د. زينب طلعت
الكاتبة والإعلامية
قال الله تعالى(( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري لمن سأله عن الساعة: «إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة»؟
والكلام بغير علمٍ أصلُ الشركِ والكفر وأساسُ البدع والعصيان، ولقدْ رأيتُ كما رأى غيري من جرأةٍ في الكلام في دينِ الله، في مُدلهمّ المسائلِ وخطيرِ القضايا، رأيتُ شيئاً يغيظُ المؤمنين ! فإنكَ تجدُ عجباً من تطاولٍ على الكلامِ في دينِ الله.
والجهل كما يقول العلماء، هو عكس العلم، وجهلَ الأمر يعني خفيَ عنه، والجهل في الاصطلاح العلمي يقسم إلى ثلاثة أقسام، جهل بسيط وهو فهم مسألة ما دون إحاطة كاملة، وجهل كامل وهو خلاف العلم بالمسألة أي إن صاحبها لا يعلم من المسألة شيئا، وجهل مركب وهو أسوء أنواع الجهل، ويعني فهم الأمر خلاف ما هو عليه، ولطالما كتب المفكرون عن الثقافة وقدرتها على تنظيم حياة المجتمع، ودفعهم نحو آفاق التطور والتحديث المستمر، حتى أن بعضهم قال اذا صحَّت الثقافة تصح معها مجالات الحياة كافة، ويصح العكس تماما، ومن هنا نجد أنه طفا على سطح مجتمعنا طوائف رخوة متعددة طائفة تنصب نفسها للتفيقه في الدين وهم غير دارسين للعلوم الشرعية ولا الدينية ولا يعلموا شيئاً عن صحيح الدين لذا ليس عجباً أن تجد منهم من يدعي نفسه نبياً، والآخر ابن نبياً، والآخر من العشرة المبشرين بالجنة، والآخر يكفر هذا ويحل دم هذا والكل رافعاً شعار حيا على التشرذم والتفكك المجتمعي والفتنة الطائفية
وطائفة آخرى ليس لها علاقة بالسياسة وغير دارسين للعلوم السياسية ولا الاقتصادية ونجدهم ينصبون أنفسهم محللين للأوضاع السياسية في البلد، وتصل الجرأة بهم مع الجهل على التعقيب على القرارات السياسية، والقرارات الاقتصادية،
ومن ثم هؤلاء يرفعون شعار حيا على الانقسام المجتمعي، حيا على العبث بالأمن القومي للبلد ولا يعرف هؤلاء أن الجهل السياسي هو أخطر أنواع الجهل، كونه يصيب صنّاع القرار ويدغدغ عواطف العامة من الناس دون فهم ودون وعي فيجد نفسه يصوب سهم لسانه المسمم بالجهل ليصيب الأمن القومي للبلد، لسنا ضد الاجتهاد في الدين، والاجتهاد للعلماء مرحباً به، و للجهلاء نتصدى له، ولسنا بصدد حرية التعبير عن الرأي ولكن كن أهل للكلام في السياسة حتى تصيب الهدف إذا كان هدفك فعلاً سامي تبتغي به وجه الله تعالى ومصلحة بلدك، والأمر واضح جداً وتمثيله سهل جداً، لو نظر أهل المريض ممن هم ليسوا متخصصين في مجال الطب والجراحة ووجدوا الجراح يفتح بالمشرط بطن المريض والمريض ينزف دماً، سيعلون بالصراخ كفى ستقتله، ماذا تصنع به، ولو رأى المشهد طبيب جراح لفهم أن زميله يستخرج الزائدة الدودية التي أوشكت على الانفجار وينقذ المريض من الموت؛ لذا على كل إنسان أن يترك غيره يعمل في ميدانه ويركز في عمله الذي هو متخصص به، ويتقي الله تعالى في عمله، ولا ينظر في عمل غيره وهو غير أهل لهذا العمل، فلو كان هدف كل فرد في المجتمع الانشغال بعمله (فهمه وإتقانه وتطويره )، وعدم عرقلة الناجحين في مواقعهم وتركهم يستكملون خارطة الطريق سنصل بمصر لبر الأمان.