استند رجال الدين في المذاهب الإسلامية المختلفة علي آيات قرآنية للتأكيد علي أن الحجاب فرض علي كل مسلمة بالغة، وذلك لقوله تعالي: }وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن{، إلي آخر الآية الثلاثين من سورة النور.
لذلك وضع الكثير من القواعد المنظمة لعملية ارتداء الحجاب بما يضمن تنفيذ الأمر الإلهي مع الاحتفاظ بجانب جمالي في إطار الحشمة، فيفضل للفتاة التي تقرر أن ترتدي الحجاب أن يكون عن اقتناع داخلي ورغبة شخصية، وأن تدرك أن ارتداء الحجاب منظومة متكاملة تعتنق مفهوم الحشمة، بعيدا عن التبرج والتعري ولفت الأنظار، في إطار أن الإسلام لم يفرض زيا بذاته، وترك مسألة الشكل لكل فتاة في إطار الفهم الصحيح للآيات القرآنية بعيدا عن تشدد المتشددين أو إفراط المفرطين.
لذلك يجب أن تحافظ المحجبة علي مظهرها وتبتعد عن ارتداء الملابس الضيقة، ويجب علي المحجبة أن تتأكد دائما من تثبيت الحجاب جيدا قبل الخروج إلي الشارع، حتي لا تقع في مواقف محرجة، كما يفضل اجتناب الألوان المتداخلة في حجاب الرأس، لأنها دعوة للفت الأنظار كما أنها دليل عدم الأناقة، فكما يذهب خبراء الإتيكيت فإنه يفضل أن يكون الحجاب من لون واحد لأنه الأقرب لسماحة الإسلام وسمت الفتاة المسلمة، كما يفضل الابتعاد عن الأقمشة الشفافة التي تكشف ما تحتها.
النوم.. أدب
اهتم الإسلام براحة المؤمن عبر تقسيم ساعات يومه بين العمل والراحة، فجاءت آيات الذكر الحكيم تتحدث عن النوم في الليل باعتباره فطرة إنسانية، في قوله تعالي: }وجلعنا الليل لباسًا وجعلنا النهار معاشًا{ (النبأ: 10-11)، وقوله سبحانه: }وهو الذي جعل لكم الليل لباسًا والنوم سباتًا وجعل النهار نشورًا {(الفرقان: 47)، فقد جعل الخالق تعالي نوم الليل هو الأصل والأساس، ونوم النهار كالفرع له، لأن النهار مخصص للعمل وطلب الرزق والسعي في دروب الحياة، والليل للراحة ومن جملتها النوم الذي هو شيء أساسي للإنسان كالماء والهواء، يقول سبحانه: }ألم يروا أنّا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرًا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون{ (النمل: 86).
فهكذا جاء التنظيم الإلهي بأن ساعات النهار للعمل وساعات الليل للنوم والراحة، لكنه ترك حرية الاختيار لكل إنسان في تكييف الإطار الحاكم للآيات القرآنية بحسب ظروف كل شخص مع مراعاة أن الدراسات العلمية تؤكد أن الجسم البشري يحتاج إلي ثماني 8 ساعات نوم يوميا في المتوسط، والمعروف أن المنهج النبوي حث المؤمنين علي الاستيقاظ مع صلاة الفجر، وهو ما يعني ضرورة النوم مبكرا، لذلك يمكن تقسيم اليوم انطلاقا من صلاة الفجر وانتهاء بصلاة العشاء، وبعدها تبدأ ساعات النوم التي يمكن تحريكها تبكيرا أو تأخيرا بحسب ظروف كل شخص، لكن السهر دون سبب مرفوض في الإسلام لأنه يرهق البدن ويشتت قوي النفس.
ومن الوصايا النبوية في الاستعداد للنوم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم، وغلِّقوا الأبواب"، كما يستحب الوضوء قبل النوم، وأن ينام المرء علي جانبه الأيمن، ويقول النبي: "إذا أوي أحدكم إلي فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه".
فضائل الصداقة
"اختر الصديق قبل الطريق"، حكمة عربية قديمة تؤكد أهمية الصديق في حياة الإنسان، وجاء الإسلام فشدد علي أهمية العلاقات الإنسانية ودعا إليها، خصوصا ما يتعلق منها بالصداقة، فجاءت أحاديث لرسول الله صلي الله عليه وسلم تتحدث عن هذا الأمور، قوله: "المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل"، وقوله: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك وإمّا أن تبتاع منه وإمّا أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإمّا أن تجد منه ريحًا خبيثة".
وضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم أعظم الأمثلة عن الصداقة في معناها الأنقي بصداقته للصديق أبي بكر، فكان الأخير خير عون لصديق عمره في كل المواقف التي واجهته عندما أعلن عن نبوته ووقف يتحدي ملأ قريش، فكان الصّدّيق الصديق الوفي للرسول صلي الله عليه وسلم في كل المواقف، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم نعم الصديق الذي يرعي صديقه في مواقف تمتحن فيها القلوب }إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا{ (التوبة:40).
ومن الصفات التي ينبغي أن يتحلي بها الصديق حتي يكون صديقًا صالحاً؛ الوفاء والأمانة في إسداء النصيحة، والصدق مع الصاحب، والبذل والثناء، ولابد من التوافق النفسي بين الأصدقاء والبحث عن المشترك الذي يجمع ولا يفرِّق، ولابد من البعد عن صديق السوء الذي يسعي في الضلال، فعلي الصديق أن يكون كاتم أسرار صديقه ومرآته التي يري فيها نفسه بحلوها ومرها.
رعاية الوالدين
وضع الإسلام قواعد تنظيمية واضحة في التعامل مع الوالدين ورعايتهما، ففضلا عن مكانتهما الرفيعة في القرآن التي تجعل عقوبة عقوقهما تالية علي الكفر بالله مباشرة، اهتم القرآن بالتفاصيل الصغيرة ووضع آدابا عامة للتحدث مع الوالدين ورعايتهما، فيقول سبحانه وتعالي: } وَقَضَي رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا{(الإسراء: 23).
هكذا في بضع كلمات قليلة جاءت القاعدة الربانية لتحدد قواعد التحدث مع الوالدين، فجاء الإحسان نكرة ليشمل جميع أوجه الإحسان، فيما جاء الحكم في أقل ما يمكن أن يصدر عن المرء للتعبير عن الاستياء وهو التأفيف، فجاء النهي عنه بمثابة نهي عن جميع أشكال العنف اللفظي أو مجرد رفع الصوت في وجهيهما، خاصة أن الأمر مقرون بالنهي عن نهرهما أي التعنيف لهما في القول، وتختتم الآية بالقاعدة الذهبية وهي أن تقول لهما قولا كريما، هكذا حدد الرحمن سبحانه قواعد الحديث مع الوالدين التي تتضمن بشاشة الوجه ولين الخطاب والبعد عن غليظ القول.
وجعل الله سبحانه وتعالي بر الوالدين والإحسان إليهما مقرونا بعبادته، في قوله تعالي: }قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا{ (الأنعام: 151)، ورفض الإسلام عقوق الوالدين بأي شكل من الأشكال أو تبريرها تحت أي ظرف.