اجعل لحياتك قيمة

تنمية بشرية
طبوغرافي

 

د.عبير ناصف

خبيرة التنمية البشرية

 

لقد خلق الله الانسان وكرمه بكثير من النعم ليحيا حياه كريمة وأول هذه النعم الذي ساوى الله بين عباده فيها هي نعمة العقل وترك لكل إنسان حرية التفكير والتحكم بتلك الأفكار ومسارها لتنتهي به حيث أراد هو فكل انسان مخير في تحديد طريقه الذي يتحكم فيه مستوى ونوعيه تفكيره .

ولكن للأسف أن هناك كثير من البشر لا يدركون طاقاتهم وقدراتهم الحقيقة التي خلقها الله فيهم لتغيير حياتهم إلى أفضل حال فنلاحظ أن الكثير من الشباب من الجنسين ذكورا أو إناث يفتقد الحماس والمتعة بالحياة ويعيش بلا أي أهداف وعندما تسأله عن هدفه بالحياة فلا تجد عنده أي إجابة ويحدثك عن الظروف الصعبة والبيئة الخارجية المليئة بالمشاكل والضغوط والتي تقف حائلا بينه وبين سعادته في الدنيا في اعتقاده ,, للأسف هؤلاء الشباب لا يدركون أن قيمة الانسان الحقيقية تكمن في حصوله على السعادة التي يصنعها لنفسه عندما يستطيع الوصول إلى ما يتنماه  .

لماذ يشعر الكثير من الشباب باليأس والإحباط ؟

نتسائل دائما عن المشاعر السلبية التي تصيب الكثير والشباب خاصة كاليأس والإحباط واللامبالاة التي يعيشون فيها حتى لو كانت ظروف البعض منهم جيدة ويمتلكون حياة مرفهة لماذا كل هذا الإحباط ؟

 لما كل هذا الفتور وضعف الشخصية ؟  وضعف الثقة بالنفس الذي يفقدهم قيمة الحياة والمتعة والسعادة بما يمتلكوه من نعم ؟

والإجابة هنا تكمن في أن الانسان الذي يعيش بلا هدف يسعى لتحقيقه لا يشعر بقيمة نفسه وأهميته في الحياه ويشعر أنه بلا فائدة وعالة على المجتمع فيصبح كالذي يتخبط في الظلام بلا رؤية واضحة فتختلط عليه الكثير من الأمور والأفكار التي تؤكد له أنه بلا قيمة وتسيطر تلك الأفكار السلبية على مشاعره مؤثره على سلوكه فيصبح بالفعل شخصية سلبية تمتلك معظم صفات الشخص السلبي.

أفكارك هي سر نجاحك :

كل إنجاز أو نجاح حققه الانسان في حياته أو هدف تمنى تحقيقه كان في البداية مجرد فكره خطرت بباله وتحولت إلى مشاعر أحبت واقتنعت بتلك الفكرة فتحولت إلى سلوك إيجابي وهو الشروع في تحقيق الهدف ثم تتحول إلى نتيجة السلوك وهو نجاح الفكرة أو تحقيق الهدف .

فالشعور بتقدير قيمة الإنسان تظهر في إنجازاته ومدى استفادة الآخرين بأفكاره ووجوده فالنجاح الذي يصنعه لا يقتصر على نجاحه الشخصي وإنما يشمل آخرين معه ليستفيدوا من أفكاره الإيجابية .

إذن مستوى تفكير له الدور الأكبر في نجاحك فكلما ازدادت معرفتك واهتمامك بالقراء والتدريب واهتمامك بالنشاطات الاجتماعية  كلما ازدادت سعة أفكارك وشملت الكثير من المعلومات التي تساعدك في تحديد أهدافك إذا كنت لا تملك هدفا بعينه فتحديد الهدف يسهل عملية تحقيقه .

لا بد من وضوح الهدف :

يعتقد الكثير أنه لديه أهداف ولكنها قد تكون أهدافا غير واضحة وأهداف بلا معنى ولا فائدة، فاذا كنت ترغب في تحقيق شيء بعينه لا بد وأن يكن واضحا ومحدد أمامك عينك قدر الإمكان، فكلما كان هدفك أكثر وضوحا وكلما كنت مقتنعا ومؤمن به كلما كانت قدرتك وطاقتك اكبر وتساعدك في الحصول عليه وتتشكل هذه الطاقة لتصنع لك جدار حماية بينك وبين كل عوامل الفشل أو المعوقات التي تقابلها اثناء تحقيق الهدف .

استغل طاقتك قبل أن تستغلك :

يملك الإنسان طاقة هائلة تختلف تدريجيا حسب مراحل عمره ابتداء من مرحلة الطفولة فتجد الطفل يتحرك هنا وهناك بنشاط مفرط ولا يدري ما الذي يستفيده أو يفعله من تلك التصرفات ولكنها تلك الطاقة الخفية التي تحركه دون وعي فان لم يجد توجيه من الكبار أو شيء يفعله لتفريغ تلك الشحنات تراه يسلك سلوكيات خاطئة ليفرغ تلك الطاقة دون مبالاة بالتهديد أو العقاب .

وكذلك الشباب فقد متعهم الله بالطاقة المفعمة بالحيوية والنشاط والشجاعة وجرأة الإقدام وهذه الطاقة تحرك مشاعر الشباب وتتلاعب بها في كل الاتجاهات باحثة عن مصدرا ما لتفريغ تلك الطاقات فإن لم يستطع الشاب التحكم بمسارأفكاره وإيجاد هدف ما يساعده على النجاح وتطوير حياته للأفضل مستغلا تلك الطاقة فان هذه الطاقة تتشكل وتتحد لتعمل ضده فتنفجر في سلوكيات سلبية غير مفيدة وربما كانت أكثر ضررا له وقد يتوهم انه يجد راحته فيها ولكن الحقيقة هي شعوره براحة وهمية مؤقته نتيجة للتنفيث عن تلك الطاقة المهدرة في سلوك سلبي وبلا هدف ولا شيء مفيد على الاطلاق ينفع به نفسه والآخرين فتتجمع بداخله المشاعر السلبية التي تشعره بالندم والحزن وفقدان الثقة بالنفس وقيمة الحياه وأحيانا الإصابة باكتئاب والامراض النفسية .

فالحياة مفتوحة للجميع وعليك أن تختار طريقك وإدارتك لحياتك

فربما تكون شخص متفائل وتشعر بالهدوء والراحة بحياتك فتعتقد أنك لا تحتاج إلى أهداف وتعيش الحياه الروتينية دون تفكير

ولا تعلم أن قد يتغير مسار حياتك بالكامل عندما تقرر استغلال طاقة عقلك بفكرة ما أو هدف تتحدى ذاتك في تحقيقه حتى تشعر بالمتعة الحقيقة للنجاح .

كيف تضع هدفا لك ؟

عليك أن تتفهم، أن الانسان بلا هدف كورقة الشجر تتلاعب بها الرياح كيفما تشاء فعليك أن تصنع الأهداف التي تتناسب مع طبيعة تفكيرك حتى تستطيع توظيف طاقتك وقدراتك التي وهبها الله لك فالقيمة الحقيقة لكل شيء هي بمدى منفعة الناس به واحتياجهم اليه

فعليك أن تجلس مع نفسك في هدوء تام وتحضر ورقة وقلم تساعدك على تركيز أكثر وأسأل نفسك تلك التساؤلات، التي مهمتها تحريك الأفكار داخل عقلك بشكل أوضح واعمق .

ما هي الأشياء الإيجابية الموجودة في حياتك وماذا يجب عليك للحفاظ عليها ؟

ماهي المشاكل التي تضايقك وما هو تصورك للتخلص منها ؟

ما هي الأشياء التي تتمنى تحقيقها وهل يمكن تحقيقها من وجهة نظرك أم لا ؟

ما هي مكانتك وسط عائلتك وبين أخوتك واصدقائك ؟

ما هو دورك تجاه أسرتك وهل تعتقد عليك دورا آخر يمكنك القيام به ؟

مجموعة من الأسئلة التي وظيفتها تحريك كل الملفات الراكدة بعقلك الباطن مجرد التفكير فيها مهما كانت ردودك وإجاباتك ستجد اثناء المحاولة في الإجابة عليها شعاع من النور يظهر لك بين طيات تلك الأفكار ويحرك مشاعرك بامنيات تتمنى تحقيقها وعندما تمسك احدها وتجد تركيزك الأكثر عليه اعلم انك وجدت هدفا تبدأ به طريقك الجديد للنجاح فتمسك به جيدا وتخيل نهاية الطرق قبل ان تبدأ واستشعر سعادتك عند الحصول عليه حتى تستحضر الطاقة التحفيزية التي تساعدك في الوصول إلى هدفك .