د.سامح مختار المحاضر
والمدرب الدولي
حلقت بعقلى فى سماء التفكر وحركت جناحى الشوق إلى التدبر- بمنتهى الإنسيابية-لأنهمك فى فهم المعنى الحقيقى العميق لما تحمله كلمة ( أخ ) فوجدتها كلمة سحرية غيرت أحوال كل من وعى معناها وشعر بأهمية ما تحويه رغم قلة حروفها.. كلمة نقلت أخ إلى مجد الدنيا والآخرة وعزهما.. ونقلت أخ من مواطن الكيد والظلم والبغى والمكائد إلى مواطن العزة والكرامة والطمأنينة والأمان .
(وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي )- قالها موسى عليه السلام- طالبا العون من ربه على المهام الجسام الموشك على القيام بها.. فأصبح هارون رسولا يساند أخاه موسى(عليهما السلام) .. أى حب هذا ؟!
(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)- قالها يوسف عليه السلام - ليطمئن أخاه بينيامين ثم قام بالترتيبات اللازمة ليبقى أخاه معه ويحميه ويرعاه.
ما أجمل هذا الحب العميق الصادق الخالى من أغراض الدنيا والمال وتبادل المصالح إلا أن يكون احتياجا للشخص ذاته. للدم الذى يجرى بعروقهما للسند الذى يمنح الإطمئنان لهما، للراحة والثقة فى آن واحد فى مواجهة أخطار ومشاكل الدنيا بيدين متشابكتين .
وما أسوأ أن يكون المشهد مختلفا فينقلب قابيل على هابيل فتطوع له نفسه قتل أخيه لمطامع دنيوية، أو يتفرق الأخوان فى اتباع المنهج فيضل أحدهما ويهتدى الأخر فيدخل أبو لهب بن عبد المطلب النار ويدخل أخوه حمزة (رضى الله عنه) الجنة .
فإن وفقنا فى إخوتنا من الدم فبها ونعمت، وإن لم نوفق فعلينا بالبحث والتدقيق لاختيار إخوة فى الله (بشرط أن تكون أخوة فى الله قائمة على حب خالص لله ) .
ورحم الله الشاعر إذ يقول :
وأخ الزمان إذا ظفرت بمثله
فاشدد عليه يدا ولا تتردد
ما جادت الأزمان مثل أخوة
لله تصفو دون أى مقصد
فاختر طريقك واختر أخاك واستمتع بنوع راقى وجميل وعذب وعميق ورائع من أنواع الحب وهو حبك لأخيك وحب أخيك لك .
فما أجمل مقولة رسول العزم موسى عليه السلام ، وما أروع مقولة من جعل على خزائن الأرض وكان حفيظا عليما يوسف عليه السلام .
وسلام على هارون عليه السلام حين أحب أخاه وكان له ردءا يصدقه وسلام على بينيامين الذى استحق حب أخيه وسلام على كل ( أخ ) أحب ويحب وسيحب أخاه حبا يرتقى بكليهما إلى أعلى عليين وإلى مجد الدنيا والآخرة وعزهما .
اللهم ارزقنا وإخواننا ( حبا ) كحب موسى وهارون عليهما السلام ، وودا كود يوسف عليه السلام وبنيامين.