القربات الزكيات

الشارع المصري
طبوغرافي

بقلم الإذاعى 

ممدوح السباعي

قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، رمضان.. اسم رمضان من القرآن من قول الله المنزل على قلب نبيه المرسل.. الذي أنزل فيه القرآن هنا بيان يفوق العقول إعجازا، وهذا شأن القرآن الكريم، والإعجاز هنا أنزل فيه لينزل هو القرآن الذي يفوق في السبق الزمان ومن قبله خلق الله الزمان، وخلق المكان ومكنه وخلق ما احتواه الزمان والمكان،

فالله يخلق بالقرآن، يقول للشيء كن فيكون. فأمره بالقرآن وهو خلقه، فكيف يكون شأن الشهر الذي أنزل؟ شهر يبقى على الدوام عددا ومددا، بقاؤه عددا واضحٌ، لكل من أفطر بعذر فيه، فقد رخص الله بالإفطار في رمضان للمسافر والمريض، ولذوي الحاجات المانعة، والذي رخّص الله له بالإفطار في رمضان منحه الله الاختيار فيقضيه متى شاء وهو من رمضان في عدده ومدده اليوم بيوم، ولو تأملت الأمة وتأملت عدد أصحاب الأعذار والرخص، لوجدتّ من يقضي أيام رمضان بعد انتهاء رمضان مباشرة، ومنهم من يقضيه على التراخي، ومنهم من يقضيه قبل دخول رمضان التالي، فإذا تأملت هذا كله لوجدت العام كله صوم من رمضان، فرمضان يمضي ورمضان ينتشر في العام.


وهذا يوضح دوام رمضان طوال العام، وقد قال المعصوم صلى الله عليه وسلم: ((لو علمت أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان)) صدق رسول الله. فلو علم الناس الخير الذي أعده الله لهم لتمنوا أن لا يفارقهم رمضان يوما واحدا.


والموقف المددي لدوام هو الذي يتجسد في العصمة للأنبياء عليهم السلام، والحفظ للأولياء رحمهم الله، وفيمن هم أهل للعتق من النار وهي منزلة تأتي من الله لأهل الإخلاص في الصيام، والراجين من القيام قرب خير الأنام، فالقيام مشروعيته طوال العام، ووهبه لأمته في رمضان ليكون الصوم نهارا والقيام ليلا والقرآن تلاوته في كل آن.


فهذه الطاعات والقربات الزكيات هي التي تحمل معنى بقاء رمضان مددا، وبها يعصم الإنسان المسلم من النار، وبها يدخل جنان الواحد القهار.


وكان أهل العتق من النار يرون عقاب الدنيا ملازما للذنب، وكان أهل العتق من النار يشاهدون مواطن الخطيئة مع الخطيئة.


أما عن ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها {ليلة القدر خير من ألف شهر}، لم يقل ليلة القدر كألف شهر، وإنما قال خير من ألف شهر، فكل ما زاد عن الألف فهو خير من الألف، فالعدد هنا ليس له تحديد، فهي أفضل من ألف شهر، واعلم أن كل ليلة أطعت فيها ربك في رمضان، وتجنبت معاصيه هي ليلة قدر لك، وكل ليلة رضي الله عنك فيها على مدار العام فهي ليلة قدر لك، إذ إنه لا ثواب لليلة القدر إلا الجنة والعتق من النار، وأنت إن أطعت مولاك نلت رضاه، وحزت جنته، وفزت في دنياك وأخراك.