قال – تعالى -: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} [ البقرة: 1-5].
أولًا: عن سورة البقرة:
سورة البقرة هى أطول سور القرآن الكريم، وقيل: هى أول سورة نزلت فى المدينة، إلا قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}[281] فإنها آخر آية نزلت من السماء، ونزلت يوم النحر فى حجة الوداع بمنى؛ وآيات الربا أيضا من أواخر ما نزل من القرآن. وهذه السورة فضلها عظيم وثوابها جسيم.
يقال لها: فسطاط القرآن؛ وذلك لعظمها وبهائها، وكثرة أحكامها ومواعظها، وتعلمها عمر بن الخطاب بفقهها وما تحتوى عليه فى اثنتى عشرة سنة، وابنه عبد الله بن عمر فى ثمانى سنين.
وتحوى السورة على آية الكرسى التى ورد فى فضلها العديد من الأحاديث النبوية:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ- رضي الله تعالى عنه- قَالَ: ((وَكَّلَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِى آتٍ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّى مُحْتَاجٌ وَعَلَى عِيَالٌ وَبِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَكَى حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعْنِى فَإِنِّى مُحْتَاجٌ وَعَلَى عِيَالٌ وَلاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ تَزْعُمُ أَنَّكَ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِى أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هِى؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِى {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَى الْقَيُّومُ} حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللهِ: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِى كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِى اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: مَا هِى؟ قَالَ لِى: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِى مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَهَا {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَى الْقَيُّومُ} وَقَالَ: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبُكَ الشَّيْطَانُ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ، فَقَالَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ كَذُوبٌ وَقَدْ صَدَقَكَ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثٍ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَالَ: ذَلِكَ الشَّيْطَانُ)).
وسميت سورة البقرة بهذا الاسم لأنها تحتوى على قصة البقرة وبنى إسرائيل فى عهد نبى الله موسى فى الآيات من (67) إلى الآية (73.(
السورة اشتملت على ألف أمر وألف نهى وألف حكم وألف خبر.
وعدد الآيات (286) آية فى المصحف المكتوب والمطبوع والمضبوط (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد لطباعة المصحف الشربف) على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدى الكوفى.
وعدد الآيات (285) آية فى المصحف المكتوب والمطبوع والمضبوط (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد لطباعة المصحف الشربف) على ما يوافق رواية أبى سعيد عثمان بن سعيد المصرى الملقب بورش.
وجاءت تلك الفروق من أن قراءة (حفص) رقمت حروف فواتح السور برقم الآية (1) مثال (آلم) فى البقرة و(آلمص) فى سورة الأعراف وغيرها من تلك الحروف فى بدايات الآيات، أما قراءة (ورش) فلم ترقم تلك الحروف كآية مستقلة وأدمجتها فى الآية التى تليها.
روى عن النواس بن سمعان فى صحيح مسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ)). وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَالَ ((كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَأوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا)).
وعن أَبى مسعود الاَنصارِى قال: قال النبِى صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخرِ سورة البقرة من قرأَ بهِما فى ليلة كفتاه)).
وعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذى تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان)). رواه مسلم والترمذى والنسائي.
وعن سهل بن سعد -رضى الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال: ((إنَ لكل شيء سناما, وإن سنام القرآن البقرة, وإن من قرأها فى بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال)). (رواه الطبرانى وابن حبان).
وعن أبى أمامة -رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يقول: ((اقرأوا القرآن فإنه شافعٌ لاهله يوم القيامة, اقرأوا الزهراوين ( البقرة وآل عمران) فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان, أو كأنهما فَرَقان من طير صواف يحاجان عن أهلهما يوم القيامة, ثم قال: اقرأوا البقرة, فإن أخذها بركة, وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة)). (رواه أحمد و مسلم عن أبى أمامة الباهلي). والزهراوان: المنيرتان, والغيابة: ما أظلك من فوقك, والفَرَق: القطعة من الشيء, والبطلة: السحرة.
ونعيش معًا مع أنوار مطلع سورة البقرة:
يقول – تعالى -: {الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) }.
تقع هذه الآيات فى صدر المصحف فهى من أوائل ما تقع عليه عينك من الآيات فتنعكس أنوارها على الوجوه والقلوب فتضيء البصر والبصيرة، إنك إذا فتحت كتاب الله، فكأنها ديباجة للمصحف.
إن هذه الآية تنبيه لكل من يقرأ هذا الكتاب أنه لن يجد أى خطأ، فلا يتكلف عناء البحث، ولا يحمّل نفسه عناء التنقيب، فلن يقف على خلل أيًّا كان مهما حاول ذلك جاهدًا فلا يتعب نفسه، فقد نفى الله عن كتابه كل ريب، ومعنى هذا النفى العام، أن الكتاب ليس بمظنة للريب؛ لكونه لا ينبغى الارتياب فيه بوجه من الوجوه.
{لَا رَيْبَ فِيهِ}
إنه الكتاب الذى لا ريب فيه، رغم أن العارفين باللغة تجاهلوه، وتصامموا وتعاموا عنه، فقالوا: {قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِى آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5]، لكنهم لم يستطيعوا وصف الكتاب الذى لا ريب فيه بأى وصف تحقير.
والآن وقد مضت أربع وثلاثون وأربعمائة وألف سنة على هذا التَّحدي، وما زال يقرأُ ليل نهار يُعيد نفسه على من يحبون سماعه، وعلى من يمرُّون عليه دون وعي، وعلى من يخزيهم هذا التعبير، ويردهم على أدبارهم صاغرين، ما زال هذا التعبير كما هو، ثابتًا لفظه كثبات معناه، لا يعرف التبدل ولا التَّغيير، فكيف نمر عليه للحظة دون أن نشعر، فتقشعر الجلود، ثم تلين وتلين القلوب من خشية الله؟
تناولت هذه الآية معنى عظيمًا وهو أن هذا الكتاب الذى لا يـأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه هدى للمتقين وهداية للقلوب النقية الصافية التى إذا سمعت آيات الله هبت عليها نسائم الإيمان.
فما هى أحوال المتقين الذين اختصهم الله بالهداية، وما هى الهداية التى اختص الله بها المتقين.
إن المقصود بالهداية فى هذه الآية هى هداية التوفيق والعون والمحبة، لقد خصت الآية التى معنا الهداية للمتقين فما هى أحوالهم وصفاتهم:
قال ابن عباس: المتقون هم الذين يتقون الشرك، ويعملون بطاعة الله، وقال الحسن البصري: اتقوا ما حرم عليهم، وأدو ما افترض عليهم.
أما صفات هؤلاء المتقين؟!
فالصفة الأولى:الإيمان بالغيب: ((يؤمنون بالغيب)) والغيب هو كل ما غاب عن حس الإنسان ومداركه المعروفة: العين، والأذن ومن هذه الأمور: أركان الإيمان الستة، فإنها كلها غيب إلا القرآن، فإنه بين أيدينا، ولكن يجب التصديق به والعمل؛ فإننا لم نشهد تنزيله، ولكن آمنا بأنه من عند الله.
فالإيمان بالله غيب، فهو تعالى لا تدركه الأبصار، كما قال –تعالى-: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ } [ الأنعام: 103] ولن تراه فى الدنيا، وإنما يراه عباده المتقون إكراماً لهم فى الآخرة فى دار النعيم.
ولهذا جاء فى سورة الملك: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [ الملك: 12] فالذين يخافون من الله وهم لم يروه دليل على حبهم له، وقوة إيمانهم ويقينهم به، فصدق أن يكون هؤلاء من المتقين الصادقين.
إن الإيمان بالله هو من الإيمان بالغيب، الذى جعل الله الإيمان به دليلاً على قوة الإيمان.
ومن الغيب كذلك الملائكة: فهم جنود الله، وعباده وأولياؤه وأحباؤه، فلهذا كان الإيمان بهم واجب، وهذا الإيمان دليل على تقوى العبد وقوة يقينه بما أخبر عنه الله ورسوله، وقد جاء ذكر الملائكة فى مواضع عدة فى القرآن والسنة، قال –تعالى-: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 31].
وقال – تعالى -: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [ آل عمران: 39].
وأما فى السنة فعن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة يطوفون فى الطرق يلتمسون أهل الذكر)) رواه البخارى ومسلم، وغيرها كثير جداً، ومما يجب فى هذا الأمر: الإيمان بهم جملة وتفصيلاً، فأما جملة فهو الإيمان بأن لله تعالى ملائكة مخلوقين من نور، قائمين بطاعته ليلاً ونهاراً، لا يفترون عن حمده وشكره وتسبيحه، ولا يعصونه ما أمرهم سبحانه وتعالى. وأما تفصيلاً فنؤمن بمن ذكر لنا اسمه فى القرآن والسنة: كجبريل، وميكال، وإسرافيل، ومالك، ورضوان.
ومما يجب علينا فى ملائكة الله: حبهم وتقديرهم والثناء عليهم كونهم إخواننا فى الله تعالى، يجمعنا بهم الإيمان بالله، وحب الطاعة، وبغض المعاصي، اللهم اجعلنا ممن يحبهم ويرضى عنهم.
ومن الإيمان بالغيب: الإيمان بالكتب المنزلة على الرسل -عليهم السلام-، جملة وتفصيلاً، فأما جملة فهو أن نؤمن بأن الله –تعالى- أنزل على رسله كتباً لهداية البشرية، وأما تفصيلاً فالإيمان بما ذكر فى القرآن الكريم والسنة المطهرة: كصحف إبراهيم، والتوراة، والزبور، والإنجيل، والقرآن الكريم، فهذه لا بد من التصديق بأنها من عند الله، وأنها حق، ثم جرى التأويل والتحريف للتوراة والإنجيل، إلا أن القرآن الكريم له مزية خاصة حيث تكفل الله بحفظه من التحريف: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [ الحجر: 9] والإيمان بكونه ناسخاً لما سبقه من الكتب. والإيمان بالقرآن يتضمن تصديق كونه من عند الله، واليقين فى ذلك، كما جاء فى أول السورة: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} وأنه لا تصلح الحياة إلا به، وبتطبيق أحكامه، والعمل بما جاء فيه.. وغير ذلك مما