صاحب خلق ودين.. وأهلي يرفضونه!

استشارات
طبوغرافي

بقلم: سمية رمضان
المستشار الأسري

%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1%d9%87-%d8%b3%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%b1%d9%85%d8%b6%d8%a7%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%aa%d8%a7%d8%ad-copy

أنا فتاة في الخامسة والعشرين من عمري، خريجة لإحدى الكليات النظرية، تقدم لي شاب يكبرني بسنتين، وهو على خلق ودين، ولكن أهلي طلبوا بعض الأشياء التي لا أراها مهمة، فقد طلبوا مهرًا كبيرًا، وشبكة مبالغًا فيها، وهو ما زال في مقتبل العمر، ويعتمد على نفسه في تحمل تكاليف الزواج دون مساعدة أحد من أهله، وأنا احترمت فيه إحساسه بالمسئولية، وعندما تحدثت مع أهلي قالوا لي أنهم حريصون عليَّ وعلى سعادتي وراحتي في المستقبل، وأخبروني أنهم أيضا سيتحملون الكثير والكثير من النفقات والتكاليف من أجل إتمام هذا الزواج، وأن مثيلاتي من العائلة كلهن تزوجن بنفس الطريقة، والآن أنا في حيرة من أمري، فهذا العريس على خلق ودين، وأنا أيضًا موظفة في وظيفة تدر مبلغًا كبيرًا، ويمكننا أن نتعاون معًا في المستقبل، فأنا مقتنعة بهذا العريس الذي أشاد الجميع بأخلاقه ودينه، وفي نفس الوقت أخاف أن تكون نظرتي للأمور غير صحيحة، فخبروني ماذا أفعل؟!

أهلا بكِ ومرحبا أختي الفاضلة ذات الخمسة والعشرين ربيعًا، ونرحب بكِ ضيفة عزيزة على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم، ونشكر لكِ ثقتك بنا، ولنبدأ معكِ في التفكير بهدوء وموضوعية.

أولاً: معكِ حقٌ يا أختي أن صاحب الخلق والدين مقدم على غيره، فالخلق والدين هما الأساس لأي حياة زوجية سعيدة وناجحة، فصاحب الخلق والدين سيكرمكِ حتما فيما بعد، ولن يظلمكِ لأنه سيتقي الله فيكِ، وأنا أحييكِ على هذا النضج في التفكير لفتاة في مثل سنك.

veu-islam-620x330

ثانيًا: كوني على يقين أن والديكِ هما أحرص الناس على مصلحتك وسعادتك في المستقبل، وهما يفعلان ذلك، ويضعان هذه الشروط من أجل ضمان مستقبلك، فاحرصي على الاسترشاد برأيهما، فبالطبع هما أكثر حكمة وخبرة في الحياة منكِ، ولكن هذا لا يعني عدم مناقشتهما في الأمر، على العكس حبيبتي، تناقشي معهما، وحاولي أن تتوصلي معهما لحل مرضي لجميع الأطراف، فلا مانع من شبكة ومهر، ولكن دون مغالاة أو شطط، قولي لهم : سنجهز الضروري فقط والذي نحتاجه في بداية حياتنا، فليس من الضروري أو الحتمي الصالون المذهب، أو حجرة الأطفال الكاملة، أو غيرها من المظاهر التي تثقل كاهل الطرفين، وكذلك أنتِ لا ترهقي أهلك في أشياء ستخزن في الدواليب لسنوات دون استخدام، أو داخل النيش للعرض فقط وليست للاستخدام.

ثالثًا: علينا أن نتفق أن هناك حدًا أدنى لا تصلح الحياة الزوجية بدونه، والآباء لهم رؤية في ذلك، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن شرط الزواج الباءة، فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، والباءة معناها القدرة، ومنها القدرة المادية على نفقات الزواج، أو على نفقات المعيشة بعد الزواج، ومن رسالتكِ– حبيبتي- علمتِ أنك تعملين وكذلك هذا العريس، ويمكنكما أن تساهما معا في تكاليف الزواج وفي النفقات فيما بعد، فحاولي التيسير ولكن دون تنازل عن الحد الأدنى، وحاولي استرضاء أهلك، ومناقشتهم بهدوء وتوصيل وجهة نظرك.

images_5p4y

حبيبتي.. عليكِ بالاستشارة والاستخارة، وسيقدر الله لكِ حتما الخير حيث كان، فلو كان الخير في هذا العريس فستجدين الأمور ميسرة إن شاء الله، وإن كان هذا الزواج شرًا لكِ فسيعوضك الله بما فيه الخير لكِ، وكون على يقين أن الله يقدر لنا الخير دائما، فأقدار الله دائما فيها الخير كل الخير.

أخيرا حبيبتي.. أتتني رسالتك وأنا أجهز مع مجموعة من الأفاضل من أبناء قريتي لحملة لتيسير الزواج تحت عنوان: زواج بلا مشقة! وهذه الحملة تهدف إلى التيسير على المقبلين والمقبلات على الزواج، وقد وضع القائمون على الحملة بعض الأفكار منها:
التيسير في الشبكة والمهر، فالشبكة هدية من العريس للعروسة لا يحدد أهل العروسة قيمتها، وفي حالة عدم استطاعة العريس توفير شبكة كبيرة يقدم: خاتما ومحبسا ودبلة، ويكتب للعروسة في القائمة (خمسة وعشرين ألف جنيه) كتعويض لقيمة ذهب الشبكة.

إلغاء النيش بكل ما يحتويه من أدوات عن الطرفين
الاكتفاء بحجرة نوم وحجرة أنتريه وسفرة صغيرة كبداية
لا يتم استعراض جهاز العروسين في الشارع ، بل يتم تغطية الجهاز وتوصيله إلى بيت الزوجية في السر
وغيرها من الأفكار التي أراها تصب في مصلحة التيسير على الطرفين، فقد لاحظنا أن معظم الزيجات تبدأ بالقسط والدَّيْن، وأحيانا يستدين الأب ليزوج ابنته، ويستدين العريس ليتم الزواج، وما زادت نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج إلا بسبب التشديد والمغالاة في المهور.

حبيبتي.. لم تكن قريتي الوحيدة هي صاحبة مبادرة: زواج بلا مشقة. بل هناك مئات المبادرات لقرى كاملة في مصر، لزواج بلا شبكة، أو زواج بلا مغالاة، ويمكنك متابعة تلك المبادرات من خلال البحث في الشبكة العنكبوتية أو من خلال البرامج اليومية في الإذاعة والتليفزيون.

وأخيرًا.. رسالة إلى جميع القراء في الوطن العربي والإسلامي.. يسروا ولا تعسروا، فالزواج ليس صفقة تجارية فيها رابح وخاسر، بل هو حياة كاملة قائمة على المودة والرحمة والتعاون والتكامل، أصلح الله بيوتنا التي هي نواة المجتمع الصالح.. آمين