شبابنا والعمل المنتج

تنمية بشرية
طبوغرافي

الكاتب الكبير /
صلاح المعداوي

نعم شبابنا يفتقد العمل المنتج وهذا ببساطة لأنه يرى النجاح والنجومية لهما أبواب أخرى من وجهة نظره مع أيامنا " الحلوة هذه " "النجاح عند شبابنا يعنى تلاتين تلاف جنيه والحته الكوبيه والموبايل وما أعرفش أبصر إيه وأصبحت تلك الرموز هي " الموديل " أو القيم التى يسعى إليها شبابنا أو قل هي الأوهام التى يمثلها ويراها واقعا فى حياة قلة من أولاد وبنات مغامرى السبعينيات الذين تغيرت صفة أغلبهم حاليا إلى ما يطلق عليه رجال الأعمال ولست ضد رجال الأعمال الذين يعملون أعمالا بالفعل لأنهم قيمة اجتماعية ورموز اقتصادية ولهم دورهم الأساسى فى إرساء دعائم الاقتصاد الوطنى، ولكن ليس كل رجال الأعمال رجال أعمال بصحيح ، عموما مقالى ليس جوهره عن رجال الأعمال إنما عن افتقاد شباب مصر لقيم العمل المنتج فليس المهم عندهم حاليا العمل نفسه ولكن الأهم عندهم هى فلوسه كم ، ولهم بعض العذر لأن تكاليف الحياة أصبحت فوق طاقة الجميع ، وليس مهما كيف ، الأهم جدا هذا الكم من الفلوس الذى قد يحصلون عليه.. وعلى فكرة.. مصر لسه بخير ، يعنى لسه عندنا ناس جادة ومخلصة لما تعمله ومؤمنة بما تفعله وقنوعة بما يدره عليهم من بعض "الستر" ولكنهم ليسوا نجوما لهذا الزمان ولن يكونوا...


زمان كان المدرس الإلزامي في قريتنا ينادى بالأستاذ... وكان نجما في القرية تقديرا لعلمه وعمله ولكن اختلف الآن ، فنجم القرية الآن هو " الهليب " اللى بيعرف يجيب القرش وبالقرش يشترى ما يريد ومن يريد "..


زمان كان المهندس مهندس بصحيح خريج مدرسة المهندسخانه "كلية الهندسة الآن " وكان محترما ونجما اجتماعيا والآن كل الناس مهندسين وباشمهندسين كمان ، من سواق التاكسي إلى السمكرى والقيومجى و "الكشرجى " نسبة إلى بائعي الكشري.


زمان كان الطبيب دكتور بصحيح...طبيب متخرج من كلية الطب أو أستاذ في الجامعة وكان محترما ونجما اجتماعيا ولكن في زماننا هذا أصبح حاملو الدكتوراه أكثر من حاملي الابتدائية وبعضهم يعمل في "الأعمال إياها " وأصبحت الدكتوراه موضة..وبعضهم حاملي هذه الدكتوراهات من بلاد تركب الأفيال وبعضهم لا يعرف حرفا مما قدمه وحصل به على الدكتوراه إياها ، يعنى حاصلون على دكتوراه مضروبة...وغالبية خلق الله أصبحوا دكاترة في إيه ومن الذى منحهم هذا اللقب لا ندرى ولن تدري.


زمان واحنا عيال كان أطفال ذلك الزمان يقولون لما أكبر حابقى دكتور أو ضابط أو مهندس وأطفال " أيامنا الحلوة " الآن تسألهم فيقولون حاطلع لعيب كوره والبنت تتقصع وتقول حاطلع رقاصة وأهلها يفرحوا أوى وكر يا ضحك..." مع احترامي وانبهاري بكل لاعبى الكرة ومديريها الأكابر والراقصات المليونيرات أيضا " المسألة أنه لم يعد للعمل المنتج المفيد قيمة ومن هنا افتقد الشباب قيم العمل المنتج الذى تعم فوائده وتفيض على المجتمع بالخير والنماء ،أقول " افتقاد" وليس " انعدام " ،فأنا شديد التفاؤل...وأعتقد أن ما نمر به في هذا المجال هى "إغفاءة " سوف نستعيد بعدها للعمل المنتج قيمته وسيعرف أولادنا أن الأهم هى قيمة العمل ذاتها...وأحب أن أشير هنا إلى دعوة يتبناها ويحارب من أجلها الدكتور نعيم أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس والمفكر الاجتماعى الكبير وجيل من تلامذته منهم الدكتورة ناديه رضوان صاحبة كتاب الشباب المصرى وأزمة القيم...إنهم يحاربون من أجل إعادة التوازن إلى المجتمع بعد القتل المتعمد للطبقة الوسطى...يحاضرون ويكتبون ويواصلون رسالتهم النبيلة بقناعة عظيمة وأنا أضم صوتى المتواضع إلى تيارهم الفكرى العظيم...لعل وعسى.