ياسر على نور المدير التنفيذى
لمؤسسة الفتح الفضائية
رأى هارون الرشيد سحابة تمر فى السماء، فقال لها: أمطرى حيث شئت فسيأتينى خَراجك. وما جعل الخليفة يتدبر السحابة بهذه الأهمية إلا تقديرًا منه لأهمية الماء، وأنه سر الحياة.
وللماء حكاية أخرى مع هارون الرشيد، حيث يوجه أنظارنا إلى أن قيمة شربة ماء واحدة قد تساوى مُلكه الواسع؛ فقد طلب ماء ليشرب وعنده العابد الزاهد ابن السَّمَّاك، فقال له هارون الرشيد عِظني. فقال له: يا أمير المؤمنين لو مُنعت هذه الشربة بكم تشتريها؟ قال بنصف ملكي. قال: اشرب هنأك الله. فلما شرب قال: لو مُنعت خروجَها بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي الآخر، فقال ابن السمّاك: لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء، فبكى هارون الرشيد.
وهناك دول أنفقت الملايين للحفاظ على مياه الشرب من التبخر؛ ففى مدينة لوس أنجلوس بأمريكا قامت السلطات بصنع 96 مليون كرة بلاستيك لتغطية سطح بحيرة مساحتها 75 فدانًا، وقدرت تكلفة الكرات بمبلغ 34.5 مليون دولار.
ودول أخرى استفادت من مياه الأمطار، فعلى قمم الجبال تنثر الحبوب فى موسم المطر فتغطى الصحارى والهضاب سجادة خضراء بديعة المنظر، وتكون مرعى خصبًا للماشية.. وفى المدن، بعد لحظات من سقوط المطر لا تجد أثرًا للمياه فى الشوارع؛ حيث تؤدى البلاعات إلى أنابيب دقيقة ومنها إلى مواسير أكبر حتى تتدفق المياه فى نهر عذب خارج المدينة إلى خزانات كبيرة ليتم استخدامه فى أغراض الحياة.
فإذا كان الماء بهذه الأهمية، فما العمل لادخاره واستثماره؟ هل يكون برشّ الشوارع أمام الورش والمقاهى والمحلات؟ أم بترك الحنفيات تهدر المياه ليل نهار؟ أم بإلقاء القمامة والمخلفات والصرف فى النهر الخالد والإضرار بالزرع والناس؟
إذن، لابد من معاهدة صلح مع المياه والحرص على كل قطرة، والتوعية بترشيد الاستهلاك والإحساس بالمسئولية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإقامة دورات التنمية التفاعيلة لإيقاظ فضيلة التأمل والتفكر فى عقل كل إنسان يعيش على أرضنا الطيبة ليصبح كهارون الرشيد.
سحابة هارون الرشيد
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة