مشروع صغير، والعمل لكسب طيب، والاستعداد للعام الجديد، ورياضة مفيدة، والاطلاع على ثقافات جديدة، وخدمة المجتمع؛ كتشجير شوارعنا، أو تعليم صغارنا، وتطبيق تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم فى حق الطريق.

هاذان طريقان، ولك أن تختار، ولن يملك أحد إجبارك على الاختيار، مصداقًا لقوله تعالى {وهديناه النجدين}، فإما أن تستهلك الوقت وتبدده، وإما أن تغتنمه وتستثمره.. وعلى أية حال، فالوقت سوف يمضى، ولن ينتظرك، إنه فقط يناديك كل يوم: “يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لا أعود”. ليس معنى هذا ألا نستريح وأن نعمل ليل نهار.. لا، لن نقول هذا، فمن لا يجيد فن الراحة لا يجيد فن العمل.

إذن، لابد من إعادة النظر إلى قيمة الوقت، فيمكن أن يدر عليه دخلا كبيرًا وحب الله لك وبرّ أهلك وسائر الناس، ويمكن أن تحصد من ورائه الخسران ومقت الله وغضب الأهل والناس جميعًا.