أسبوعان مقدسيان كانا كفيلين بإثبات صمود الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، ليسطروا انتصاراً جديداً ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة، ويفشلوا أخطر المخططات لفرض السيطرة والسيادة الإسرائيليتين على المسجد المبارك.
منذ اليوم الأول للأحداث في القدس، عقب العملية الفدائية التي أسفرت عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين، ومقتل جنديين إسرائيليين (14 يوليو الجاري)، راهنت إسرائيل على نجاح مخططاتها في فرض سياسة القوة والأمر الواقع على المسجد الأقصى، لكن انتفاضة المقدسيين أفشلتها.
وخلال اثني عشر يوماً اشتعلت الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية التي شهدت مظاهرات ومواجهات، الأمر الذي أجبر الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن مخططها، وإزالة البوابات الإلكترونية والجسور التي وضعتها عقب العملية الفدائية، الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون انتصاراً، في حين رآه إسرائيليون "هزيمة كبرى".
- الميدان لغة المواجهة
المقدسيون لم يعولوا كثيراً على سياسة الضغط العربي على الاحتلال الإسرائيلي أملاً في التراجع عن خطواته، عبر القنوات السياسية الفلسطينية والعربية والدولية، فأخذوا على عاتقهم طريق المواجهة والتصعيد للدفاع عن الأقصى، وفرض الخطوات الإسرائيلية، وكان لهم ما أرادوا.
وفي الوقت الذي رفض فيه الفلسطينيون الدخول للمسجد الأقصى والصلاة فيه، إلا بعد تنفيذ شروطهم بإزالة البوابات الإلكترونية والحواجز وكاميرات المراقبة وعودة الأوضاع لما كانت عليه قبل الـ14 من يوليو (تاريخ العملية)، كانت الشوارع المحيطة بالأقصى تعج بالمواجهات والتصعيد.
ومثّل صمود المقدسيين أمام بوابات الأقصى عقبة في وجه تنفيذ مخطط السيطرة على الأقصى، لكن عملية "حلميش" التي أسفرت عن مقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة منفذ العملية الفلسطيني، وضعت إسرائيل أمام مؤشر خطير بتصاعد الأحداث من طرف الفلسطينيين؛ وهو ما دفع حكومة نتنياهو إلى التراجع، بحسب مراقبين.
هكذا تهوّد إسرائيل مقدسات المسلمين
وليس هناك شك أنه منذ لحظة الاعتداء الأولى على الأقصى، كان هناك مخطط كبيرً يحاك ضد المدينة بشكل عام والمسجد بشكل خاص، فتم تشكيل مجموعة شعبية لإدارة الحراك المقدسي، والتعامل مع كل التطورات في توجيه المقدسيين".
ولهذا كان الهدف الأول رفض كل الإجراءات الإسرائيلية ضد الأقصى، والتمسك بعدم دخوله والصلاة فيه، إلا بإزالة كل التعديات من حواجز وبوابات وكاميرات مراقبة، والحرص على الصلاة في محيط المسجد، كتعبير عن مقاومة مخططات الاحتلال".
وكانت تلبية آلاف المقدسيين نداء شد الرحال نحو الأقصى للدفاع عنه هو مفتاح النصر، و"خلال الأيام الـ12 الماضية رسم المقدسيون صوراً للتلاحم والتعاون، هناك من كان يوفر الوجبات الغذائية والمشروبات، وعائلات أخرى خصصت بيوتها في محيط الأقصى لاستقبال المرابطين، في حين فتحت عائلات أخرى أبوابها لعلاج المصابين نتيجة المواجهات".
ولهذ فإن إجراءات المقدسيين هذه ساهمت في دعم صمود أهل القدس وإصرارهم؛ الأمر الذي انتهى بتحقيق انتصار كبير يضاف إلى سجل انتصارات أهالي المدينة المقدسة، و"قد بات الاحتلال يعلم جيداً أن القدس والمسجد الأقصى محصنان ضد أي مخطط عنصري".
وفجر الخميس، فككت قوات الاحتلال الإسرائيلي الممرات الحديدية (الجسور) التي كانت ثبتتها أمام باب الأسباط، وفككت الجسور المعدة لحمل الكاميرات الذكية، وجاء ذلك وسط احتفالات المقدسيين الذين استمروا بالرباط على بوابات الأقصى.
لكن إسرائيل رفضت فتح باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى، وهو ما دفع الفلسطينيين إلى الاستمرار في رفض الدخول إلى المسجد والصلاة فيه؛ الأمر الذي أجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إعادة فتحه، وسط مواجهات عنيفة، إلا أنها أعادت إغلاقه نظراً للاشتباك مع المقدسيين.